Page 135 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 135

‫حول العالم ‪1 3 3‬‬

            ‫مفهو ًما منفص ًل‪.‬‬      ‫والجنس‪ .‬بالرغم من الارتباط‬         ‫الجنس(‪ .)10‬وفوق ذلك فإن‬
  ‫تشير جوديث باتلر إلى أنه‬        ‫الطويل عادة ما ينظر إلى النوع‬     ‫«القوة التنظيمية التي تتغلغل‬
‫بالرغم من الاختلاف‪ ،‬فإن هذا‬                                          ‫في مثل هذه الخطابات تصل‬
‫الاختلاف لا يمكن فهمه بشكل‬          ‫والجنس على إنهما مفهومان‬       ‫إلى أكثر أنماط السلوك الفردية‬
‫منفصل في ثقافتنا‪ .‬بهذا المعنى‬       ‫مختلفان‪ .‬يكمن الاختلاف في‬
  ‫هي تقف ضد ثنائي الجنس‬           ‫العلاقة المعقدة بين «أداء النوع‬     ‫هشاشة‪ ،‬وتخترق وتتحكم‬
                                  ‫في مقابل بيولوجيا الجنس»(‪،)13‬‬          ‫في المتع اليومية»(‪ .)11‬من‬
                 ‫بشكل عام‪:‬‬          ‫وهو تمييز يشير إلى الحقيقة‬
       ‫«إذا أخذنا التمييز بين‬     ‫التي ترى أن الشخص قد يقدم‬         ‫الممكن ‪-‬مع الأخذ في الاعتبار‬
    ‫الجنس والنوع إلى حدوده‬                                            ‫التأثيرات التي تحدثها هذه‬
      ‫المنطقية‪ ،‬فإنه يشير إلى‬         ‫سمات نوعية (جندرية) لا‬          ‫القوى في فردية الناس‪ -‬أن‬
  ‫انقطاع جذري بين الأجساد‬          ‫تتوافق اجتماعيًّا مع الأعضاء‬
    ‫الجنسية والأنواع المشكلة‬         ‫التناسلية للفرد‪ ،‬فعلى سبيل‬     ‫نرى كيف يفضح شعر بلاث‬
 ‫ثقافيًّا‪ .‬بافتراض للحظة ثبات‬                                         ‫الجنس ليس لأنه تعبير عن‬
  ‫الجنس الثنائي‪ ،‬فإنه لا يتبع‬        ‫المثال قد يتصرف الشخص‬
‫أن بناء (الرجال) سوف يرتبط‬        ‫ويتم قبوله في المجتمع كامرأة‪،‬‬    ‫الذاتية‪ ،‬ولكن بوصفه انعكا ًسا‬
‫حصر ًّيا بأجساد الذكور‪ ،‬أو أن‬                                      ‫لثقافة تعمل نحو زيادة تنظيم‬
 ‫النساء سوف يشرن فقط إلى‬             ‫بالرغم من أن هذا الشخص‬
                                         ‫نفسه له عضو جنسي‬                    ‫الرغبات والهويات‪.‬‬
          ‫أجساد النساء»(‪.)16‬‬                         ‫ذكوري‪.‬‬
      ‫الجنوسة بالنسبة لباتلر‬                                                 ‫ما الجنس؟‬
   ‫هي الوسيلة التي تنتج من‬         ‫يؤكد بعض النقاد على إمكانية‬
 ‫خلالها المعايير بين الجنسين‬           ‫الفصل التام بين الجنس‬           ‫لا يزال حتى اليوم اعتقاد‬
  ‫«الأجساد التي تحكمها»(‪،)17‬‬            ‫والنوع‪ ،‬يجادل روبرت‬         ‫اختزالي عام أن علم التشريح‬
    ‫مما يعني أن الجسد يفهم‬                                           ‫يحتوي على إجابة لكل شيء‬
                                     ‫ستولر على سبيل المثال أنه‬     ‫يتعلق بالحياة الجنسية للناس‪.‬‬
        ‫من خلال «الممارسات‬        ‫«بينما الجنس والنوع شائعان‬        ‫الدراسات حول النوع تكشف‬
      ‫التنظيمية»(‪ )18‬التي ت ّعزز‬  ‫بمعنى أنهما مترادفان عمليًّا في‬    ‫عن العدد المتزايد للتفسيرات‬
      ‫مفاهيم النوع الراسخة‪.‬‬        ‫الحياة اليومية‪ ،‬بحيث يبدوان‬
      ‫معالجة السلطة أو القوة‬                                           ‫البيولوجية لسلوك الناس‬
    ‫التنظيمية للجسد الجنسي‬           ‫سو ًّيا بشكل لا ينفصم (‪)..‬‬      ‫وأذواقهم‪ ،‬وبالرغم من ذلك‬
    ‫تتولد ‪-‬كما تشير كارتر‪-‬‬           ‫فالمجالان (الجنس والنوع)‬       ‫تم تداول من قبل الإنسانيات‬
  ‫«من كون الأعضاء التناسلية‬          ‫ليسا مرتبطين حت ًما بشكل‬      ‫بشكل خاص أن هذه التعيينات‬
  ‫هي الأعلى تمثي ًل للاختلاف‬       ‫متطابق واحد إلى واحد‪ ،‬ولكن‬       ‫قد خدمت أغرا ًضا تتجاوز ما‬
    ‫النوعي‪ ،‬لأنها تعتبر أقسى‬      ‫ربما قد يسير كل واحد منهما‬       ‫خططوا لتحقيقه في البداية(‪،)12‬‬
    ‫أشكال تمثيله»(‪ .)19‬الجسد‬         ‫بطريقته المستقلة تماما»(‪.)14‬‬     ‫وبد ًل من فهم الطريقة التي‬
    ‫إذن يظهر بوصفه وسيلة‬             ‫ترى تيريزا دي لوريتيس‬            ‫يتصرف بها الناس‪ ،‬يؤدي‬
 ‫تحدد أدوار الناس في المجتمع‬       ‫الجنس «بوصفه نظا ًما رمز ًّيا‬
     ‫استنا ًدا إلى تحديد أدوار‬        ‫أو نظا ًما من المعاني تربط‬        ‫الاعتماد العلمي على علم‬
  ‫النوعين‪ .‬بالرغم من اتهامها‬      ‫الجنس بالمكونات الثقافية طبقا‬          ‫التشريح بد ًل من زيادة‬
    ‫بأهمية رؤية مادة الجسد‬          ‫للقيم الاجتماعية والتسلسل‬        ‫تنظيمه إلى تصنيف وفرض‬
      ‫(ماديته)‪ ،‬فباتلر تجادل‬                                          ‫ما هو طبيعي وما هو ليس‬
                                        ‫الهرمي»(‪ .)15‬وجهتا نظر‬          ‫طبيعيًّا‪ .‬إحدى الانتقادات‬
                                       ‫ستولر ولوريتيس ليستا‬           ‫التي أثارتها دراسات النوع‬
                                        ‫متوافقتين‪ ،‬لأنه إذا كان‬         ‫تجاه الحتمية البيولوجية‬
                                    ‫النوع هو الرابط بين الجنس‬        ‫العلاقة الإشكالية بين النوع‬
                                     ‫والثقافة‪ ،‬فلا يمكن اعتباره‬
   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140