Page 123 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 123

‫‪121‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

‫الإرهابية‪ ،‬وبالرغم من أن هذه القراءة‬     ‫طب ًعا‪ ،‬تعتبر الحروب وفراغ السلطة‪،‬‬   ‫وحده‪ ،‬لأن المسألة لا تتعلق بمواجهة‬
   ‫لا تخلو من وجاهة في التشخيص‪،‬‬          ‫أحد البيئات الحاضنة والمساعدة على‬    ‫تقليدية بين دولتين سرعان ما تخمد‬
    ‫فإننا نلفت النظر في هذه الورقة‪،‬‬       ‫ميلاد وتناسل مشكلة الإرهاب‪ ،‬بيد‬     ‫أوارها بانهزام إحداهما كما في جميع‬
      ‫إلى عامل آخر لا يقل أهمية عن‬       ‫أن ذلك لا يعني أن المناطق المستقرة‬
     ‫سابقيه إن لم نقل أهمها وأبلغها‬      ‫مدعوة إلى الاطمئنان على حالها‪ ،‬ذلك‬      ‫الحروب السابقة‪ ،‬بل الأمر يتعلق‬
                                         ‫أن من بين الخصائص المميزة للفكر‬        ‫بظاهرة ككل الظواهر الاجتماعية‪،‬‬
 ‫تأثي ًرا‪ .‬يتعلق الأمر بالتكوين الفكري‬
    ‫للشخص ودوره في درء خطابات‬               ‫الإرهابي كونه يتشكل وينمو في‬          ‫يتداخل فيها الديني والسياسي‬
                                          ‫صمت‪ ،‬ومن ثم يلاحظ‪ ،‬بين الحين‬        ‫والاجتماعي والثقافي بالأيديولوجي‪.‬‬
‫التطرف والكراهية‪ ،‬حيث إن استعداد‬        ‫والآخر‪ ،‬تدخلات أمنية تنتهي بتفكيك‬
      ‫وإقبال الفرد على اعتناق الفكر‬                                              ‫لذلك‪ ،‬لا مناص من تشريح دقيق‬
                                             ‫خلايا إرهابية في بعض المناطق‬       ‫لهذه الظاهرة من أجل فهمها أو ًل‪،‬‬
 ‫الإرهابي‪ ،‬يرتهن بمدى متانة تكوينه‬           ‫البعيدة عن الفوضى والنزاعات‬        ‫والإحاطة بأسبابها وميكانيزماتها‬
  ‫الفكري من عدمه‪ .‬لكن‪ ،‬ما المقصود‬                                              ‫ثانيًا‪ ،‬ثم بحث سبل معالجتها ثالثًا‪.‬‬
‫بالتكوين الفكري؟ هل هو ذاك التعليم‬                              ‫الدامية‪.‬‬       ‫ودون هذه المنهجية‪ ،‬لا يمكن‪ ،‬وبأي‬
                                                                               ‫حال من الأحوال‪ ،‬القضاء على الفكر‬
     ‫والدراسة اللذان يتلقاهما المتعلم‬       ‫خطاب التطرف‪:‬‬
    ‫في المدرسة والطالب في الجامعة‪،‬‬         ‫بين مطرقة الفلسفة‬                       ‫الإرهابي من منابعه‪ ،‬من خلال‬
     ‫أم الأمر غير ذلك؟ ثم هل جميع‬           ‫وسندان التاريخ‬                      ‫الضربات العسكرية‪ ،‬التي تبقى في‬
 ‫العلوم والمعارف قادرة على المساهمة‬                                           ‫أفضل الأحوال عبارة عن «مسكنات»‬
    ‫في مكافحة التطرف‪ ،‬أم ثمة علوم‬       ‫إذا كانت جل التحليلات والآراء تميل‬
  ‫محددة؟ وإذا كان الحال كذلك‪ ،‬فما‬         ‫إلى اعتبار العاملين الديني المتطرف‬      ‫مؤقتة ضد هذا المرض العضال‪.‬‬
  ‫هي العلوم المؤهلة للعب هذا الدور؟‬                                           ‫لعل خطورة الظاهرة الإرهابية تكمن‬
‫في هذا السياق يندرج هدف مداخلتنا‪،‬‬       ‫والمتعصب والعامل الاجتماعي المتسم‬
   ‫التي تروم‪ ،‬كما يبدو من عنوانها‪،‬‬       ‫بالهشاشة‪ ،‬من أبرز المسببات‬              ‫في كونها عابرة للقارات والألسن‬
 ‫التأكيد على دور العلوم الإنسانية في‬     ‫والمحفزات لانتشار‬                                         ‫والقوميات‬
  ‫الوقاية من التطرف‪ .‬والملاحظ هنا‪،‬‬        ‫الظاهرة‬                                                 ‫والأديان‪ ،‬ما‬
 ‫أننا وظفنا مصطلح‬                                                                                 ‫يجعل ضبط‬
    ‫«الوقاية» بما‬
   ‫تستبطنه هذه‬                                                                                 ‫المجال الجغرافي‬
                                                                                               ‫الذي ينشط فيه‬
                                                                                               ‫هذا «الفيروس»‬
                                                                                                ‫مسألة معقدة‪.‬‬

                                                                               ‫علم تنظيم الدولة‬
                                                                              ‫الإسلامية في العراق‬

                                                                                ‫والشام‪ -‬داعش‬
   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128