Page 194 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 194

‫العـدد ‪25‬‬           ‫‪192‬‬

                                                               ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬     ‫لقد صدق هؤلاء أن هناك‬
                                                                              ‫من الإسلاميين من يؤمن‬
       ‫العام من المسلمين‪.‬‬     ‫والجماعة»‪ ،‬كما ساهم فشل‬                       ‫بالفعل بالديمقراطية وآليتها‬
     ‫أما عن أزمة الإسلام‬      ‫الانقلاب العسكري في تركيا‬                        ‫وقيمها‪ ،‬فقد صدقوا تقية‬
    ‫الحالي مع العالم‪ ،‬فهى‬
‫أزمة مع الزمان والمكان في‬       ‫في سقوط قناع أردوجان‬                            ‫الإخوان المسلمين وعلى‬
‫الحقيقة‪ .‬فالفكر الإسلامي‬           ‫الحداثي‪ ،‬ليظهر وجهه‬                         ‫رأسهم أردوجان‪ ،‬بأنهم‬
   ‫مازال يعيش في القرون‬                                                     ‫أفضل من يحكم الدول ذات‬
‫الوسطى‪ ،‬ومفاهيم وأفكار‬           ‫العثمانلي المستبد المعادي‬                 ‫الأغلبية المسلمة‪ ،‬وأن فكرهم‬
    ‫القرون الوسطى‪ .‬ففي‬            ‫للحريات الحالم بعصر‬                         ‫الإسلامي لا يتناقض ولا‬
     ‫الوقت الذي تتجه فيه‬         ‫الخلافة‪ ،‬بل لقد بدأ ُيدلي‬                     ‫يتصادم مع قيم الحداثة‬
  ‫الإنسانية نحو العلمانية‪،‬‬                                                     ‫وعلى رأسها الديمقراطية‬
   ‫مازال الفقهاء يرون في‬        ‫بتصريحات يتقمص فيها‬                         ‫وتداول السلطة‪ ،‬إنها مرحلة‬
    ‫فصل الدين عن الدولة‬        ‫دور أمير المؤمنين وخليفة‬                        ‫رفض أردوجان تصنيف‬
‫كف ًرا وعدا ًء للإسلام‪ ،‬الذي‬
 ‫هو دين ودولة‪ ،‬وشريعة‬                          ‫المسلمين‪.‬‬                           ‫حزبه باعتباره حز ًبا‬
                                 ‫وعلى ما يبدو من خطاب‬                      ‫إسلاميًّا ولكن حزب محافظ‪،‬‬
                 ‫وعبادة‪.‬‬       ‫الرئيس الفرنسي إيمانويل‬
‫وفي الوقت الذي تتجه فيه‬          ‫ماكرون‪ ،‬عندما أشار إلى‬                         ‫وتصريحه في مصر أنه‬
                                 ‫خطأ انسحاب الدولة من‬                                         ‫علماني‪.‬‬
    ‫الإنسانية نحو الحرية‬      ‫أحياء المسلمين قائ ًل‪« :‬قمنا‬
     ‫المطلقة مازال الفقهاء‬       ‫بتجميع السكان بموجب‬                              ‫إلا أن الطبيعة الذهنية‬
    ‫ُيح ِّرمون الحرية باسم‬    ‫أصولهم‪ ،‬لم نعمد إلى إحلال‬                      ‫والأيديولوجية للإسلاميين‬
‫الحلال والحرام الذي تقرر‬
    ‫منذ أكثر من ألف عام‪.‬‬           ‫ما يكفي من الاختلاط‪،‬‬                        ‫عامة والإخوان المسلمين‬
‫وفي الوقت الذي تتجه فيه‬         ‫ولا ما يكفي من تمكينهم‬                       ‫خاصة‪ ،‬لا تجعلهم قادرين‬
   ‫الإنسانية نحو المساواة‬                                                     ‫على التزام التقية والمداراة‬
  ‫الكاملة بين البشر وإلغاء‬        ‫من التدرج الاقتصادي‬
  ‫التمييز بين بني الإنسان‬       ‫والاجتماعي»‪ ،‬مشد ًدا على‬                       ‫لفترة طويلة‪ ،‬فسري ًعا ما‬
    ‫على أى أساس‪ ،‬مازال‬           ‫أنهم (الإسلاميين) «بنوا‬                        ‫تسقط الأقنعة وينكشف‬
    ‫الفقهاء يتحدثون بفكر‬                                                        ‫المستور ويظهر عدائهم‬
  ‫الذمية مع غير المسلمين‬          ‫مشروعهم على تراجعنا‬                      ‫للحريات وللديمقراطية ولكل‬
       ‫والقوامة على المرأة‪،‬‬      ‫وتخاذلنا»‪ .‬فعلى ما يبدو‬                      ‫قيم الحداثة‪ ،‬فاستعجالهم‬
   ‫ونصف الميراث للمرأة‪،‬‬         ‫من هذا الخطاب أن الدول‬                     ‫للنصر كما يعبرون عن ذلك‪،‬‬
   ‫وفضل تعدد الزوجات‪،‬‬          ‫الكبرى بدأت تنتبه إلى هذه‬                       ‫سواء ما قام به الإخوان‬
     ‫والدفاع عن العبودية‬        ‫الحقيقة التي تعاموا عنها‬                      ‫المسلمين في مصر خاصة‬
     ‫وممارسة الجنس مع‬            ‫لعقود‪ ،‬وهي أنه لا يوجد‬                         ‫المادة ‪ 219‬التي تؤسس‬
                                ‫إسلامي يؤمن فعليًّا بقيم‬                      ‫لدولة دينية‪ ،‬والتي جاءت‬
                  ‫الإماء‪.‬‬      ‫وآليات الديمقراطية‪ ،‬سواء‬                        ‫مفسرة للمادة الثانية من‬
    ‫وفي الوقت الذي تتجه‬           ‫كان داعشيًّا أو إخوانيًّا‪،‬‬               ‫الدستور‪ ،‬وتنص على «مبادئ‬
                                ‫وعليهم الآن أن يتحركوا‪،‬‬                       ‫الشريعة الإسلامية تشمل‬
       ‫فيه الإنسانية نحو‬        ‫وبداية التحرك هى التخلي‬                         ‫أدلتها الكلية‪ ،‬وقواعدها‬
‫الديمقراطية‪ ،‬مازال الفقهاء‬       ‫عن هذه الرؤية الساذجة‬
‫يتحدثون بمنطق أهل الحل‬         ‫لإسلام ديمقراطي حداثي‪.‬‬                               ‫الأصولية والفقهية‪،‬‬
                                  ‫هذه هى أزمة العالم مع‬                            ‫ومصادرها المعتبرة‪،‬‬
   ‫والعقد والبيعة والرعية‬         ‫الإسلام‪ ،‬أو لنكون أكثر‬                          ‫فى مذاهب أهل السنة‬
                                 ‫دقة مع هذه النسخة من‬
                               ‫الإسلام التي يتبناها التيار‬
   189   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199