Page 50 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 50

‫العـدد ‪25‬‬    ‫‪48‬‬

                                                          ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

‫في فضاء السرير‪ ،‬يبحث عن جسد الأنثى لا يحاول‬                 ‫عالية في بنية السرد‪ ،‬فالأم تمثل بدورها الخلفية‬
                                   ‫فهم نفسيتها‪.‬‬           ‫الاجتماعية الرافضة للمثليّة‪ ،‬أي ًضا هي تم اختزالها‬
                                                          ‫فيما حرمته الأديان‪ ،‬وعموم الثقافات‪ ،‬فالأم قضية‬
‫كان الهدف هو تقييم نظرة المرأة لنفسها‪ ،‬والاهتمام‬         ‫موروث ثقافي واجتماعي وديني‪« :‬تساءلت الأم لماذا‬
    ‫بالأدب النسوي‪ ،‬لا إشعال المنازعات بين الأدب‬
                                                             ‫تضع سهام صورة تلك الفتاة على مكتبها‪ ،‬ففي‬
 ‫الذكوري والأدب النسوي‪ ،‬والتقسيم والتخصيص‪،‬‬                   ‫اعتقادها أن البنات في عمر سهام يضعن صور‬
     ‫لكن تأكيد خصوصية الأدب النسوي باعتباره‬              ‫شبان معهن»(‪ .)7‬مثلت هنا موروث العادات والتقاليد‬
                                                             ‫العربية‪ ،‬والرفض التام لهذه الحالات‪ ،‬الأم حتى‬
  ‫تمثي ًل لعالم المرأة‪ ،‬أي ًضا إظهاره لقدرتها الإبداعية‬      ‫لا تعترف بمرض هذه الحالات‪ ،‬كل ما تراه أنها‬
          ‫لوصف المعاناة الإنسانية للعالم وللذات‪.‬‬
                                                                                         ‫علاقات ُمحرمة‪.‬‬
‫لقد لوحظ الحرص على الخروج من دائرة الاختزال‬                  ‫أ ّما عن «فريد» الرجل الواحد الذى يمثل النزعة‬
‫الجسدي‪ ،‬وتمثيل جسد المرأة للملذات الجنسية التي‬               ‫الذكورية في الرواية بعد «الأب» مغتصب ابنته‪،‬‬

   ‫تشبع الرجل شاءت المرأة أم أبت‪ ،‬فالمرأة حاولت‬                 ‫لتمثل الكاتبة فيه مصطلح «الاستلاب»‪ ،‬فهو‬
     ‫كسر التنميط الثقافي لجسدها ونظرية الاعتلاء‬          ‫شخصية لا تمثل إلا الواقع التقليدي للرجال‪ ،‬دوره‬

‫الجسدي التي ظلت مربوطة بجسد المرأة دون النظر‬                 ‫في الرواية ثلاثة أطوار فقط هي الاستطلاع عن‬
    ‫إلى عقلها‪ ،‬فأصبحت المرأة كائنًا مش َّو ًها مختز ًل‬      ‫الحرب وتحذير الأسرة من وقع الحرب وعلاقته‬
   ‫في جسد‪ ،‬الرجل ينازع عليها من الناحية الدينية‬            ‫الزوجية مع ميمي‪« :‬رحلت الجارة ودخلت ميمي‬
                                                            ‫غرفة النوم متعبة‪ ،‬استلقت على السرير الزوجي‬
  ‫والاجتماعية والثقافية‪ ،‬ويسلط رصاصات الثقافة‬              ‫ونامت من دون أن تعير أي اهتمام لزوجها الذي‬
                          ‫الأبوية على هذا الجسد‪.‬‬         ‫تمدد بالقرب منها يحاول مداعبة جسدها‪ ،‬لكنه بعد‬

        ‫في الرواية الأنثوية استطاعت المرأة تصوير‬              ‫قليل فهم الرسالة‪ ،‬فأدار ظهره لميمي وغفا»(‪.)8‬‬
      ‫المجتمعات وثورتها الفكرية‪ ،‬ليست بالصورة‬                ‫العلاقة الزوجية التقليدية بين (الرجل والمرأة)‪،‬‬
   ‫اللفظية والوصف المكاني‪ ،‬لكن من خلال تجسيد‬               ‫تمثلها الشخصية الزوجية بشكل تقليدي‪ ،‬ظهرت‬
 ‫الموروث في داخل الشخصيات أو من خلال الجسد‬               ‫الشخصية بصور ٍة أقل من العملية السردية‪ ،‬وتطور‬
                                                          ‫الأحداث‪ ،‬لكنها على كل حال تظهر الرجل التقليدي‬
          ‫ورغباته حتى وإن كانت رغبات منحرفة‪.‬‬
       ‫استطاعت المرأة توصيف واكتشاف العواقب‬
      ‫الناجمة عن الاغتصاب‪ ،‬والاستلاب الجسدي‬
      ‫«ففى الاغتصاب‪ُ ،‬يستلب الإنسان‪ ،‬يتخلى عما‬
    ‫هو من حيث البنية غير قابل للاستلاب جسمه‪،‬‬
 ‫حميميته‪ ،‬ذاته‪ ،‬فإن في استلاب اللقاء الجنسي يقع‬
‫عدم استلاب الشخص»(‪ ،)9‬وما ينتج عنه من عواقب‬
      ‫تأخذ المرأة إلى أن تحب ذاتها فتكون فلسفتها‬
‫الأيديولوجية والجسدية منحرفة‪ ،‬بل الشغف يكون‬
    ‫لمعرفة ذاتها من خلال ذات شبيهة لا من خلال‬
    ‫آخر؛ أي أن المرأة تكمل الروح من خلال الشبيه‬
   ‫المتيم بهذا الجسد؛ من َث َّم تضرب بعرض الحائط‬

                 ‫الرجل وثقافة المجتمع المفروضة‪.‬‬
 ‫استطاعت الرواية كذلك تسليط الضوء على الأماكن‬

    ‫الشائكة المهجورة‪ ،‬التي لم يتم الحديث عنها من‬
    ‫خلال الجانب الإبداعي‪ ،‬وهي الثقافة المثلية بين‬

       ‫النساء‪ ،‬وعالمها‪ ،‬وما الأسباب التي تؤدي إلى‬
     ‫انجراف المرأة إلى هذا العالم‪ ،‬وتحقيق إشباعها‬
   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55