Page 119 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 119

‫‪117‬‬              ‫تجديد الخطاب‬

‫الشيخ محمد عبده‬  ‫جمال الدين الأفغاني‬  ‫سعد زغلول‬                         ‫مصر (‪١٨٨٢‬م)‪ ،‬وقدر لسعد‬
                                                                          ‫زغلول أن يت ّوج زعي ًما على‬
  ‫هناك‪ ،‬بعد نفي محمد عبده‪،‬‬               ‫(أصبح رئي ًسا للوزراء فيما‬      ‫الشرق كله‪ ،‬وأن يقود ثورة‬
 ‫وكانت جريدة العروة الوثقى‬                ‫بعد) في الوقت الذي كانت‬        ‫الشعب المصري في ‪١٩١٩‬م‪،‬‬
‫هي العمل الفكري الذي اجتمع‬                                               ‫وأن يصبح أول فلاح يحكم‬
                                             ‫مصر قد أصبحت تحت‬
    ‫فيه محمد عبده والأفغاني‬                 ‫الاحتلال البريطاني‪ ،‬بعد‬     ‫بلده في التاريخ‪ ،‬بعد دستور‬
     ‫وقاسم أمين‪ ،‬عم ًل فكر ًّيا‬        ‫هزيمة الجيش المصري‪ ،‬ونفي‬             ‫‪١٩٢٣‬م‪ ،‬فإن قاسم أمين‬
     ‫مواز ًيا للمقاومة المسلحة‬             ‫زعيم الثورة أحمد عرابي‪،‬‬         ‫ومحمد عبده ُق ّدر لهما أن‬
    ‫للاستعمار وبدي ًل لجيش‬                   ‫فأحدث الاحتلال خوا ًرا‬
    ‫عرابي الذي انهزم في التل‬             ‫وتراج ًعا في الروح الوطنية‪،‬‬  ‫يغادرا هذه الدنيا‪ ،‬لكنهما تركا‬
‫الكبير‪ ،‬كانت عظمة مصر أنها‬                 ‫وقد وصف مؤرخ الثورة‬            ‫أث ًرا خال ًدا لا يمحى‪ ،‬وفك ًرا‬
 ‫برغم الاحتلال أصبحت تملك‬               ‫العرابية عبد الرحمن الرافعي‬               ‫مستني ًرا لا ينسى‪.‬‬
 ‫قوة روحية استمدت بعضها‬                     ‫ذلك الحال‪ ،‬حيث ظهرت‬          ‫غادر محمد عبده دنيانا بعد‬
 ‫من الأزهر وفكر محمد عبده‪،‬‬                  ‫حالات النفاق للاستعمار‬          ‫أن ترك ترا ًثا مكتو ًبا بلغ‬
‫واستمدت بعضها من موروث‬                 ‫والتواطؤ معه إلى حد الخيانة‪،‬‬      ‫آلاف الصفحات‪ ،‬لكن قاسم‬
    ‫فكر الأفغاني‪ ،‬ومن قبلهما‬
   ‫خادم الوطن العظيم رفاعة‬                    ‫لكن أصحاب الهمم لم‬        ‫أمين الذي لحق به بعد ثلاث‬
                                       ‫ُتركعهم الهزيمة‪ ،‬ولا استطاع‬    ‫سنوات‪ ،‬لم يترك إلا ثلاثة كتب‬
                  ‫الطهطاوي‪.‬‬           ‫الاستعمار أن يف ّت في عضدهم‪،‬‬
 ‫رأى قاسم أمين وسمع وقرأ‬                                                 ‫وبضع مقالات وخطب‪ ،‬لكن‬
   ‫عن أحوال المرأة في أوروبا‪،‬‬             ‫فما تراجعت وطنيتهم‪ ،‬ولا‬      ‫فكره كان من العمق والصدق‬
 ‫ثم رأى بعينيه وسمع بأذنيه‬                  ‫خبا فكرهم القومي‪ ،‬ففي‬     ‫بحيث يوضع اليوم في مصاف‬
                                                                       ‫الكبار‪ ،‬ليس في مصر وحدها‪،‬‬
    ‫عن أحوال المرأة في مصر‪،‬‬             ‫تلك الأثناء التقى قاسم أمين‬
   ‫فشرع يدرس مسألة المرأة‬                    ‫بمحمد عبده في باريس‬                   ‫بل في العالم كله‪.‬‬
                                                                      ‫ولد قاسم أمين في الإسكندرية‪،‬‬
                                          ‫وأصبح المترجم الخاص به‬      ‫لأب تركي عثماني وأم مصرية‬

                                                                         ‫صعيدية‪ ،‬وتعلم في مدرسة‬
                                                                         ‫الحقوق‪ ،‬وابتعث إلى فرنسا‬
                                                                          ‫لدراسة القانون فتخرج في‬
                                                                          ‫جامعة مونبلييه‪ ،‬وعمل مع‬
                                                                          ‫أستاذه الفرنسي بالمحاماة‬

                                                                           ‫لبضعة أشهر‪ ،‬ثم عاد إلى‬
                                                                        ‫مصر في صيف عام ‪١٨٨٥‬م‪،‬‬
                                                                      ‫فعمل بالنيابة العامة‪ ،‬ثم أصبح‬
                                                                        ‫قاضيًا‪ ،‬فخبر الحياة العملية‪،‬‬

                                                                          ‫وعرف من قضايا الحقوق‬
                                                                        ‫للرجال والنساء ما لم يعرفه‬

                                                                          ‫غيره‪ ،‬ممن عاشوا يقرأون‬
                                                                       ‫ويحفظون ما يقرأون‪ ،‬وهم لا‬

                                                                            ‫يدرون عن الواقع شيئًا‪.‬‬
                                                                           ‫كان قاسم أمين قد التحق‬
                                                                         ‫بمكتب مصطفى فهمي باشا‬
   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124