Page 53 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 53
51 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
الشعراء الرومانتيكين في الأدب
الفارسي ،وأسماء أخرى عديدة
لمعت في سماء الأدب الفارسي.
وتأثر الشعر الفارسي بالشعر
العربي ،واستعان بالعروض
والبديع والثقافة ومنازعها،
كما كان تأثر اللغة الفارسية
باللغة العربية إلى حد كبير ،ولم
يكن ثمة اتصال بين العربية
ولغة أخرى أكثر مما حدث
مع الفارسية .مما جعل الشعر
الفارسي يك ّون مع الشعر
العربي جس ًدا واح ًدا قائ ًما على
ثقافة واحدة.
ولقد كانت موضوعات الشعر
أحمد شاملو نيما يوشيج فريدون مشيري الفارسي مشابهة إلى حد ما
موضوعات الشعر العربي
المثنوي المعنوي لجلال الدين الرومي ،وفي ملحمة والتي منها المديح والهجاء والرثاء والغزل
الشاهنامة للفردوسي وأغلب غزليات الشعراء والخمريات والمناظرات ،فقد استعان الفرس
بالأساليب العربية مما جعلهم يحفظون الشعر
الفارسيين القدماء وخصو ًصا الشعراء الصوفيين. العربي ويقتبسون منه ،وأتقن بعضهم اللغة العربية
أما وجود القافية الموحدة في القصيدة الفارسية وكتب بعضهم شع ًرا في اللغة العربية وكان ذلك
فقد ظهر هذا النظم في الغزليات التي كتبها الشعراء يتمثل كتقليد ثم صار تصر ًفا.
في مواضيع العشق والتصوف ،حيث تكون ولكن على عكس الشعر العربي الذي كان في بدايته
القصيدة كلها في قافية واحدة ،إلا أن أبياتها قليلة، صعبًا ومليئًا بالزخارف اللغوية؛ كان الشعر
وقد يستخدم الشاعر هنا جميع أوزان الشعر في الفارسي بسي ًطا وخاليًا بعض الشيء من الألفاظ
القصيدة نفسها ،متطر ًقا إلى مواضيع عديدة في المزخرفة ،والتعقيد اللغوي .ولكن بعد مرحلة أخرى
الدين والفلسفة والأخلاق والمدح والهجاء وغير تغير نظم الشعر الفارسي و امتاز بالصعوبة وقوة
ذلك .والقصيدة أي ًضا يمكن أن تتضمن ما يسمى الكلمة ،وهذا حدث في ظل الظروف الشديدة التي
بالقطعة ،وهي بضعة أبيات منفصلة في المعنى عاشتها الأمة الفارسية في أيام غزو المغول التتار
عن موضوع القصيدة العام ،أو تكون بحد ذاتها
مشتملة على معنى آخر قد يمثل مشرو ًعا لقصيدة وحكم التيموريين.
أخرى. ولعل أهم أشكال أو ضروب الشعر الفارسي التي
وقد يكون فن الرباعي هو أشهر فنون الشعر ظهرت في البداية هو ما يسمونه بـ(المثنوى) والذي
الفارسي القديم وأكثر ضروبه استعما ًل وأصالة، يقصد به أن المنظومة الشعرية لا تقع ضمن قافية
وهو بلاشك فن فارسي أصيل ،إذ لم يشتهر به بين واحدة وإنما تتعدد قوافيها بتعدد أبيات الشعر
فيها ،أي أنه لكل بيت شعري واحد قافية تختلف
عن الآخر ،فيصبح بإمكان الشاعر أن يسرد حكاية الأمم غير الفرس ،وتتكون الرباعية من بيتين فقط،
وكل رباعية تتضمن فكرة أو موضو ًعا أو حكمة
معينة منفصلة عن الرباعيات الأخرى ،إذ لا يمكن أو قصة أو حكمة أو در ًسا تهذيبيًّا وما إلى ذلك
من مواضيع أخرى ،كما نجد مثال ذلك في ديوان