Page 203 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 203

‫الملف الثقـافي ‪2 0 1‬‬

     ‫لكنها ليست بتا ًتا ضد‬    ‫إسلام متشدد أم‬                 ‫يعني أن العلمانية الفرنسية‬
‫الإسلام‪ .‬ورد فيه على اتهام‬    ‫علمانية متشددة‬                  ‫تعدل شيئًا من مبادئها من‬
‫بأنه شوه سمعة الفرنسيين‬                                      ‫أجل المحافظة على جوهرها‪،‬‬
‫المسلمين لحسابات انتخابية‬   ‫ما يشبه نفس الصدى للبس‬           ‫لكنها تعتبر في نفس الوقت‬
‫وأبقى على مناخ من الخوف‬     ‫وسوء الفهم بجذوره المعقدة‬        ‫مسا ًسا لا يستهان به بمبدأ‬
                                                            ‫حياد الدولة وعدم تدخلها في‬
   ‫والتشكيك حيالهم‪ ،‬فقال‬      ‫لدى المجتمعات الإسلامية‬      ‫حريات العقيدة وتنظيم شئون‬
 ‫إنه لن يسمح بأن يقال إن‬      ‫ترجع في بعض المجتمعات‬          ‫العبادة‪ ،‬وربما يمثل ذلك في‬
                             ‫الأوروبية‪ ،‬وحاول الرئيس‬         ‫نظر بعض أنصار العلمانية‬
   ‫فرنسا ودولتها تزرعان‬                                      ‫أضرا ًرا بالغة أو خسارة لا‬
 ‫العنصرية تجاه المسلمين‪،‬‬         ‫الفرنسي أي ًضا تبديده‬         ‫تحتمل‪ ،‬لكنها تعد في نظر‬
‫معتب ًرا ‪-‬على غرار ما صرح‬     ‫بحوار مثل الذي أجراه في‬          ‫الكثيرين أي ًضا أضرا ًرا لا‬
                                                            ‫مفر منها إذا كان للجمهورية‬
   ‫به في قناة الجزيرة‪ -‬أن‬      ‫قناة الجزيرة‪ ،‬وأتى هذه‬
    ‫تصريحاته بهذا الشأن‬         ‫المرة في مقال له نشرته‬          ‫الفرنسية أن تحافظ على‬
                             ‫جريدة «فاينينشيال تايمز»‬        ‫جوهرها العلماني التعددي‪،‬‬
           ‫جرى تحريفها‪.‬‬        ‫البريطانية ر ًّدا على مقال‬  ‫وعلى عدم المساس بمبدأ حرية‬
      ‫بعد أن ذ ّكر بسلسلة‬       ‫يتهم العلمانية الفرنسية‬     ‫العقيدة‪ ،‬وهو نفس ما قصده‬
  ‫الاعتداءات التي تعرضت‬          ‫بالتشدد تجاه ممارسة‬        ‫الرئيس الفرنسي بحديثه عن‬
 ‫لها بلاده منذ الهجوم على‬     ‫العقائد الدينية‪ ،‬وهو مقال‬    ‫«إسلام فرنسي» وعن «إعادة‬
    ‫مجلة «شارلي إبدو» في‬        ‫سارعت الجريدة بحذفه‬        ‫هيكلة الإسلام في فرنسا»‪ ،‬ما‬
   ‫‪ ،2015‬وقال إنها خلفت‬     ‫بعد ساعات من نشره‪ ،‬لكن‬          ‫أثار انزعا ًجا بين الفرنسيين‬
 ‫‪ 300‬قتيل‪ ،‬قال «ماكرون»‬     ‫الرئيس الفرنسي فضل الرد‬
    ‫إن الحال هو أن فرنسا‬      ‫عليه بمقال مطول نشرته‬              ‫المسلمين الذين اعتادوا‬
      ‫من تتعرض للهجوم‬         ‫الجريدة بتاريخ ‪ 4‬نوفمبر‬          ‫التزام الدولة بحياد كامل‬
   ‫بسبب قيمها وعلمانيتها‬       ‫الماضي‪ .‬أكد «ماكرون في‬        ‫تجاه عقائدهم وممارساتهم‬
      ‫وحرية التعبير فيها‪،‬‬      ‫مقاله أن فرنسا في حرب‬        ‫الدينية‪ ،‬وربما يثير هذا الأمر‬
 ‫مشد ًدا على أن «فرنسا لن‬    ‫ضد الانفصالية الإسلامية‬            ‫في المستقبل نقا ًشا حول‬
  ‫تستسلم»‪ .‬واستفاض في‬           ‫داخل المجتمع الفرنسي‬            ‫أزمة التناقض الإسلامي‬
‫وصف حالات «الانفصالية‬                                           ‫تجاه العلمانية على نطاق‬
                                                             ‫أوسع‪ ،‬فالعلمانية المغضوب‬
                            ‫الحجاب في السن الصغير‬              ‫عليها إسلاميًّا كانت دائ ًما‬
                                                              ‫الإطار الضروري والوحيد‬
                                                               ‫القادر على ضمان حيادية‬
                                                            ‫الدولة تجاه الدين والمجتمع‪،‬‬
                                                               ‫ومنح أكبر قدر ممكن من‬
                                                             ‫الحقوق للمسلمين ولغيرهم‬
                                                            ‫في ممارسة عقائدهم وتنظيم‬
                                                           ‫شئونهم التعبدية بدون رقابة‬

                                                                           ‫أو تضييق‪.‬‬
   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208