Page 45 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 45

‫‪43‬‬              ‫إبداع ومبدعون‬

                ‫رؤى نقدية‬

                                                                                   ‫والشخصية الرئيسة تحكي‬

                                                                                   ‫الأحداث‪ ،‬وتأخذنا من عالم إلى‬

                                                                                   ‫عالم آخر داخل بنية الفضاء‬

                                                                                   ‫السردي‪ ،‬كما نلاحظ تطور كل‬

                                                                                   ‫الشخصيات‪ ،‬ومناقشة القضية‬

                                                                                   ‫من خلال فضاء سردي يدخل‬

                                                                                   ‫فيه الخيال‪ ،‬من خلال سيرورة‬

                                                                                   ‫زمنية متداخلة ومتشابكة‬

                                                                                   ‫والشخصيات الثانوية‬

                                                                                   ‫المساعدة؛ لتكوين شخصية‬

                                                                                   ‫«هاني محفوظ» الشاب المثلي‬

                                                                                   ‫الذي وجد أخي ًرا شريكه «عبد‬
                                                                                    ‫العزيز» بعد صدمته الأولى‪،‬‬

                                                                                   ‫وتمر الشخصية بمجموعة من‬

                                                                                   ‫الأزمات النفسية‪ ،‬لكنها ترى‬

‫محمد عبد النبي‬  ‫زينب حفني‬                                             ‫إلهام منصور‬  ‫أن الهوية الجنسية أمر آخر‪،‬‬

                                                                                   ‫حتى بعد تزوجه وإنجابه ابنته‬

 ‫نجد ُك ُمو ًنا وتوار ًيا لكينونة الأنثى‪ ،‬فثمة تردد بين‬                            ‫«بدرية»‪ ،‬كما وصف الكاتب‬
‫التلميح إليها والتصريح بها‪ ،‬وتفسير ذلك فيما نرى‬
                                                                      ‫شعور الرجل بمثيله من خلال واقعة حقيقية‪ ،‬هذا‬
                                                                       ‫يجعلنا بالضرورة نرجع لكتاب «بنيان الفحولة»‬

                ‫هو عدم تبلور تلك الكينونة‪ ،‬وامتثال الشخصية‬            ‫لرجاء بن سلامة؛ لنفهم تحليل المصطلح بمعناه‬

                ‫النسائية لنوع من الحياء والاحتشام مع الإشارة‬                       ‫الصحيح‪ ،‬أي ًضا لنستطيع فهم الطبيعة المعملية‬
                                                                       ‫التي كان ُيش ِّرح فيها سيجموند فرويد انحرافات‬
                ‫إلى الخصوصيات الأنثوية»(‪ُ ،)2‬ت َع ُّد تلك البداية من‬  ‫الجنس‪« :‬أن الشخص الشاذ أو المخنث يكون عاد ًة‬
                ‫خصائص جوهرية معرفة الذات بالطبع‪ ،‬لا أقصد‬
                ‫«مأبو ًنا» والتي يقصد بها أنه يطلب أن يؤتى مثيله من خلال تعبيرها عن مثليتها‪ ،‬لكن من خلال‬
                                                                      ‫من ُدبره فهو «لوطيًّا» و»مأبو ًنا» في الوقت نفسه‪،‬‬
‫استخدامها للقلم‪ ،‬من هنا ننتقل للسؤال‪ :‬ما الوسيلة‬                      ‫أي مثليَّا يكون «إيجابيًّا وسلبيًّا» غير المأبون»(‪.)1‬‬

                ‫التى استخدمها كل من المرأة والرجل للتعبير‬             ‫أ َّما المرأة فعبرت في كتاباتها بشكل مغاير عن منطقة‬
                                                                           ‫الجنس الشائكة خاصة المثلية‪ ،‬فالذات وال ُهوية‬
                ‫عن مركزية الجسد؟ وكيف عبَّرا عنه بمستوياته‬                ‫لا يتحققان إلا بالكتابة‪« :‬تفضي بنا التصورات‬
                                                   ‫المتعددة؟‬

                ‫السرد‪ ،‬ومركزية الجسد في الثقافة‬                       ‫النظرية حول ال ُه ِو ّية ال ُأنثوية للكتابة التي تلمس‬
                                                                                   ‫مثيلاتها في السرد‪ ،‬فتلك المنطقة الخصبة التي‬
                ‫العربية‬                                                            ‫تتجسد فيها شبكة من تلك الأحاسيس‪ ،‬فتكون‬

‫ُّت َع ُّد اللغة المشكل الرئيس لكل علاقة جدلية للتعبير‬                ‫الكتابة تعبي ًرا عن نزوع إلى تحقيق الذات‪ ،‬فالجنس‬
 ‫والتشكيل الأساسي للوعي الإنساني‪ ،‬والعلاقات‬                            ‫منطقة خطيرة بالنسبة للحياد الأنثوي‪ ،‬لكنه كان‬

                ‫الإنسانية في المجتمعات البشرية؛ حيث تنتج‬                           ‫في بداية الأمر قضية تخص الكتابة الذكورية‪،‬‬

‫التصورات التي من خلالها يتشكل الوعي العام في‬                          ‫حتى ظهرت الروايات التي تعارض الفكرة‪ ،‬ولكن‬

‫إنتاج الثقافة‪ ،‬فاللغة أساس الوعي بالآخر وبك ِّل ما‬                    ‫بشكل يلزم الحياء وعدم التصريح والتوضيح‪..‬‬

                ‫يحتاج إلى التمعن‪ ،‬والوعي فيه من ثقافة تشكلت‬           ‫ففي كثير من نصوص الرواية النسوية العربية‬
   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50