Page 38 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 38
العـدد 25 36
يناير ٢٠٢1
-1ال ّثقافة ال ّشخصية :رواسب ال ّطفولة صلاح فضل أدونيس
والتأريخ لسيرة ذاتية ثقافية
وازداد ال ّشاعر التحا ًما بالحياة ،ازدادت نسبة ظهور
في هذا العمل ال ّشعر ّي يستعيد ال ّشاعر موسى الفكر في شعره»(.)7
حوامدة صو ًرا وذكريات طفولية من رواسب من جهة أخرى ،يتّس ُم المنج ُز ال ّشعر ّي لل ّشاع ِر
ذاكرته ،وكأ ّنه يستعيد أجواء ديوانه الأول «شغب»، موسى حوامدة باللاّمهادن ِة اولافلل ّديسناطيمني ِةِّي اوالألتّرطدنو ِِّري
كما يسترج ُع بعض ملامح الهوية ال ّشخصية المستم ِر ،واجتراح مفهو ٍم
والعائلية والمكان في قريته «ال ّسموع» بمدينة الخليل جدي ٍد للكتاب ِة ال ّشعري ِة قائ ٍم على الخرو ِج بالقصيد ِة
الفلسطينية إبان الخمسينيات وال ّستينيات ،ومع الفلسطينيّ ِة من معط ِف ال ّروا ِد وميس ِم القضيّ ِة إلى
توالي المشاهد يصير ال ّشعر تأري ًخا وتخيي ًل ذاتيًّا اله ِّم العرب ّي والأنطولوج ّي والإنسان ّي الواسع ،كما
للطفولة وسيرة شعرية ثقافية بد ًءا من الاسم تتميز تجربته بالانفتاح على أشكال أدبية ومعرفية
عدة عربية وغير عربية :القرآن الكريم ،الثّقافة
«موسى»: المسيحية واليهودية ،ال ّشعر العربي القديم والحديث
«كذب الّذي عليك كذب والمعاصر ،الثّقافة الغربية ،كما تستفيد من ال ّسرد
وأسماك باسم نب ّي اليهود والمسرح والف ّن التّشكيليّ وال ّسينمائ ّي والفلسفة
وس ّواك في بيت الغضب»(.)9 وك ّل واليوم ّي.. الواثّلقاعافيداة اتلإونالسهاانمية.ش ّي والتّقاليد
الاسم الّذي حمله ال ّشاعر واتخذه قنا ًعا في ديوانه المكونات
«أسفار موسى ..العهد الأخير» لم يكن نبيًّا لليهود، وسنبين أه ّم ال ّسمات الثّقافية من ك ّل مكون بما
بل شاع ًرا لك ّل العرب ،شاعر الغضب والثّورة: يقتضيه الحي ُز ال ّضي ُق ،مؤمنين أ ّن ال ّشاعر «لم يعد
يملك سوى موهبته ،وإ ّنما هو مثق ٌف قبل ك ّل شيء،
«كن ُت ه ًّشا وضعي ًفا
كنت طر ًّيا وليِّنًا كما أ ّن ثقافته لم تعد هي بدورها مقتصرة على ما
وانحني ُت هو شعر ّي بالأساس ،وإ ّنما تمتد لتضرب في كل
مجالات العلوم الإنسانية»( )8وأه ّم هذه الثّقافات
حتّى صار وج ُه الأرض وجهي»(.)10
وهكذا تتوالى المقاطع ال ّشعرية في شكل تتابعي وأ ّولها ما علق بذاكرة ال ّطفولة وال ّصبا.
لتصف لنا مدرسة ال ّشاعر وتحولاتها بتحول المكان
وال ّزمان والأنظمة الحاكمة.
«في مدرسة العنيد
حيث كانت مق ًرا للأتراك
سجنًا للإنجليز
مخف ًرا للفرسان
مكا ًنا لقهر العبيد
وأف ًقا لغد مغدور
في يومك ال ّدراس ّي الأول»(.)11
كما لا تخلو طفولة ال ّشاعر من ال ّصور المشرقة للأم
وما أورثته لل ّشاعر من ح ّب الأرض والإنسان ،وفي
قصيدة من أروع قصائد ال ّديوان يقول:
«وح ّملتني ما لا أطي ُق من نقاء ال ّسرير ِة
ومن رائح ِة العش ِب في قريتي
ومن رضا الوالدين
وال ّصلاة على النّبي