Page 113 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 113
نون النسوة 1 1 1
ترضيه إذا فعلتها صارت غير مفيدة ،وهنا تؤشر فعلتها منذ عدة أشهر ،وأصبحت لي ردود الأفعال
القصة بنعومة شديدة إلى قيمة دلالية تهمس بها التي كان يتمناها زوجي بالضبط ،لم أعد أعارضه
وهي أن العلاقات الزوجية أحيا ًنا ما تسقط في بئر أو أناقشه في شيء ،والجيد أني أصبحت أفعل هذا
من العبثية وغياب المنطق والصراع اللانهائي بين
دون إحساس بالضيق أو الإجبار .المشكلة أنني
طرفين غير متوائمين أو غير واضحين ،وربما كنت لا أعرف دو ًما ما هي ردة الفعل المناسبة
يكون ذلك بنسبة كبيرة لكون المرأة بالأساس التي ينتظرها مني في كل مرة ،حين كنت أصمت
كائنًا صامتًا وليس من حقه أن يعبر عن موقفه كان ينفعل ،وحين كنت أجادله ينفعل أي ًضا ،كان
بوضوح وكما يجب ،وأن صوتها غائب في أكثر كثي ًرا ما يصفني بالغباء وأنني لا ألتزم الصمت إلا
في الوقت الذي لا يصلح لذلك ،حاولت أن أصدق
الأحيان .ولهذا فإنه في ظل هذه العبثية نجد كل ما يقوله ،ولكن تلك الطريقة لم تعجبه أي ًضا.
المعاني تتوالد من بعضها على نحو متضاد أو جربيها وستشعرين أنك قد أصبحت أكثر حرية
غرائبي هو الآخر وغير منطقي ،فالحرية تنتج عن
قمة الاستلاب ،وكل معنى إنما يثمر نقيضه أو وخفة».
ما لا يتوقع منه أب ًدا ،وهذا ما يبدو نس ًقا ثابتًا في فالحقيقة أن هذه الوصفة التي تنقلها صديقة
كافة النصوص ،ويمتد رو ًحا راسخة في خطابها لصديقتها هي بالأساس لا وصفة ،هي حال من
العبث ،لأن الزوج وفق هذا المنطق الهزلي الساخر
السردي من البداية للنهاية. الذي يعرضه السرد هو بالأساس كائن لا يمكن
تبدو المرأة في بعض الحالات أسيرة لهيمنة التشيؤ أن يرضى بأي شيء ،حتى الأشياء التي كان
يريدها أو يطلبها وهي محددة بأنها تسعده أو
والمادية ،فهي أقرب لأن تكون آلة أو شيئًا ماد ًّيا
من الأدوات أو الأجهزة المنزلية ،ومجبرة على
الدوام أن تكون وعا ًء أو فضا ًء وساحة للآخر
بكل أنواعه ومساحاته ،وقد يكون هو الأخ الذي
يتركها وينشغل عنها نهائيًّا ،ثم تتحول هي إلى
التعطل والفراغ أو العنوسة مث ًل ،أو ربما يكون
الأب أو الابن وبالطبع هو الزوج ،فتكون هذه
هي وضعيات المرأة المأساوية التي صورتها
شيرين فتحي على نحو بالغ الطرافة والدهشة
والتجديد في التناول والمغايرة ،في الإحساس بها
وفق أنماط ونماذج من الألعاب السردية التي
كانت مغرمة باللعبة الجمالية والأثر الجمالي
للكتابة بدرجة أكبر من الموضوعات ،أو من إثارة
المشاعر بهذه الموضوعات أو استغلالها على نحو
عاطفي فيه استدرار لمشاعر الحزن أو الألم لدى
المتلقي ،بل على النقيض كانت قادرة على منحه
التسلية والمتابعة بالتشويق والفنتازيا أو الغرائبية
والمفاجآت والألعاب السردية والمشاهد الجديدة
أو الطازجة في تخييلها ولغتها .والحقيقة هي
مجموعة قصصية ثرية على المستويين الجمالي
والدلالي وجديرة بالقراءة والتأويل والدرس
وتحتاج إلى مزيد من الاهتمام