Page 39 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 39

‫قصيدة النثر‪-‬رغم لبس الّتسمية‪ -‬اّلتي‬                       ‫أمجد ناصر‬

 ‫غال ًبا ما ينظر إليها أ ّنها حليفة الهامش‬
  ‫واليوم ّي‪ ،‬نجد بعض أسمائها ال ّشعرية‬

         ‫اللّامعة عرفت هذا الخلل وحاولت‬

 ‫تداركه فكتبت "قصيدة نثر" أكبر وأشمل‬

    ‫من تسميتها‪ ،‬في مقدمتهم أدونيس‬

   ‫(سوريا) أنسي الحاج (لبنان) أمجد ناصر‬

‫(الأردن) رفعت سلام (مصر) صلاح بوسريف‬
‫(المغرب)‪ ..‬هذه الّتجارب ال ّشعرية اتخذت‬

                         ‫ال ّشعر خياًرا ثقاف ًّيا‬

                                                               ‫ومن ح ّب فلطسين‬
                                                               ‫أورثتني الهشاشة وال ّدموع‬
    ‫مشاكل عدة مع سدنة ال ّسلطة ال ّدينية في العالم‬             ‫ومن حب بغداد حتى طنجة‬
   ‫العرب ّي‪ ،‬وحكاية ال ّشاعر معروفة في هذا الصدد‪.‬‬              ‫أورثتني خفق ال ّضلوع‪.)12(»..‬‬
‫وقد تنبّه النّاقد العربي الكبير صلاح فضل إلى هذه‬
   ‫الاستراتيجية ال ّشعرية في قراءته لديوانه «أسفار‬              ‫هكذا إذن‪ ،‬تصي ُر القصيدة عند موسى حوامدة‬
‫موسى الأخير‪ ..‬العهد الأخير»‪ ،‬بقوله‪« :‬إ ّنه يسير في‬             ‫سيرة ذاتية ثقافية‪ ،‬ح ّمالة أوجه‪ ،‬حبلى برواسب‬
‫قصته الجديدة على غرار الخطوط الأساسية للقصة‬
     ‫القديمة‪ ..‬ويعمد إلى شيء من المخالفة للنموذج‬                 ‫ال ّطفولة‪ ،‬وعبق المكان‪ ،‬رائحة العشب‪ ،‬البؤس‪،‬‬
 ‫ال ّديني المأثور‪ ..‬إ ّن ال ّشاعر الفلسطين ّي ال ّذكي يقاو ُم‬  ‫التّربية ال ّدينية‪ ،‬حب الوطن الفلسطين ّي والوطن‬
   ‫قهر ال ّروح وطغيان الأمر الواقع باستشارة أنبل‬               ‫حب الإنسان في مشارق الأرض ومغاربها‪،‬‬        ‫العرب ّي‪،‬‬
   ‫المكنون في تراثه الأصيل‪ ..‬فإن التّوظيف القرآني‬                     ‫من ال ّصفات التي اتصفت بها ال ّذات‬  ‫وغيرها‬
‫النّاجح يصبح مصدر ال ّرؤية الخلاقة للمستقبل»(‪.)13‬‬              ‫ال ّشاعرة في طفولتها‪.‬‬
                                                               ‫إ ّن منحنى ال ّطفولة في ديوان «سأمضي إلى العدم»‬
     ‫إ ّن ما أشار إليه النّاقد صلاح فصل هو جوهر‬                ‫هو منحنى استيعاد ٌّي‪ ،‬بح ٌث عن ال ّطفولة ال ّضائعة‪،‬‬
‫العملية ال ّشعرية في شعر موسى حوامدة‪ ،‬وال ّشاعر‬                  ‫ومساءل ٌة لمآزق ال ّطفولة العربية ال ّراهنة‪ ،‬محاول ٌة‬
                                                               ‫للبحث عن ال ّصفاء والبراءة‪ ،‬وهرو ٌب من شيخوخة‬
   ‫المجدد هو الّذي يترك بصمته الخاصة على جسد‬                                  ‫الواقع العرب ّي بقسوته وجبروته‪.‬‬
‫القصيدة‪ ،‬ويخرج عن النّسق ال ّسائد‪ ،‬ويخلل ال ّرؤى‪،‬‬
                                                               ‫‪ -2‬المرجعية ال ّدينة‪ :‬مخالفة ال ّنموذج‬
   ‫وكأ ّني به يجسد التّصور النّظري ال ّشعر ّي الّذي‬                       ‫ال ّديني المأثور‬
   ‫ذهب إليه أدونيس في قصيدته ال ّرائعة «المفترق»‪:‬‬
                                                                     ‫يحضر المرجع ال ّديني بصورة لافتة في شعر‬
                 ‫«أجمل ما تكون أن تخلخل المدى‬                    ‫موسى حوامدة‪ ،‬وإن كان حضوره مخال ًفا لأنماط‬
                                    ‫والآخرون‪-‬‬                  ‫التّلقي أحيا ًنا‪ ،‬فهو يكسر أفق توقع القارئ العادي‪،‬‬
                                                               ‫الّذي لا يسعف ُه التّأوي ُل النّسق ُّي المتز ُن في فه ِم المعنى‬
                            ‫بعضهم يظنك النّداء‪،‬‬
                         ‫وبعضهم يظنك ال ّصدى‪.‬‬                      ‫المختبئ بين عتمات القصيدة‪ ،‬وهذا ما ج ّر عليه‬
                    ‫أجمل ما تكون أن تكون حجة‬

                              ‫للنور وال ّظلام»(‪.)14‬‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44