Page 47 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 47

‫‪45‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

      ‫وبعدما تحول الجسد إلى «رغبة» حتى يشعر‬                 ‫ما هي إلا مؤكدات على أهمية الوعي بالجسد‬
  ‫بأنوثته‪ ،‬وإن هذا الجسد ما زال مرغو ًبا فيه ومن‬         ‫البشري‪ ،‬أ ًّيا كان مفهومه‪ ،‬فمعرفة قيمة الجسد‬
  ‫الممكن أن يصل لغايته‪ ،‬أو من الممكن أن يصبح ذا‬        ‫ومعرفة استهلاكه كسلعة‪ ،‬كما في رواية «ملامح»‬

                         ‫رونق وإن تقدم الزمان‪.‬‬             ‫لزينب حفني‪ ،‬حيث استهلاك الجسد من أجل‬
   ‫ج‪ -‬إن الأماكن المهجورة التي تحدثت عنها المرأة‬       ‫الحصول على الثروة‪ ،‬وتجميعها وخرقها للمجتمع‬
   ‫نتيجة خبرات سابقة‪ ،‬تعرضت لها المرأة فشكلت‬         ‫من أجل بلوغ الهدف‪ ،‬فالموضوع كان المال‪ ،‬فتحول‬
‫العامل النفسي لها‪ ،‬ومن َث َّم تحولت المرأة‪ ،‬وتحولت‬   ‫الجسد من موضع اللذة إلى موضع الهدف من أجل‬
  ‫حالتها النفسية‪ ،‬وحتى نظرتها لنفسها ولجسدها‪،‬‬          ‫المال‪ ،‬فالجسد كان رغبة للوصول إلى الغاية حيث‬
  ‫وذلك يؤكد ما ذكره فرويد عن الخبرات النفسية‪.‬‬
‫رغم ذلك لم تكتف المرأة بذكر الرغبات الجسدية من‬           ‫عرض حسين زوج الشخصية المحورية «ثريا»‬
‫الآخر في استغلال واستخدام جسدها‪ ،‬لكنها حاولت‬         ‫جسد زوجته على مديره في العمل؛ من أجل تحسين‬
    ‫جاهدة الخروج من فكرة التقليدية؛ حيث تجسد‬
 ‫المرأة بوصفها عاهرة أو أداة للإنجاب‪ ،‬فعبرت عن‬           ‫المستوى الاجتماعي‪ ،‬هنا تتحول الشخصية من‬
 ‫المثلية الجنسية‪ ،‬والدوافع التي تؤدي لعشق المثيل‪.‬‬    ‫أحلام المراهقة إلى أحلام الطموح في الحياة‪ ،‬فتسأله‬

‫التطورات الجمالية للفكر الأنثوي‬                         ‫الشخصية المحورية «ثريا» كيف يمكنها تحسين‬
                                                       ‫هذا الماضي والمستوى‪ ،‬ما الوسيلة التي يمكن من‬
 ‫يظن القارئ عند ذكر كلمة (سحاق) أنها العلاقات‬           ‫خلالها أن تنعم بحياة كريمة؟ كيف تصل إلى بر‬
   ‫الجنسية الأنثوية فحسب‪ ،‬لكن الحقيقة أن النقد‬        ‫الأمان بعد حياة مليئة بالقح ِط والضيق وقلة المال؟‬

 ‫السحاقي ُين ِّظر للسحاقية بوصفها حركة إبداعية‪،‬‬            ‫حيث حياتها مع والديها في حي السيل بجدة‪،‬‬
     ‫ليست جنسية‪ ،‬وجدت أن الإنتاج والتراث عن‬             ‫وصعوبة الحياة‪ ،‬وأمها التي كانت ترضى بحياة‬
                                                      ‫مبعثرة بالفقر‪ ،‬رغم ذلك تحاول الأم جاهدة توفير‬
‫السحاق قليل وأن الإبداع الأدبي يتحدث بشكل أو‬          ‫حياة كريمة لها ولأخواتها‪ ،‬ومع هذا الضيق كانت‬
  ‫بآخر عن العلاقات الجنسية النسائية التي تجمع‬         ‫ثريا الشخصية الرئيسة‪ ،‬وصوت (الراوي العليم)‬
  ‫بين الرجل والمرأة‪ ،‬حتى الحركات الأمريكية التي‬
   ‫قامت في ستينيات القرن العشرين تهمش النتاج‬             ‫المُطلعة على دواخل الشخصيات بالرواية؛ حيث‬
                                                     ‫تعيش في هذه الحياة ساخطة عليها‪ ،‬وعلى مجتمعها‬
‫الأدبي والإبداعي للأدب السحاقي‪ ،‬رغم ذلك هناك‬
‫الكثيرات من رائدات التاريخ الأدبي السحاقي‪ ،‬مثل‬         ‫المنغلق الذي يحجم من وضع المرأة‪ ،‬أي ًضا عادات‬
                                                       ‫وتقاليد وضعها المجتمع على الفتيات‪ ،‬ظنًّا منه أنه‬
  ‫جين رول صاحبة كتاب صور سحاقية ‪lesbian‬‬                ‫بذلك يحافظ عليهن من الانحراف وعلى بكارتهن‪:‬‬
      ‫‪ images‬الذي توضح فيه التاريخ السحاقي‬           ‫«نهاية العام الدراسي‪ ،‬لم يبق على موعد الامتحانات‬
                                                        ‫سوى شهر تقريبًا‪ ،‬كان بيتنا في مثل هذا الوقت‬
 ‫وأهدافه من وجهة نظرها الإبداعية‪ ،‬أ َّما عن ظهور‬
     ‫تلك القضايا في الأدب العربي الحديث‪ ،‬فقد تم‬           ‫من كل عام يعلن حالة الاستنفار‪ ،‬لا خروج‪ ،‬لا‬
                                                     ‫اتصالات هاتفية ولا زيارات‪ُ ،‬تخصص معظم الوقت‬
‫تناوله مع مراعاة الثقافة العربية والمرجعية الدينية‬
‫من خلال قلم المرأة‪ ،‬حيث اللغز الأنثوي وازدواجية‬         ‫للمذاكرة»‪ ..‬الكاتبة لم توضح دواخل الشخصية‬
                                                                   ‫فحسب لكنها أشارت لثقافة مجتمع‪.‬‬
     ‫الجسد في رواية «أنا هي أن ِت» لإلهام منصور‬
  ‫تتجاوز فكرة كونها رواية‪ ،‬لتصبح حالة فلسفية‬          ‫ب‪ -‬الجسد في رواية «ملامح» متحول‬
   ‫وأيديولوجية‪ ،‬تعبر عن حال المثليات والنساء في‬                  ‫ودائم التشكيل‬
   ‫عيون بعضهن‪« ،‬عشق المثيل» الذي يعني عشق‬
 ‫المثيل الجنسي «المثلية عشق مضاعف للذات سعيًا‬           ‫فالجسد تطور من وسيلة للحصول على المال إلى‬
  ‫لبلوغ كمال أعمق يت ِّممه الشبيه»(‪ ،)4‬تدور الرواية‬     ‫حماية في علاقة حسين مع زوجة عمه «لطيفة»‪،‬‬

                                                          ‫تحاول استغلاله قبل فنائه وانتهاء صلاحيته‪،‬‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52