Page 49 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 49

‫يظن القارئ عند ذكر كلمة (سحاق)أنها‬                              ‫باكتمال جسدي وروحي للحب‪« :‬كانت‬
                                                                 ‫سهام قد أصبحت لا تستطيع العيش من‬
  ‫العلاقات الجنسية الأنثوية فحسب‪ ،‬لكن‬                          ‫دون كلير التي ملأت صورتها كل فضائها‬
      ‫النقد ُين ِّظر للسحاقية بوصفها حركة‬
                                                                   ‫الواعي واللاواعي‪ ،‬تما ًما كما أصبحت‬
  ‫إبداعية ليست جنسية‪ ،‬وجدت أن الإنتاج‬                            ‫صورتها هي تسكن كل عالم كلير‪ ،‬عشق‬
                                                              ‫متبادل لا تع ّكره المحرمات لأنهما من جنس‬
     ‫والتراث عن السحاق قليل وأن الإبداع‬
                                                                                             ‫واحد»(‪.)5‬‬
‫الأدبي يتحدث بشكل أو بآخر عن العلاقات‬                                 ‫بعد معرفة الأم الحالة التي تمر بها‬
                                                                     ‫ابنتها‪ ،‬كان رد الفعل هو إبعادها عن‬
         ‫الجنسية النسائية‪ ،‬حتى الحركات‬                             ‫«كلير» وتهديدها بالرجوع‪ ،‬واستكمال‬
                                                                  ‫الدراسة في «لبنان»‪ ،‬وكانت العلاقة بين‬
  ‫الأمريكية التي قامت في ستينيات القرن‬                         ‫«كلير» و»سهام» هي عبارة عن علاقة بين‬
                                                              ‫المجتمعات والثقافات ظهر في أكثر من وضع‬
‫العشرين تهمش النتاج الأدبي والإبداعي‬                               ‫في خوف «سهام» من «الأم» ومعرفتها‬
                                                                   ‫بعلاقتها مع «كلير»‪ ،‬الحركة الثانية في‬
                             ‫للأدب السحاقي‬                      ‫كلام «أم سهام عن كلير» ورؤية «سهام»‬
                                                       ‫للمجتمع الغربي ونظرته عن السحاق‪« :‬كانت سهام‬
       ‫تعبر الكاتبة عن مشاعر وأحاسيس تلك الفئة‪.‬‬        ‫تريد أن تقول لأمها إن الحركات النسائية في فرنسا‬
 ‫أ ّما عن شخصية «ليال» التي تمثل «أن ِت»‪ ،‬شخصية‬        ‫تدافع عن ذلك‪ ،‬وإن الأمد لا ينظر إليه هنا كما ينظر‬
                                                       ‫إليه في لبنان وفي المجتمعات العربية»‪ ،‬لكن الأم ترى‬
        ‫تظهر بدورها بعد صدمة «سهام» في «نور»‪،‬‬
    ‫هي الوجهة الأنثوية التي تريد «سهام» أن تكمل‬                          ‫أن «كلير» مرض وخطيئة وعار‪.‬‬
                                                       ‫وفي نهاية علاقة «كلير» و»سهام» نلاحظ مواجهتين‬
       ‫جزءها المفقود منها‪ ،‬قد ظنَّت في البداية أن لها‬
  ‫ميو ًل جنسية مثليّة لكن الظن لم يكن في محله‪ ،‬أ ّما‬        ‫بين مجتمع وفكر عربي وغربي حين وصفتها‬
                                                         ‫بالجبن‪ ،‬فكان رد «سهام»‪« :‬أنا لست جبانة‪ ،‬لكني‬
    ‫«ميمي» فتمثل الازدوا ّجية المثلّية‪ ،‬هي الشخصية‬
   ‫المزدوجة‪ ،‬شخصية مسطحة‪ ،‬لا تدرك من العلاقة‬               ‫لا زلت أحترم أمي وأحترم إرادتها‪ ..‬وستعلمين‬
                                                         ‫لاح ًقا أنني لست جبانة‪ ،‬سأعيش حياتي كما أريد‬
      ‫سوى الجسد‪ ،‬متعته وجهها الخارجي للعلاقة‬             ‫ومع من أريد»(‪ ،)6‬يعني هذا أن «سهام» لم تكتمل‬
      ‫فالانخراط فالعلاقات الجنسية لمتعتها‪ ،‬تزوجت‬       ‫ولا تعرف هويتها إلا في وجود جسد‪ ،‬وليس الجسد‬
   ‫كي ُترضي المجتمع والقيم‪ ،‬كأمها‪ ،‬لكنها في الوقت‬         ‫وحده المكمل إلى العلاقة الروحية‪ ،‬لكن الشخص‬
    ‫ذاته تفي بحاجاتها الجسدية‪ ،‬فالسحاق لها نوع‬
    ‫من الترف أو نوع من الانحراف السلوكي‪ ،‬يشير‬                ‫وموضوعه‪ ،‬والموضوع هو الشهوة التي تولد‬
 ‫ضمير «هي» في عنوان الرواية إلى «ميمي» بوصفها‬              ‫الرغبة‪ ،‬وما دامت هناك شهوة؛ إذن هناك نقطة‬
      ‫العلامة الرمزية التي يدركها القارئ بعد قراءة‬       ‫تلا ٍق هي الرغبة الجسدية والذات والجسم المحقق‬
 ‫الرواية؛ فالحالة التي بين أيدينا لم تعد رواية‪ ،‬لكنها‬
  ‫حالة استثنائية نسائية‪« ،‬ليال» بالنسبة إلى «ميمي»‬                                           ‫للاكتمال‪.‬‬
                                                           ‫أجبرت الأم «سهام» على العودة من باريس إلى‬
       ‫حالة جذب ذكورية‪ ،‬أي أن «ليال» تكمل حالة‬              ‫بيروت‪ ،‬وقد أصبحت أبواب الجامعة مفتوحة‪،‬‬
                       ‫العشق الذكوري لـ»ميمي»‪.‬‬           ‫نلاحظ مرة أخرى أن الشخصية تمارس التجربة‬
                                                          ‫الجسدية مع أستاذتها الجامعية الدكتورة «نور»‬
  ‫أ ّما عن الأم فهي تمثل «الثقافة العربية»‪ ،‬والموروث‬     ‫التي تقودها إلى متعة اللذة الجنسية واللذة المثليّة‪،‬‬
        ‫الاجتماعي‪ ،‬دورها ثانوي لكنها تحتل مكانة‬        ‫ذلك فيما يخص شخصيات الرواية التي من خلالها‬
   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54