Page 136 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 136

‫العـدد ‪25‬‬                              ‫‪134‬‬

                                    ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬                         ‫‪-‬متأثرة بوجهة نظر فوكو‬
                                                                        ‫البنيوية عن الجنس‪ -‬بأن‬
    ‫الأشياء التي تكشف عنها‬          ‫الاجتماعية حول النوع‪ .‬فطبقا‬        ‫فهمنا للجسد مع ذلك نتاج‬
 ‫هذه المعلومات كونه موضو ًعا‬                  ‫لفاستو ستيرلنج‪:‬‬
  ‫حديثًا‪ ،‬على الأقل حين يتعلق‬                                            ‫خطابات النوع المعياري‬
                                        ‫كافح العلماء مع التسمية‬          ‫«ما يشكل ثبات الجسد‪،‬‬
     ‫الأمر بالبحث الأكاديمي‪،‬‬        ‫والتصنيف والقياس لمجموعة‬         ‫وخطوطه‪ ،‬وحركاته ستكون‬
     ‫وليس متأص ًل في طبيعة‬                                               ‫أشياء مادية في الأساس‬
   ‫الناس كما هو معتاد اليوم‪.‬‬           ‫متنوعة من الأسباب‪ .‬أراد‬        ‫بالكامل‪ ،‬ولكن المادية يمكن‬
‫نشأة أو تزايد الدراسات حول‬              ‫مجموعة من علماء الغدد‬           ‫إعادة النظر فيها على أنها‬
 ‫الجنس أحدثت تغييرات هائلة‬          ‫الصماء الوصول إليها بشكل‬          ‫تأثير القوة‪ ،‬باعتبارها القوة‬
‫في السلوك المجتمعي والفردي‪،‬‬                                          ‫الأكثر تأثي ًرا في الإنتاج»(‪،)20‬‬
    ‫ويمكن التأكيد على أن هذه‬              ‫صحيح‪ ،‬وهم مجموعة‬              ‫ومن ثم فإن رؤية الجسد‬
 ‫التغييرات ما زالت محسوسة‬               ‫يتمتعون في مجال الثقافة‬        ‫والاختلافات الجسدية بين‬
    ‫حتى اليوم‪ .‬إضفاء الطابع‬                                            ‫الجنسين تصبح مستود ًعا‬
‫المؤسسي على النشاط الجنسي‬                 ‫العلمية بمكانة أخلاقية‬      ‫مثاليًّا لخطاب عدم المساواة‬
‫بواسطة فوكو وآخرين له دور‬              ‫عالية من الدقة والإحكام‪،‬‬
‫مركزي في مجتمع اليوم‪ ،‬حيث‬            ‫ويستخدمون أعلى المعايير في‬                  ‫بين الجنسين‪.‬‬
 ‫يقدم اعتقا ًدا عا ًّما بأن الجنس‬      ‫مهنتهم (‪ )..‬كان مصطل ًحا‬           ‫كان الجسد هو المحور‬
     ‫يحدد سعادة الفرد‪ ،‬وهي‬               ‫كثي ًفا يشير إلى مجموعة‬        ‫الرئيسي للعلم في دراسة‬
 ‫الفكرة ذاتها التي يتم الإعلان‬     ‫متنوعة من المفاهيم الاجتماعية‬      ‫النشاط الجنسي‪ .‬ومع ذلك‬
   ‫عنها‪ ،‬وتوجيهها «لتحسين»‬          ‫لما كان يعني في السنوات من‬      ‫فإن تقدم العلم يخدم أغرا ًضا‬
    ‫الحياة الجنسية للفرد(‪.)23‬‬        ‫‪ 1920‬حتى ‪ 1940‬أن تكون‬              ‫مريبة عندما يتعلق الأمر‬
      ‫يوضح فوكو أن الحياة‬          ‫ذك ًرا أو أنثى‪ .‬مهما يكن فقد تم‬   ‫بسياسات الجنوسة‪ .‬فقد تم‬
 ‫الجنسية ثقافة وعامة قبل أن‬         ‫تحديدها على أسس بيولوجية‬          ‫استخدام علم الأحياء كأداة‬
 ‫تكون حميمية خاصة‪ .‬الجنس‬             ‫واجتماعية على حد سواء(‪.)21‬‬      ‫لتبرير التسلسل الهرمي بين‬
    ‫في الحقيقة يمكن أن يكون‬                                          ‫الجنسين‪ .‬الاكتشاف العلمي‬
‫‪-‬كما تقول كارتر‪ -‬المكان الذي‬              ‫استنتج بحث فاستو‪-‬‬              ‫في الوقت الحاضر شيء‬
‫تتجلى فيه المعايير بشكل أقرب‬           ‫وستيرلنج أنه بالرغم من‬           ‫مثبت وموثوق‪ .‬وقد خلق‬
    ‫للكمال‪ ،‬عندما يتعلق الأمر‬        ‫أن العلماء كانوا يهدفون إلى‬     ‫العلم عقائده الخاصة‪ ،‬ونشر‬
   ‫بتحديد أدوار الجنسين(‪.)25‬‬          ‫مستوى عال من الدقة فيما‬         ‫مجموعة من أيديولوجياته‪،‬‬
‫تعود هذه النوعية المعيارية إلى‬       ‫يتعلق بالجنس البشري‪ ،‬فقد‬        ‫بعضها مفيد‪ ،‬وبعضها الآخر‬
 ‫الماضي التاريخي‪ ،‬وقد خدمت‬              ‫ظهرت التناقضات لكسر‬         ‫قمعي‪ .‬وحتى يومنا هذا هناك‬
   ‫أغراض التكامل الاجتماعي‬           ‫دقة المفاهيم المسبقة عن هذا‬     ‫الكثير من الجهود تقدم لكي‬
     ‫والسيطرة‪ ،‬ولكن لم تحظ‬             ‫الموضوع‪ .‬ما يتجلى هو أن‬      ‫تجد في بنية الناس البيولوجية‬
   ‫القضية بمزيد من الاهتمام‬         ‫الدراسات حول الجنس تشير‬            ‫تفسيرات وعناصر محددة‬
   ‫في مجتمعنا المعاصر(‪ .)26‬ما‬         ‫إلى أنه بد ًل من الدقة‪ ،‬يأتي‬   ‫لسلوكهم‪ .‬في جنسنة الجسد‬
   ‫يبدو لنا ‪-‬طبقا لفوكو‪ -‬على‬            ‫السلوك البشري مدفو ًعا‬      ‫تبحث آن فاوستو ستيرلنج‬
   ‫أنه خطوة للأمام في تحرير‬           ‫بتنوع أكبر‪ ،‬حتى من قوى‬          ‫في تطوير الدراسات العلمية‬
 ‫الممارسات الجنسية من خلال‬                                          ‫حول النشاط الجنسي‪ ،‬وتربط‬
     ‫الحديث عنها أكثر‪ ،‬هو في‬               ‫مجهولة غير معروفة‪.‬‬          ‫نتائجها لتشكيل الخطابات‬
‫الحقيقة شكل آخر‪ ،‬وربما أكثر‬           ‫وفقا لجوزيف بريستو فإن‬
                                    ‫أول ظهور لمصطلح الجنوسة‬
                                   ‫يعود في تاريخ اللغة الانجليزية‬

                                       ‫إلى عام ‪1836‬م من خلال‬
                                      ‫ويليام كوبر في دراسته عن‬

                                         ‫تكاثر النباتات(‪ ،)22‬وأحد‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141