Page 34 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 34

‫العـدد ‪25‬‬    ‫‪32‬‬

                                                               ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

    ‫الأخرى «المغصن» لأنه ذو فروع وأغصان(‪،)41‬‬                        ‫مراعاة تطورها التاريخي»(‪ ،)33‬قال‪« :‬وجعلت‬
    ‫و»المفصل» لأنه فصل فيه المنظوم بالمنثور(‪،)42‬‬                   ‫أبحث في ضروب الكلام فوجدتها على فصول‬
‫و»المبتدع» المتعلق بنوع المفصل(‪ ،)43‬وهو من خلال‬                  ‫وأقسام منها‪ :‬الترسيل والتوقيع‪ ،‬ومنها الخطبة‬
    ‫ذلك يعمد إلى تعليل سبب هذه المسميات كقوله‬                    ‫والحكم المرتجلة والأمثال المرسلة‪ ،‬ومنها المورى‬
 ‫عن المفصل‪« :‬وسمينا هذا النوع من البيان المفصل‬                 ‫والمعمى‪ ،‬ومنها المقامات والحكايات‪ ،‬ومنها التوثيق‬
    ‫لأنه فصل فيه المنظوم بالمنثور فجاء كالوشاح‬
                                                                                                ‫والتأليف»(‪.)34‬‬
                                   ‫المفصل»(‪.)44‬‬                ‫فالكلاعي بذل مجهو ًدا أكبر في تفصيل بعض هذه‬
      ‫فالكلاعي في تقسيمه الترسيل إلى أنواع أبان‬
  ‫عن قدرته على رصد التطور التاريخي للأساليب‬                      ‫الضروب محاو ًل اكتشاف الوجوه البلاغية التي‬
 ‫النثرية‪ ،‬حيث بدأ بالأسلوب الذي يخلو من صنعة‬                     ‫تحتضنها النصوص الأدبية‪ ،‬مبتك ًرا مصطلحات‬
     ‫وتنميق‪ ،‬لينتهي إلى الأسلوب الذي وصل حد‬
   ‫المبالغة في الصنعة والتكلف‪ ،‬كما أبان عن حسن‬                       ‫جديدة كما هو مبين في كتابه «إحكام صنعة‬
      ‫اطلاعه ومعرفته بأساليب الكتابة قدي ًما‪ ،‬وفي‬                    ‫الكلام»‪ ،‬الذي يتحدث فيه عن موقع الابتكار‬
    ‫عصره‪ ،‬حيث صنف الكتابة في أنواع الترسيل‪،‬‬                        ‫في الصناعة النثرية فيقسم أسلوبها المسجوع‬
‫وخص كل نوع بأبرز ممثليه‪ ،‬وبهذا يكون قد أحكم‬                       ‫إلى أنواع يسميها «المنقاد»(‪ )35‬و»المستجلب»(‪)36‬‬
‫صناعة النثر عند هؤلاء الكتاب‪ ،‬وأدرك خصائصها‬
 ‫عند كل واحد منهم‪ ،‬بل إنه استطاع إدراك منزلته‬                                    ‫و»المضارع»(‪ )37‬و»المشكل»(‪.)38‬‬
                                                               ‫علاوة على ذلك قام الكلاعي‪ ،‬بتقسيم الترسيل إلى‬
                                         ‫بينهم‬                   ‫أنواع منها «المصنوع» الذي وشح بأنواع البديع‬
                                                                ‫وحلي بكثرة الفواصل والأسجاع(‪ ،)39‬و»المرصع»‬
                                                              ‫الذي رصع بالأخبار والأمثال والأشعار(‪ ،)40‬وسمى‬

‫المجلد الحادي عشر‪ ،‬دار صادر للطباعة والنشر‪ +‬دار بيروت‬                                       ‫الهوامش‪:‬‬
    ‫للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت (لبنان)‪1375 ،‬هـ‪1956 /‬م‪ ،‬مادة‬
                 ‫«رسل»‪ ،‬ص‪.)285 -284 -283 -282‬‬                 ‫‪ -1‬وقد وردت لفظة «الترسل» في معجم «لسان العرب» لابن‬
                                                               ‫منظور‪ ،‬لكنها لم تخرج عن المعاني التي ترتبط باللفظة حسب‬
  ‫‪ -2‬في النقد الأدبي‪ ،‬عبد العزيز عتيق‪ ،‬دار النهضة العربية‬     ‫السياقات التي ترد فيها دون أن يورد المعنى النقدي للمصطلح‪.‬‬
 ‫للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪1391 ،‬هـ‪1972 ،‬م‪،‬‬
                                                                  ‫قال‪« :‬الترسل كالرسل‪ ،‬والترسل في الق ارءة والترسيل واحد‪.‬‬
                                                 ‫ص‪.223‬‬               ‫قال وهو التحقيق بلا عجلة وترسل في ق ارءته اتأد فيها‪،‬‬
 ‫‪ -3‬الترسل في القرن الثالث الهجري‪ ،‬فوزي سعد عيسى‪ ،‬دار‬
                                                                ‫قال‪ :‬والترسل من الرسل في الأمور والمنطق كالتمثل والتوقر‬
                        ‫المعرفة الجامعية‪1991 ،‬م‪ ،‬ص‪.18‬‬           ‫والتثبت‪ ..‬والإرسال‪ :‬التوجيه‪ ،‬وقد أرسل إليه‪ ..‬والمت ارسل من‬
                               ‫‪ -4‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬           ‫النساء التي ترسل الخطاب‪ ،‬وأرسل الشيء أطلقه وأهمله‪.»..‬‬

     ‫‪ -5‬صبح الأعشى في صناعة الإنشا‪ ،‬القلقشندي‪ ،‬الجزء‬                 ‫من هنا نجد ابن منظور يورد المعاني التي ترتبط بلفظة‬
    ‫الثامن‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪1340 ،‬هـ‪1922 ،‬م‪،‬‬          ‫«الترسل» ومختلف الصيغ المرتبطة بها‪ ،‬وإذا وقفنا عند قوله‬
                                                               ‫«والترسل في الق ارءة والترسيل واحد وهو التحقيق بلا عجلة»‪.‬‬
                                                 ‫ص‪.126‬‬           ‫وقوله «الإرسال والتوجيه» و»الترسل من النساء التي ت ارسل‬
   ‫‪ -6‬صبح الأعشى في صناعة الإنشاء‪ ،‬القلقشندي‪ ،‬ص‪-5‬‬              ‫الخطاب»‪ .‬نرى أنه لم يت َعَّد المعنى المتبادر للفعل «رسل» إلا‬
                                                                 ‫بزيادة طفيفة تتمثل في إثباته للترسل صفة التحقيق والضبط‬
                                                       ‫‪.6‬‬      ‫قبل التوجيه أو الإرسال‪ ،‬وهو ما يعني أن الإرسال والترسل لم‬
  ‫‪ -7‬في النقد الأدبي‪ ،‬عبد العزيز عتيق‪ ،‬دار النهضة العربية‬        ‫يكونا في نفس المنزلة لديه وإن لم يفصح عن ذلك إفصا ًحا‪.‬‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪13914 ،‬هـ‪1972 ،‬م‪،‬‬        ‫فابن منظور وهو يعرض للحديث عن مادة «رسل» وعن موقفه‬
                                                              ‫الخاص بخصوص «الترسل»‪ ،‬يستجمع كل المعاني الممكن أن‬
                                                 ‫ص‪.123‬‬          ‫تحيل عليها مشتقات هذه المادة‪( .‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪،‬‬
   ‫‪ -8‬ابن عبد الغفور الكلاعي الناقد‪ ،‬محمد المعلمي‪ ،‬رسالة‬
  ‫جامعية لنيل دبلوم الد ارسات العليا في الأدب العربي بإش ارف‬
   ‫الدكتور حسن الو اركلي‪ ،‬السنة الجامعية ‪1412 -1411‬هـ‪،‬‬
   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38   39