Page 32 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 32

‫العـدد ‪25‬‬    ‫‪30‬‬

                                                      ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

‫حيث توصل الكلاعي من خلال دراسته في الرسائل‬                  ‫سكينه ومقراضه‪ ،‬ويجيد قلمه لأنه ترجمان‬
   ‫أنه يختلف باختلاف الأزمان‪ ،‬منطل ًقا من العصر‬      ‫لسانه(‪ .)14‬ويعتني بتحسين خطه وترتيبه‪ ،‬وتسوية‬
 ‫الجاهلي إلى العصر الإسلامي‪ ،‬مبيّنًا التصور الذي‬
   ‫عرفه حتى استقر في الصيغة المتداولة «بسم الله‬                                   ‫البطاقة وختمها(‪.)15‬‬
                            ‫الرحمن الرحيم»(‪.)18‬‬        ‫وقد حدد الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الخط‬

‫يلي ذلك الصلاة على النبي‪ ،‬فذكر أن الناس من قبله‬           ‫في المكاتبات‪ ،‬مستعر ًضا مذهب جمهور الكتاب‬
  ‫كانوا مختلفين في الصلاة على النبي‪ ،‬وأنهم كانوا‬           ‫القائم على «الاختصار في الخط والحذف فيما‬
    ‫كثي ًرا ما يفعلون ذلك‪ ،‬أما في عصره فقد واظب‬         ‫استعمل كثي ًرا منه لا الزيادة فيه ولا الإكثار من‬
  ‫الكتاب على ذكرها‪ ،‬مختلفين في صيغها التي رأى‬         ‫فضوله ولغوه»‪ ،‬مستحبا فيه «قصر ألفاته ولاماته‬
   ‫أنها تزاوج بين إثبات الصلاة ومراعاة الأسلوب‬            ‫واعتدالها مع إحكام سائر حروفه‪ ..‬وأن يكون‬
  ‫البلاغي السجع قال‪« :‬فبعضهم يكتب «فصلى الله‬          ‫أول البطاقة منفسح الخط‪ ،‬وأن يكون آخرها دقي ًقا‬
    ‫على محمد الكريم» وهذا لفظ معادل للبسملة في‬           ‫أحسن من أن يكون الأمر على ضد ذلك»(‪ .)16‬ثم‬
                           ‫الوزن والسجع‪.)19(»..‬‬         ‫ينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الرسالة بوصفها‬
  ‫عط ًفا على ما سبق نلمح الأهمية التي كانت تعطى‬      ‫بنا ًء منظ ًما تراعى فيه جملة من الخصائص الشكلية‬
   ‫لمقدمة الرسالة باعتبارها أول جزء يتلقاه المرسل‬           ‫والمضمونية‪ .‬فالرسالة كما هي عند الكلاعي‬
   ‫إليه من أجزاء الرسالة‪ ،‬فتأثيره على المتلقي قائم‬   ‫تتضمن العناصر التالية‪ :‬مقدمة‪ ،‬موضوع‪ ،‬وخاتمة‪.‬‬
    ‫بالضرورة‪ ،‬رغم أن الكلاعي لم يتطرق إلى آثار‬       ‫‪ -1‬المقدمة‪ :‬فاعتبرها أهم ما يعطي المساحة الأدبية‬
  ‫المقدمة في نفسية المتلقي‪ ،‬فإنه أشار إلى أن الكاتب‬        ‫صيغة الرسالة‪ ،‬ذلك أنها تتميز بمجموعة من‬
      ‫وهو يكتب الرسالة يستحضر المتلقي‪ ،‬مقامه‪،‬‬          ‫الرسوم التي يتشكل منها المدخل أو المقدمة‪ ،‬وقد‬
   ‫حاله‪ ،..‬هذا الاستحضار كفيل بأن يجعل كتابته‬            ‫درس الكلاعي هذه الرسوم باستفاضة‪ ،‬وجعل‬
  ‫تراعي الجانب النفسي للمرسل إليه‪ ،‬ولا أدل على‬
                                                                      ‫المقدمة تشتمل على ثلاث مراحل‪:‬‬
‫ذلك من إلحاحه على ضرورة الالتزام بمخاطبته بما‬        ‫العنوان‪ :‬فهو عتبة الكتاب يسمى عنوا ًنا لأمرين‪ :‬إما‬
‫يليق به من الترتيب ويشاكله من الترتيب والمعاني‪.‬‬      ‫لأنه يدل على غرض الكتاب‪ ،‬أو لأنه يدل على مرسل‬
  ‫‪« -2‬صدور الرسائل» واستفتاحها‪ :‬فقد وجدها‬            ‫الكتاب والمرسل إليه‪ ،‬ثم تحدث عن اختلاف العنوان‬

                                                        ‫باختلاف الأزمان‪ ،‬وأشار إلى مذهبه في ضروب‬
                                                      ‫العناوين وتنوع صيغها التي ينبغي أن تليق بمقام‬
                                                      ‫المرسل إليه وحاله من حيث المعاني والألفاظ‪ .‬قال‪:‬‬

                                                                                     ‫«وأصل هذا كله‬
                                                                                        ‫أن الناس على‬
                                                                                       ‫فرق وأجناس‪،‬‬
                                                                                          ‫فينبغي أن‬
                                                                                        ‫يستعمل أهل‬
                                                                                          ‫التحقيق في‬
                                                                                         ‫مخاطبة كل‬
                                                                                       ‫فريق بما يليق‬

                                                                                      ‫به من الترتيب‪،‬‬
                                                                                            ‫ويشاكله‬

                                                                                          ‫من الألفاظ‬
                                                                                        ‫والمعاني»(‪.)17‬‬
                                                                                      ‫ثم الاستفتاح‪:‬‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37