Page 196 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 196

‫العـدد ‪25‬‬                                                                         ‫‪194‬‬

                                ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬                                                                ‫عصام الزهيري‬

  ‫الخلافة العثمانية الحديدي‪،‬‬      ‫“هناك أناس يرتكبون‬          ‫أنصاف الحلول لم تعد مقبولة‪:‬‬
   ‫يكاد يكون من المتفق عليه‬
   ‫في جنبات العالم الإسلامي‬    ‫أفعا ًل ضد الآخرين فقط لأنهم‬      ‫أزمة العلمانية الأوروبية والإسلام المتشدد‬
 ‫ولدى كل تيارات واجتهادات‬         ‫يختلفون معهم في الديانة‪،‬‬
   ‫الفكر الديني ‪-‬الإصلاحي‬           ‫واليوم في فرنسا في هذه‬
 ‫والتقليدي بعامة‪ -‬أن «الفكر‬
   ‫الإسلامي» يعيش في أزمة‬      ‫اللحظة التي أتكلم فيها معكم‪،‬‬
                                  ‫هناك أناس يرتكبون أفعا ًل‬
     ‫كبرى حقيقية‪ ،‬ولم يكن‬
   ‫على الرئيس «ماكرون» في‬      ‫ضد المسلمين لأنهم مسلمون‪،‬‬
    ‫شروحه التوضيحية أكثر‬              ‫وضد الكاثوليك لأنهم‬
 ‫من أن يؤكد أنه لم يع ِن أكثر‬
‫من هذه الحقيقة‪ ،‬وأنه لم يرد‬     ‫كاثوليك‪ ،‬وضد البروتستانت‬
   ‫أن يقول أن الإسلام نفسه‬         ‫لأنهم بروتستانت‪ ،‬وضد‬
   ‫كدين في أزمة‪ ،‬إذ يستحيل‬              ‫اليهود لأنهم يهود»‪.‬‬
 ‫عق ًل وتصو ًرا أن يقصد أحد‬
   ‫أن الإسلام النصي الخام‪،‬‬        ‫على هذا النحو أتى «الشرح‬
 ‫وهو ما يمثل الإسلام كدين‪،‬‬      ‫التوضيحي المبسط» للرئيس‬
   ‫هو ما يعيش الأزمة وليس‬      ‫الفرنسي «إيمانويل ماكرون»‬
   ‫طريقة المسلمين التاريخية‬
  ‫في فهمه وتفسيره‪ ،‬وهو ما‬          ‫في لقائه مع قناة الجزيرة‬
  ‫يتعلق بالفكر وليس بالنص‬       ‫القطرية‪ ،‬والذي أراد به إزالة‬
    ‫الإسلامي‪ .‬ومن الواضح‬        ‫«اللبس» و»سوء الفهم» الذي‬
   ‫إذن أن اللبس وسوء الفهم‬      ‫تعلق بتصريحاته السابقة في‬
‫بشكله ذاك السطحي ليس هو‬
 ‫ما أدى إلى غضب في البلدان‬        ‫أعقاب ذبح مدرس التاريخ‬
    ‫الإسلامية‪ ،‬ولكن الغضب‬         ‫الفرنسي «صامويل باتي»‬
  ‫نابع من بؤرتين رئيسيتين‬
    ‫وصراعيتين في الواقع لا‬           ‫يوم ‪ 16‬أكتوبر الماضي‪.‬‬
    ‫يمكن لتجاهلهما أن يصل‬        ‫فيما أن الواقع يتخطى ‪-‬في‬
‫بأحد إلى تفسير وفهم صحيح‬          ‫حقيقته‪ -‬حد مجرد اللبس‬

           ‫لحقيقة ما يجري‪.‬‬         ‫وسوء الفهم وراء غضب‬
                               ‫المجتمعات العربية والإسلامية‬
  ‫مجتمعات ترفض‬
      ‫التعددية‬                   ‫ر ًّدا على تصريحات الرئيس‬
                                      ‫الفرنسي‪ ،‬لأن الغضب‬
 ‫المصدر الأول لما اعتبر «سوء‬
   ‫فهم» في خطاب «ماكرون»‬        ‫الناجم عن قوله إن «الإسلام‬
    ‫هو عدم رضاء المجتمعات‬        ‫يعيش أزمة في مختلف بقاع‬
   ‫الإسلامية عن حدود حرية‬       ‫العالم»؛ ليس مبر ًرا في ضوء‬
                                  ‫تصريح «ماكرون» وحده‪،‬‬
                                 ‫فمنذ مطلع ما سمي بعصر‬
                                 ‫النهضة في العالم العربي في‬

                                   ‫بداية القرن التاسع عشر‪،‬‬
                                 ‫وهو ما يحد اللقاء التاريخي‬
                                  ‫بين أوروبا الحديثة وبلدان‬

                                  ‫العالم الإسلامي في حالتها‬
                                ‫القروسطية بعد سقوط جدار‬
   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201