Page 200 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 200
العـدد 25 198
يناير ٢٠٢1 وامتداداته داخل المجتمع
الفرنسي ،ومن قلب هذا
فإن هذه الأزمة تم ّسنا نحن يختلف في ممارساته العدائية التحديد وهذه المواجهة
أي ًضا”. المتشددة عن سلوكيات
المؤسسات الإسلامية أتى المصدر الثاني لما
ولا تخفي الفقرة السابقة اعتبر «لب ًسا» أو «سوء
من الخطاب أن الأزمة التقليدية ،وإن كان يقاسمها فهم» لخطاب «ماكرون».
نفس النظرة ،لأن للأخيرة فتيار الإسلام السياسي
تتعلق بصلب الفكر الديني باع أطول وقابلية أعلى تجاه -كنتيجة مباشرة لاحساسه
السائد في المجتمعات قيم وممارسات التعايش بالاستهداف -قاد عبر
والقبول ،ليس عبر تصحيح إعلامه ومؤسساته أوسع
الإسلامية ،إلا أن «ماكرون» المفاهيم ولكن عبر التغاضي عملية تحريض بداخل
لا يخفي في نفس الوقت عنها طالما أنها ليست ممكنة المجتمعات الإسلامية ضد
رغبته في تجنب الصدام التطبيق في الواقع .وهذه خطاب الرئيس الفرنسي.
معها ،لأن الأزمة في النقطة الأخيرة قد تتوضح ولا غرو فالخطاب اعتبر
جوانبها العامة شأن لا في لفت الرئيس الفرنسي تيار الإسلام السياسي
يخص فرنسا ،ولا يمثل بجماعاته المختلفة هو
النظر لما يجري في دولة المسئول عن إعلاء النظرة
مشكلة يعاني منها مواطنو مجاورة ذات علاقات الدينية التقليدية السائدة في
الجمهورية ،لذلك يؤكد: المجتمعات الإسلامية من
«إنني لا أطلب من أي تاريخية مع فرنسا هي مقام الفكر المجتمعي إلى
مواطن أن يؤمن أو أن لا تونس ،إذ يقول« :فلننظر إلى مرحلة الأيديولوجيا الدينية
التي تناضل للهيمنة عالميًّا،
يؤمن ،أن يؤمن قلي ًل أو أن تونس ،ذاك البلد الصديق وصياغة المجتمعات الأوربية
يؤمن باعتدال ،فهذا ليس على سبيل المثال لا الحصر. على طرازها المثالي ،وهو
شأن الجمهورية ،لكنني مسئول بالتالي عن نشر
فمنذ ثلاثين عا ًما ،كان الأيديولوجيا الانعزالية بين
الوضع مختل ًفا تما ًما في صفوف المواطنين المسلمين
ممارسة هذه الديانة ،وفي
طريقة عيشها ،والتوترات الفرنسيين.
التي تشهدها مجتمعاتنا يؤمن تيار الإسلام
تنتشر أي ًضا في تونس، السياسي بأن قوانينه
وهي من بين البلدان الأكثر الخاصة المتعلقة بقداسة
تعلّ ًما وتطو ًرا في المنطقة بلا المعتقدات الدينية وترفعها
شك .فثمة إ ًذا أزمة تعتري على المساس بها عبر
الإسلام ،أينما تغلغل وأفسد الاختلاف والنقد ،هي
بأشكاله المتطرفة ،وبإغواءاته بدورها عقيدة مقدسة تعلو
المتطرفة ،وبتطلعه إلى الجهاد على قوانين الجمهورية
المبتدع المتمثل في تدمير العلمانية وممارسات
الآخر ،كمشروع الخليفة التعددية والاختلاف
(داعش) الذي حاربناه العقائدي وتجبها ،ومن ثم
في الشرق الأوسط والذي
نحاربه في منطقة الساحل،
وأينما كان ،إنها أشكال
خبيثة بوجه عام ،أشكال
شديدة التط ّرف .وبالتالي