Page 110 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 110

‫العـدد ‪25‬‬    ‫‪108‬‬

                                                    ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

                                                                ‫د‪.‬محمد سليم شوشة‬

               ‫رأس مستعمل للبيع‪..‬‬
‫جماليات الفنتازيا وشعرية المفارقات‬

      ‫بكل ما فيه من قضايا ظاهرة وبارزة تشكل‬          ‫المجموعة القصصية «رأس مستعمل للبيع»‬
‫ضغ ًطا على وعي الساردة‪ ،‬أو حتى منشئة الخطاب‬
 ‫السردي من حالات القهر والاستغلال والتسخير‬         ‫للقاصة المصرية شيرين فتحي تمثل حالة سردية‬
                                                       ‫خاصة وثرية على المستويين الجمالي والدلالي‪،‬‬
  ‫للمرأة‪ ،‬ولهذا قاربت حالات من التحرش وبعض‬
    ‫العلاقات الأسرية والزوجية التي يحضر فيها‬       ‫ولذا فهي واحدة من المجموعات القصصية المهمة‪،‬‬
   ‫الرجل بوصفه مجرد آخر بلا اسم كما لو كان‬          ‫ففي مستوى الجماليات التي تنتجها قصص هذه‬
                            ‫محت ًّل أو أقرب لهذا‪.‬‬  ‫المجموعة فإننا نجد نس ًقا ثابتًا وراس ًخا لديها وهو‬
                                                   ‫المتمثل في الفنتازيا أو تلك الغرائبية التي تنتج عن‬
 ‫تقارب قصص هذه المجموعة حالات إنسانية عدة‬          ‫دراما الصراع والشد والجذب بين الرجل والمرأة‪،‬‬
    ‫للبنت (البنوتة) الصغيرة بوعيها الطفولي التي‬      ‫والناتجة كذلك عن الفجوة بين التخييل والواقع‪،‬‬

 ‫أصبحت بعد ذلك زو ًجا وأ ًّما‪ ،‬ورصدت وجسدت‬                ‫أو بالأحرى التاتجة عن الفجوة بين الواقع‬
    ‫هذه القصص حالات الأخت مع أخيها والبنت‬            ‫والخيال الذي ترجوه الأنثى لذاتها من مساحات‬
    ‫مع أمها وأبيها والزوجة مع زوجها والأم مع‬       ‫رحبة تريد أن تحلق فيها وتتسامى وترسم حدود‬
                                                    ‫علاقتها بالعالم والرجل بشكل خاص‪ ،‬وفق إطار‬
   ‫ابنها‪ ،‬وهو ما يعني أنها رسمت وقاربت تقريبًا‬
      ‫كافة علاقات الأنثى ووضعياتها في المجتمع‪،‬‬           ‫يبدو مثاليًّا من الرومانسية والرقة والتكامل‬
                                                       ‫والتعاون بينهما‪ ،‬في حين أن الواقع يكون على‬
  ‫وفي الغالب كانت هناك حالات القهر والاستلاب‬        ‫النقيض من ذلك تما ًما‪ ،‬فلا يكون من الرجل غير‬
  ‫والعنف ضدها حاضرة في كافة هذه الوضعيات‬            ‫ممارسات من الاستلاب لوعيها وجسدها وذاتها‬
                                                       ‫وأفكارها‪ ،‬ويريد تحويلها لمجرد آلة للجنس أو‬
        ‫والمراحل‪ ،‬وإذا كان الزوج يهيمن بسطوته‬       ‫المتعة أو العمل أو المساعدة في بعض المهام‪ ،‬ولهذا‬
  ‫وقوته على مرحلة الزواج إلى جانب أعباء الحياة‬      ‫فإن هذه الرواية تقيم خ ًّطا فاص ًل شفي ًفا ورقي ًقا‬
                                                    ‫ج ًّدا بين عالم الفنتازيا القصصية أو المسرود عنه‬
      ‫ومشاغلها وصعابها‪ ،‬فإن مرحلة الطفولة لا‬        ‫في القصص‪ ،‬وبين مصدر هذا العالم وهو الواقع‬
    ‫تسلم هي الأخرى من عنف المعلمة في المدرسة‬
  ‫أو عنف الرجل المتحرش برغم علاقته بالأسرة‪،‬‬
   ‫سواء كانت علاقة صداقة أو قرابة‪ .‬لكن الأكثر‬
   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115