Page 28 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 28

‫الشاعر محمد عيد إبراهيم لا يخضع‬             ‫محمد عفيفي مطر‬
     ‫طاع ًة لا لأح ٍد ولا لنموذ ٍج‪ .‬ويذهب في‬
   ‫نسيجه كل مذه ٍب صدام ٍّي منسج ٍم مع‬
  ‫غاية الشعِر بصورة عامة‪ .‬أ ّي شعر يكون‬
   ‫مسال ًما‪ ..‬حتى الشعراء الذين يحاورهم‬
‫في نصوصه هم شعراء مخربون صداميون‬

     ‫فوضويون‪( :‬محمد عفيفي مطر‪ ،‬صلاح‬

‫فائق‪ ،‬أنسي الحاج) فما يجمع هؤلاء أنهم‬

   ‫شعراء لا يشبه الواحد فيهم الآخر أب ًدا‪.‬‬
                           ‫وهو لا يشبههم‪.‬‬

‫إن كثي ًرا من الصور المركبة عند الشاعر تحتاج إلى‬          ‫وكما يستفيد الشاعر من ذاكرة لغوية قديمة‪،‬‬
 ‫أن تتو ّضع في لوحة لسلفادور دالي فكأن الشاعر‬         ‫فإنه يستفيد أكثر‪ ،‬وبلا وعي منه ربما‪ ،‬من ذاكرة‬
                                                    ‫سريالية ماضية‪ .‬نرى كثي ًرا من التشكيلات اللغوية‬
    ‫هنا نسا ٌج باللغة‪ ،‬ر ّسا ٌم بها‪ ،‬منع ٌش أخضرها‬
                                    ‫ويابسها‪..‬‬             ‫مرفوعة على شاشة مشوشة تشوي ًشا جماليًّا‬
                                                      ‫يشبه تلك المهمة التي كان يدعو إليها «رامبو» من‬
 ‫كثي ٌر من المتعة تتولد من متابعة نصوص الشاعر‬        ‫تشويش الحواس! ولم لا؟ إن الحرية المتدفقة التي‬
 ‫في هذا الكتاب‪ ،‬والمتعة ليست رفاهية‪ ،‬فالشاعر لا‬     ‫تتبناها قصيدة النثر تعطي المسوغات الكافية لمخيل ٍة‬
 ‫يس ّل القارىء‪ ،‬بل يصدمه ويستفزه كثي ًرا‪ ،‬ومن‬
‫هنا بالضبط مصدر المتعة التي تلاز ُم كشف العقل‬             ‫تجمح في استنباط الصور الغريبة والمختلطة‪.‬‬
                                                       ‫«عي ُد الن ّسا ِج‪َ ،‬ف ْح ٌل من ال ُقرى‪ ،‬ي ِك ُّد نها ًرا و َيس َه ُر‬
     ‫لمعرفة جديدة‪ ،‬وتلازم أي ًضا نشوة الروح في‬        ‫لي ًل‪ .‬شا ِر ٌب مق ُسو ٌم ِمث َل هتل َر‪ ،‬وش َفتان ُمز َّممتان‬
‫اكتشافها لجماليات الغرابة والفكرة والأسلوب في‬          ‫كاب ِن أبي طالب‪َ .‬وج ٌه وا ِم ٌض‪ِ ،‬مث َل أنو َر وجدي‪،‬‬
                                                      ‫ثم انق َل َب م َع الأيا ِم إلى َنم ِط الريحان ّي‪ .‬حيا ٌة تف َت ُح‬
                        ‫تجربة شعرية مختمرة‪.‬‬          ‫ال ِّسدا َدة‪ ،‬ب َض ّج ٍة أ َق ّل‪ ،‬و َصح ُن ُك ِّمثرى جن َب ِمب َس ِم‬
     ‫عيد ن ّساج هو‪ ،‬في خاتمة مطالعتنا هذه‪ ،‬عي ٌد‬     ‫ِشي َش ٍة‪ .‬سا ِط ًعا‪ ،‬ير َقى السلال َم‪ ،‬بي ٍد مفتو َح ٍة‪ ،‬لت َل ِّقي‬
                                                    ‫عصفو ٍر من َرحم ٍة بالسما ِء‪ .‬ويبكي م ّر ًة‪ ،‬فينها ُل ر ٌّز‬
                    ‫للشعر‪ ،‬عيدٌ للخلقِ وأسراره‬
                                                                                   ‫على بلا ِط الش َّق ِة»‪.‬‬
        ‫عيد النساج‪ ،‬شعر‪ :‬محمد عيد إبراهيم‬
 ‫كتاب غير دور ّي يصدر عن جماعة «أنا‪ /‬الآخر»‬

                          ‫الطبعة الأولى‪2015 :‬‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33