Page 202 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 202

‫ما يتعارض مع قانون‬                                         ‫العـدد ‪25‬‬                               ‫‪200‬‬
       ‫العلمانية الفرنسي‪،‬‬
                                                                                     ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬     ‫لا تتبنى أي دين بالدعم أو‬
‫إجراءات مثل إغلاق مساجد‬                                                                              ‫بالممانعة‪ ،‬وتوفير الحرية‬
  ‫المتطرفين‪ ،‬ومنع التمويل‬                      ‫الفرنسيين‪.‬‬                                             ‫الدينية للجميع‪ ،‬مع عدم‬
 ‫الأجنبي لأماكن العبادة في‬       ‫عندما صدر قانون العلمانية‬                                            ‫التدخل في تنظيم العبادة‬
   ‫ظل الحظر القانوني على‬                                                                            ‫ومبادئها الدينية‪ ،‬لأنها «لا‬
                                    ‫في بداية القرن العشرين‬                                             ‫تهم الدولة بل المؤمنين‬
‫تدخل الدولة ولو لترميمها‪،‬‬        ‫كانت فرنسا تمتاز بتجانس‬                                              ‫والممارسين لهذه العبادة‬
   ‫وحل الجمعيات المرتبطة‬
  ‫بالتشدد الإسلامي كيفما‬            ‫أكبر على الصعيد الديني‬                                       ‫فقط»‪ ،‬حيث لا تعني العلمانية‬
                                      ‫والعرقي والثقافي مما‬                                       ‫الفرنسية حرية المعتقد الديني‬
 ‫كانت طبيعة عملها‪ ،‬وخلق‬                ‫هي عليه اليوم‪ ،‬كانت‬
     ‫نظام لتأهيل الأئمة في‬                                                                             ‫فقط على غرار العلمانية‬
    ‫فرنسا‪ ،‬تمكين مسئولي‬             ‫غالبية الفرنسيين في تلك‬                                       ‫البريطانية والأمريكية‪ ،‬لكنها‬
                                   ‫الآونة كاثوليكية مع أقلية‬
   ‫أماكن العبادة من تحمل‬                                                                               ‫تعني كذلك التحرر من‬
      ‫المسئولية عن انتشار‬              ‫بروتستانتية صغيرة‬                                           ‫السلطة الدينية القمعية عبر‬
      ‫التطرف والتحريض‬                ‫وأعداد أقل من اليهود‪،‬‬                                        ‫الفصل بين الكنيسة (كنائس‬
        ‫الإرهابي‪ ،‬كل ذلك‬          ‫وهو الحال الذي اختلف في‬                                        ‫الأديان المختلفة) والدولة‪ ،‬من‬
                                 ‫أعقاب الحرب العالمية الثانية‬                                     ‫ثم لا يجيز القانون الفرنسي‬
    ‫يحتاج إلى جهد قانوني‬           ‫ومع انهيار الإمبراطورية‬
      ‫لتكييف قانون ‪1905‬‬             ‫الفرنسية‪ ،‬إذ سرعان ما‬                                             ‫للدولة التدخل بأي شكل‬
    ‫بهدف مواجهة تصاعد‬              ‫أصبحت العاصمة باريس‬                                           ‫لتنظيم الشأن الديني وحقوق‬
                                   ‫موطنًا لرعايا المستعمرات‬                                      ‫العبادة بين المواطنين‪ ،‬وهو ما‬
   ‫المد الأصولي‪ .‬لذلك فمن‬           ‫السابقين وأحفادهم من‬                                          ‫ظل يكف يد الدولة الفرنسية‬
 ‫المنتظر أن تدرج التعديلات‬       ‫مناطق شمال وغرب أفريقيا‬                                         ‫طيلة عقود مضت عن مكافحة‬
                                    ‫وبحر الكاريبي وجنوب‬
      ‫المقترحة على القانون‬       ‫آسيا‪ .‬ومع اتساع وتصاعد‬                                             ‫أو تعطيل غزوات الإسلام‬
‫ضرورة خضوع الجمعيات‬               ‫موجة الأصولية في أعقاب‬                                               ‫السياسي بين صفوف‬
‫الدينية لمبدأ الشفافية المالية‪،‬‬    ‫انهيار الاتحاد السوفياتي‬
                                     ‫والتي نتجت عن الدعم‬                                         ‫المهاجرين والمواطنين المسلمين‬
   ‫وحق رفض أي مساهمة‬             ‫الواسع للأصوليات الدينية‬
   ‫مالية تزيد عن ‪ 10‬آلاف‬            ‫في المواجهة العالمية معه‪،‬‬
   ‫يورو بدون الإعلان عن‬          ‫وفي أعقاب ما أفرزته موجة‬
  ‫مصادرها‪ ،‬وتقليص نفوذ‬              ‫«الأسلمة الصحوية» من‬
                                  ‫إرهاب جهادي عالمي‪ ،‬بدأت‬
      ‫الاستغلال السياسي‬          ‫تتضح أبعاد المأزق القانوني‬
     ‫للدين عبر توفير درع‬              ‫للعلمانية الفرنسية في‬
  ‫قانوني ضد مبدأ المصالح‬         ‫مواجهة الإسلام السياسي‪.‬‬
     ‫السياسية‪ ،‬والرفع من‬            ‫اليوم يواجه الفرنسيون‬
   ‫سلطات الشرطة الدينية‬               ‫مطالب قانونية واسعة‬
‫عن طريق تشديد العقوبات‬            ‫ترفعها الأحزاب والتيارات‬
  ‫على الأئمة الذين يخالفون‬       ‫الفرنسية من أقصى اليمين‬
                                     ‫لأقصى اليسار‪ ،‬لتحكم‬
                 ‫القانون‪.‬‬         ‫الدولة سيطرتها من خلال‬
‫حصيلة كل هذه الاقتراحات‬            ‫تنظيم المجال الديني‪ ،‬وهو‬
‫السابقة بالتعديل على قانون‬

     ‫العلمانية الفرنسي قد‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207