Page 120 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 120

‫العـدد ‪25‬‬                          ‫‪118‬‬

                                    ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

     ‫وأرادت المرأة الجديدة أن‬       ‫كفلته لها الشريعة الإسلامية‬             ‫من ناحيتيها الاجتماعية‬
    ‫تتحرر من العبودية‪ ،‬وأبلغ‬       ‫الغ ّراء‪ .‬فكانت هذه طعنة قاسم‬           ‫والاقتصادية‪ ،‬مستن ًدا إلى‬
‫مظاهر العبودية تبعيتها للرجل‬                                            ‫مصدرين‪ :‬الشريعة‪ ،‬والفكر‬
  ‫والانصياع لرغباته ونزواته‪.‬‬        ‫أمين النجلاء في قلب معسكر‬            ‫الغربي‪ ،‬فقد كان من الذكاء‬
 ‫ظهرت في القرن التاسع عشر‬              ‫المستبدين بالمرأة‪ ،‬المنكرين‬          ‫والألمعية بحيث أدرك أن‬
    ‫كتابات لفلاسفة ومفكرين‬                                              ‫موضوع الشريعة وأحكامها‬
   ‫منهم كارل ماركس وجون‬            ‫لحقوقها‪ ،‬المتذرعين بالشريعة‬          ‫لا يصح أن يكون موضو ًعا‬
 ‫استيوارت ِم ْل‪ ،‬فنّدوا استعباد‬       ‫لاستغلالها‪ ،‬وحجبها خلف‬          ‫ثانو ًّيا‪ ،‬بل هو مربط الفرس في‬
  ‫المرأة واستغلالها اقتصاد ًّيا‪،‬‬                 ‫أسوار الحريم‪.‬‬          ‫مسألة حقوق المرأة المصرية‬
     ‫وتجاهل عملها وحقوقها‪،‬‬            ‫كان ر ُّد الفعل عني ًفا‪ ،‬متعدد‬
‫وظهر عمل أدبي اشتهر شهرة‬                  ‫الأطراف والزوايا‪ ،‬كتبًا‬           ‫المسلمة‪ ،‬فإذا كان الذين‬
    ‫عظيمة هو مسرحية «بيت‬              ‫ومقالات‪ ،‬وتح ُّرشات‪ ،‬حتى‬           ‫يستعبدون المرأة يستندون‬
 ‫ال ُّد ْمية» كتبها «هنريك إبسن»‬     ‫ُح ّرم على قاسم أمين دخول‬           ‫للشريعة‪ ،‬فليكن‪ ،‬تعالوا إ ًذا‬
    ‫الكاتب النرويجي الشهير‪،‬‬           ‫قصر الخديو‪ ،‬بسبب نشره‬
    ‫وقد أحدثت مسرحية بيت‬              ‫كتاب «تحرير المرأة»‪ ،‬لذلك‬             ‫ننظر بعمق في نصوص‬
 ‫الدمية أث ًرا كبي ًرا في الأوساط‬                                           ‫الشريعة ونراجع أقوال‬
    ‫الأوربية حين عرضت على‬           ‫شرع في إكمال مهمته‪ ،‬فكتب‬
 ‫خشبة المسرح‪ ،‬فكانت «نورا»‬         ‫الكتاب الثاني «المرأة الجديدة»‬                          ‫الفقهاء‪.‬‬
                                                                      ‫كتب قاسم أمين كتابه «تحرير‬
      ‫بطلة المسرحية هي المرأة‬          ‫بعد عام واحد فنشره عام‬
   ‫الجديدة‪ ،‬لأنها تم ّردت‪ ،‬فقد‬       ‫‪١٩٠٠‬م‪ ،‬وقد اتخذ له عنوا ًنا‬        ‫المرأة» ونشره عام ‪١٨٩٩‬م‪،‬‬
    ‫وضعها زوجها ديكو ًرا في‬                                           ‫فكان دأبه أن يبين في وضوح‬
 ‫منزله‪ ،‬أو هكذا ظن‪ ،‬هي دمية‬            ‫لافتًا‪ ،‬وهو تعبير شاع في‬        ‫أن الشريعة الإسلامية تنصر‬
    ‫جميلة يحتفظ بها في بيته‪،‬‬       ‫أوروبا في القرن التاسع عشر‬           ‫المرأة في حقوقها كافة‪ ،‬حقها‬
    ‫لكن نورا تحركت وعرفت‪،‬‬
 ‫فتحررت‪ ،‬ولذلك رفضت دور‬                ‫وما بعده‪ ،‬فالمرأة الجديدة‬        ‫في التعليم‪ ،‬حقها في ثروتها‪،‬‬
   ‫الدمية‪ ،‬وانتهى بها الأمر أن‬      ‫هي المرأة التي طرحت الكسل‬          ‫تملكها وتتصرف فيها‪ ،‬حقها‬
  ‫حزمت حقائبها وخرجت من‬             ‫وذهبت إلى المدرسة فنفت عن‬
  ‫البيت تاركة الزوج والأولاد‪،‬‬      ‫نفسها الجهل‪ ،‬وبذلك أصبحت‬                 ‫في ممارسة الحياة بغير‬
 ‫غاضبة ومصممة‪ ،‬لكنها كانت‬           ‫قادرة على الدفاع عن حقوفها‬            ‫استعباد ولا استبعاد‪ ،‬ولا‬
    ‫على حق‪ ،‬فرفضتها أوروبا‬                                               ‫استغلال‪ ،‬لأن ذلك كله‪ ،‬قد‬
 ‫في البداية‪ ،‬ثم عادت وتقبّلتها‪،‬‬         ‫الاجتماعية والاقتصادية‪،‬‬

     ‫ووضعت كاتب المسرحية‬
    ‫في صدارة كتّاب الواقعية‪،‬‬
  ‫لأن «نورا» لم ترفض الحياة‬
  ‫الزوجية‪ ،‬بل رفضت التبعية‪،‬‬
 ‫رفضت أن تكون دمية وقطعة‬
      ‫أثاث‪ ،‬كانت ثورة «نورا»‬
  ‫على الحياة الساكنة والأفكار‬
  ‫الراسخة‪ ،‬وقد أصبحت بتلك‬
   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125