Page 41 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 41
39 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
-6ثقافة ال ّسرد والأوزان الخليلية المتزمتة ،إلى القصيدة «الحرة»،
قصيدة التّفعيلة وقصيدة النّثر ،قصيدة الحكمة
تع ّد ال ّسمة ال ّسردية واضحة المعالم في شعر موسى
حوامدة منذ عمله ال ّشعري الأول ،وليس انتها ًء بهذا والتّأمل ،ذات العبارات ال ّضيقة ،وال ّرؤيا الواسعة:
«البي ُت يضي ُق
ال ّديوان ،والنّهر ال ّشعري يجري متدف ًقا بال ّسرد
والحكي والوصف والحوار ،ك ّل الإمكانيات الّتي يصي ُر قفصي ال ّصدري
صدري يتّس ُع للحكايات»(.)20
توفرها ال ّرؤية ال ّسردية المتدفقة ،ومن أوليات واضح من المقطع ال ّشعري أعلاه ،مدى استفادة
النّقد الّتي تجعلنا نتحدث عن ال ّسرد في ال ّشعر هو ال ّشاعر من القولة المشهورة للصوف ّي عبد الجبار
النّفري« :كلما ضاقت العبارة ،اتسعت الرؤيا» على
كون نمط القصيدة نثرية «قصيدة النّثر» ،الأمر ضوء هذه القولة الجميلة يمكن قراءة مجمل قصائد
الّذي يجعلها تعلو عن الإيقاع العروضي المتزمت، ال ّديوان ،حي ُث جاءت مكثفة ومقتصدة لغو ًّيا ،لكنّها
وتمدد الفضاء الأدب ّي بعي ًدا عن تجويع اللّفظ حبلى بمرجعيات صوفية متعددة ،ورؤى تفتح باب
وإشباع المعني ،فيكبر المشهد ،ويتتابع ال ّسرد،
وتنمى الأحداث ،ويتداخل الحوار وتنكشف أسرار التّلقي والتّأويل.
ال ّشخصيات ..ومن أجواء هذه ال ّسمة نقرأ:
المغرب َّي «كن ُت التقي ُت الفتى -5مرجعية الفنون والأجناس الأدبية:
في با َح ِة الم ْهرجان حداثة الكتابة وال ّن ّص المركب
كان فلسطينيًّا أكث َر منّي
وكان مملو ًءا بالأ َم ِل في هذا ال ّديوان انتقل ال ّشاعر موسى حوامدة من
داف ًقا بال ّزعفران ضيق القصيدة ،إلى رحابة ال ّشعر بما هو تركيب
كان حريصا على ال ّذاكرة.. نص ّي و»جامع أنواع» وما يتيحه هذا الأخير من
انفتاح على «حداثة الكتابة» حي ُث إذاب ُة الحدود بين
..كان ابن أ ٍم وأ ٍب عربيّين
أماز ْيغيّين ال ّشعر ّي والنّثر ّي ،هكذا نجد نصو ًصا سردية
لا فرق بين ال ُصحبة في ال ِعر ِق واللِّسان»(.)24 مكثفة ،ولوحات فني ّة ،مشاهد سنيمائيّة وقصص
يكش ُف المقطع أعلاه من قصيدة «الفتى المغرب ّي» قصيرة ج ًّدا وحكم وشذرات شعرية وشعر الهايكو
حد ًثا بسي ًطا متناميًا في ال ّزمان والمكان ،تمثل في
لقاء شخصيتين شعريتين بباحة مهرجان شعر ّي بما هو مقتر ٌح جمال ٌّي في مسير ِة ال ّشع ِر العرب ِّي،
بمراكش أو القاهرة :ال ّشاعر الفلسطين ّي موسى وفيما يلي بعض النّماذج المنتقاة من ال ّديوان:
فويالإوعلاصمف ّي املمشغارعبريالينّابلسيالّنتعيدنان، حوامدة وال ّشاعر أ« -أجم ُل الهزائ ِم
ث ّم يمضي المقطع تأتيك ممن تحب»(.)21
اتصف بها ال ّشاعر /القرين ،ليعرج بنا من وصف ب« -أنا شري ُك الأنبيا ِء في الخسار ِة
المكان والوضعية الاجتماعية والثّقافية والعرقية.. وضحيتهم بين الأتباع»(.)22
ج« -يمضي عازف النّاي الحزين
إلى وصف الفضاء المغاربي وارتباطاته الحضارية تار ًكا أشجان ُه للصدى»(.)23
والتّاريخية وال ّدينية والنّضالية بفلسطين ،وتجدر
الإشارة إلى أن الاحتفاء بالأشخاص والأمكنة هكذا إذن ،يصب ُح ال ّشعر ّي في هذا ال ّديوان تشكي ًل
فسيفسائيًّا ،ون ًّصا مركبًا من نصو ٍص شعري ٍة عد ٍة
استدعا ًء أو توظي ًفا أو إهدا ًء ظاهرة جمالية بارزة
في ال ّديوان (محمد العباس ،يحي حقي ،حسن دعبل، وغير شعري ٍة ،أجناس وفنون ،وتقاطعات ع ّدة،
سليمان منصور ،تاروت ،القطيف ،ال ّسموع ،الجليل، ن ًّصا مجزأ ،يستقل بنفسه ،لكنّه جزء من كل ،يمكن
الأردن ،كنيسة النسطوريين ،طنجة). قراءته بأكثر من عين ،وأكثر من منهج ،وأكثر من
في معظم قصائد ال ّديوان يأخذ ال ّشعر ّي من
تأويل.