Page 33 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 33
31 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
«وربما توصلوا بغير ما ذكرناه إلى غرض الكتاب. تختلف وتحدث عن تطور الاستفتاحات وأنواعها
وتخلصوا بغير ما أوردناه إلى معنى الخطاب.)27(».. قال« :وكانوا أي ًضا يستفتحون بحمد الله سبحانه
والملاحظ أن هذا الجزء من أهم أجزاء الرسالة ،إذ وتعالى في الخطب ،وفي إصلاح ذات البين ،وفي
لا تخلو أي رسالة من التوطئة والتمهيد ،وهو جزء الاستغفار ،وفي حمالة الدماء ،وفي خطب الدماء
ألصق بالرسالة وأوثق علاقة بمضمونها الترسلي. وفي كل أمر له بال ،وكانت الخطب عندهم أوكد
ما اعتمد بالتحميد ،وأعلم غفلة بالتمجيد ،حتى
إضافة إلى «الدعاء» فيرى الكلاعي أن الإكثار منه أنهم سموا الخطبة التي لا يحمد فيها الله سبحانه
دليل على ضعف البضاعة في الصناعة ،وهو بهذا
يدعو إلى الاختصار ،وينصح كل كاتب «أن يتحرى وتعالى بتراء»( .)20وذكر أن منهم من يستفتح
في الدعاء الألفاظ الرائقة ،والمعاني اللائقة ،ويتوخى رسائله بمنظومه ،ومنهم من استفتحها بمنظوم
من ذلك ما يناسب الحال ،ويشاكل المعنى ويوافق غيره حسب ،وقد يستفتحونها بصيغ من قبيل:
المخاطب»( .)28ويرى كذلك أن «ما يحسن من اللفظ مرحبًا وأه ًل ،وسعة وسه ًل ،محد ًدا الاستفتاحات
في الدعاء ما ترجى استمالته للمخاطب واستنواله بحسب كل مقام ،مؤث ًرا الإيجاز والتركيز ناص ًحا()21
«أن يذكر في كل كتاب ما يشاكله من الدعاء وما
لفظ :أدام ،وزاد وما شبههما»(.)29 يشاكله من الألفاظ ،ويوافقه من المعاني ،ويطابقه
-3خاتمة -فصل «السلام» :تحدث المؤلف من الإيجاز والإسهاب ،فلكل مقال مقام ،ولكل طبقة
عن أصوله اللغوية وآدابه في المكاتبات ،وذكر أن
الناس قد تفننوا في ألفاظ السلام وكيفيته ،فكانوا تحيز وكلام»(.)22
أو ًل يقولون« :والسلام عليك» ثم قالوا« :والسلام كما يورد قول ابن جني في فصل الإشارة في
عليك ورحمة الله وبركاته» ،ثم تفننوا بعد ذلك الصدور إلى الغرض المذكور« :وإذا كان المرسل
حاذ ًقا أشار في تحميده إلى ما جاء بالرسالة من
وتفننوا»(.)30 أجله»( )23ومعنى هذا القول أن الكاتب الحاذق
هذه إذن ،هي فصول الرسالة المحكمة كما يراها المتمكن من صناعته هو الذي يضمن تحميده
الكلاعي ،والتي يطلب فيها الإجادة والتأنق وحسن
اختيار الألفاظ .سواء ما تعلق بمقدمة الرسالة التي الغرض المقصود من كتابة الرسالة.
تشتمل على فصل «العنوان» وفصل «الاستفتاح» وقد أدرك الكلاعي أن العنوان يفتقر إلى هذه
وفصل «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» أو الإشارة ،لذا رأى ضرورة توفرها في صدور
الرسائل .قال« :وقد قدمنا -أعزك الله -في فصل
الخاتمة التي تشتمل على فصل «السلام». العنوان أن الإشارة فيه إلى الغرض المذكور ،والمعنى
أما الصدور الباقية المتعلقة بـ»الصدر» و»الدعاء» المراد أصل جلل يفتقر العنوان إليه فيجب المحافظة
فإن الكلاعي يلح فيها -بالإضافة إلى حسن اختيار
الألفاظ وحسن استعمالها -إلى ضرورة تضمينها عليه»(.)24
معان تنسجم ومضمون الرسالة ،إنه مضمون يظل وذكر المؤلف أن الرسائل التي تتعلق في فصل
الحديث عنه غائبًا عند الكلاعي نظ ًرا لتنوع الرسائل «التخلص من الصدور إلى الغرض المذكور» قسمان:
-رسائل ابتداء خطاب :ويرى أنها مميزة بصيغ
وتنوع موضوعاتها. معلومة ،قال« :فمما توصلوا به من الألفاظ في ابتداء
عطفا على ما سبق فإن الكلاعي قد اهتم في كتابه الخطاب إلى غرض الكتاب قولهم :كتبت ،كتابي،
بأساليب الرسالة وطرق التعبير ،إذ ارتبط النقد
العربي منذ القديم بالدراسات البلاغية ،وقد توخى كتابنا»(.)25
-رسائل رد الجواب :وهي بدورها مميزة بصيغ
الناقد «مدى الاستفادة منها في تدعيم الحجة
وتقوية المعنى»( )31وإدراك «الصور البيانية»(.)32 معلومة .قال« :ومما توصلوا به من الألفاظ
في رد الجواب إلى غرض الكتاب بقولهم :ألقى،
كما اهتم كل الاهتمام بأنواع البديع في النثر ورود ،ووصل»( .)26لكن الكلاعي لا ينفي وجود
والشعر ،لأنها كانت محط اهتمام كثير من العلماء. صيغ أخرى توصلوا بها إلى غرض الكتاب ،قال:
«والاقتصار على ضروب الكلام والأسجاع مع