Page 48 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 48

‫العـدد ‪25‬‬    ‫‪46‬‬

                                                     ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

 ‫عن نساء يبحثن على الهوية الجنسية‪ ،‬حيث تشعر‬          ‫في فلك ثالوثي عن شخصيات نسائية‪ ،‬وعلاقاتهن‬
       ‫كل واحدة منهن بالغربة وعدم الانتماء لهذا‬     ‫المِ ْثلية‪ ،‬شخصيات محورية لهن ما ٍض شديد التأثير‬

     ‫الجسد من خلال «الغير أو الآخر» الذي يعني‬        ‫في حياتهن الحاضرة‪ ،‬تتوالى الحوارات التي ُتظ ِهر‬
  ‫الرجل‪ ،‬لم ترد على لسان الشخصيات أو في إطار‬             ‫جوانب النفس‪ ،‬والرموز‪ ،‬والدلالات في الكلام‪،‬‬
    ‫الأحداث شخصية ذكورية‪ ،‬حيث اكتفت الرواية‬
   ‫بذكر الشخصيات النسائية‪ ،‬ولم يظهر الزوج إلا‬         ‫والجمل التعبيرية‪ ،‬والمونولوجات التي تظهر فيها‬
  ‫في النزعة الذكورية المعروفة‪ ،‬وهي الزواج ومتعة‬        ‫العبارات الإنشائية‪ ،‬ومشاعرهن‪ ،‬وعواطفهن في‬
                                                      ‫لغة تفيض بالحب والعشق‪ ،‬والرغبة في التواصل‬
           ‫شبقية في فضاء «السرير» مع «ميمي»‪.‬‬            ‫الجسدي لمعرفة الذات‪ ،‬وكأن الشخصية تعرف‬
    ‫على صعيد آخر لم تكتف الرواية بذكر الحالات‬               ‫ذاتها من خلال الوصل الجنسي مع المثيل؛‬
  ‫السحاقية فحسب‪ ،‬بل أشارت إلى هذه الحالة التي‬         ‫فيكمل ما ينقصه من خلال ذلك التواصل‪ ،‬يتجلى‬
     ‫قامت على خلفيات موروثة من تقاليد‪ ،‬وعادات‬             ‫عشق المثيل في سلسلة متداخلة ومتنوعة من‬
‫رافضة هذه الحالة الجنسية التي ترى في المجتمعات‬
  ‫العربية على أنها شذوذ‪ ،‬أي ًضا على خلفية الحروب‬     ‫الصور التي جعلت من الجسد والجنس موضو ًعا‬
    ‫الأهلية اللبنانية تجد الشخصية المساحة الكافية‬        ‫خصبًا‪ ،‬تم تمثيله بكيفيات سردية متعددة‪ ،‬في‬

       ‫لتحقيق المتعة الجسدية‪ ،‬فتشتد رغبة الجسد‬         ‫الوقت ذاته لم تعتمد الكاتبة على ترويج المشاهد‬
    ‫على إيقاع الرصاص‪ ،‬كأن الكاتبة تود أن ترسل‬         ‫الجنسية في الرواية بقدر ما حاولت جاهدة إبراز‬
    ‫إلى القارئ أن الرغبة الجنسية واشتعال الجسد‬         ‫الجرأة والصراحة فيما يخص الظروف النفسية‬
   ‫شهوة في ظل الحروب والمدافع والنيران لا تقف‬        ‫والاجتماعية وحتى البيولوجية في العلاقات المثِلية‪،‬‬
 ‫عائ ًقا‪ ،‬ولا تفترض السطوة على رغبة الجسد لكنها‬       ‫واعتمدت الروائية على التحيز الفكري للمتلقي في‬
     ‫وسيلة اتصال جيدة‪ ،‬و َّظفتها الكاتبة في السرد‬     ‫علم العلامة والدلالة بين القارئ والنص السردي‬
‫والأحداث لتوفر المناخ للانفراد بالعشيقات‪ ،‬فيبقين‬    ‫الذي بين يديه «أنا هي أن ِت»‪ ،‬التي تجعل المتلقي في‬
                                                     ‫نهاية الرواية ينظر إلى العنوان ليحدد الشخصيات‬
                   ‫مستغرقات في المتعة الجسدية‪.‬‬
    ‫نلاحظ كذلك أن شخصيات رواية «أنا هي أن ِت»‬                ‫في الضمائر‪ ،‬ويعيد استكشافها بالح ْدس‪،‬‬
    ‫تحتفي بالجسد الأنثوي‪ ،‬فالأنثى خلال العملية‬                                           ‫والإسقاط‪.‬‬
     ‫السردية ُتش ِعر القارئ بأن علاقاتها تقوم على‬
 ‫الحب أكثر من اتكائها على الجنس‪ ،‬تعشق «الجسد‬            ‫تدور الأحداث حول الفتاة «سهام» التي تحكي‬
    ‫والروح»‪ ،‬وذلك يقودنا إلى إحداث اللذة والمتعة‪،‬‬        ‫قصتها مع ال ُهوية والسحاق واكتشافها ذاتها‪،‬‬
    ‫والرواية تهتم اهتما ًما منقطع النظير بالسحاق‪،‬‬      ‫والحالة النفسية التي تمر بها‪ ،‬وحبيبتها «كلير»‬
 ‫وتعرض تلك العلاقات المِثلية بين النساء في فضاء‬        ‫الفتاة الفرنسية‪ ،‬واغتصاب والدها إياها وكرهها‬
                                                         ‫عالم الرجال‪ ،‬هذا يقودنا لمفهوم الاستلاب‪ ،‬أي‬
                                        ‫السرد‪.‬‬           ‫استلاب حق جسد الغير‪ ،‬لم تكن مجرد رواية‬
   ‫ُت َعد شخصية «سهام» هي «الأنا» في رواية إلهام‬    ‫ُتحاكي مشاهد جنسية سلطت الضوء عليها‪ ،‬ولكنها‬
                                                          ‫تسلط الاهتمام على الدواخل النفسية والحالة‬
       ‫منصور»هي التي تكملنا بالسرد‪ ،‬وتظهر لنا‬        ‫الفلسفية لهن‪ ،‬وحالة الازدواجية الجنسية للجارة‬
   ‫العلاقات المتعددة لها بين ثقافات مغايرة للثقافة‬   ‫«ميمي» هي وجارتها‪ ،‬وعالم السحاقيات التي قلما‬

     ‫العربية‪ ،‬إلا أنها تواصلت معهم وحققت المتعة‬                                    ‫تكلم ال ُكتًّاب عنه‪.‬‬
  ‫الجسدية مع «كلير»‪ ،‬هذا بعد تجربتها العربية مع‬
                                                          ‫رؤية أنثو ّية للشخصيات‬
    ‫«المعلمة»‪ ،‬وفرت لنا «سهام» مستويات متعددة‬
‫للسحاقيات‪ ،‬لم تقتصر حالتها الجسيمة في المجتمع‬             ‫يتوزع السرد والأحداث في الرواية على ثلاث‬
                                                      ‫شخصيات محورية‪« ،‬سهام» و»ليال» و»ميمي»‪،‬‬
  ‫العربي فحسب‪ ،‬لكنها عاشت حريته واعترفت به‬
 ‫في «فرنسا» مع كلير‪ ،‬هذه الفتاة التي شعرت معها‬
   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53