Page 44 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 44

‫العـدد ‪25‬‬    ‫‪42‬‬

                                                       ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

‫بريهان أحمد‬

‫توظيف الجنس في الإنتاج الثقافي‪..‬‬

‫بين الذكورة والأنوثة‬

‫تميزت المرأة العربية بتغيير الواقع من خلال اختيارها نوع الجنس الأدبي‬
‫الذى يع ِّب ُر عن واقعها ونزيفها الداخلي من أوجاع ذكورية‪ ،‬تمركزت في‬
‫وعيها من خلال أمثال وأقوال كانت أسا ًسا بنائ ًّيا في زيادة دونية المرأة‪،‬‬
‫وهو ما ش َّكل صورة المرأة فى الأذهان العربية وسائر الثقافات؛ وذلك‬
‫بسبب تحجيم دورها في القول والفعل‪ ،‬لكن المرأة ‪-‬رغم ذلك‪ -‬استطاعت‬
‫الخروج من عنق زجاجة الأفكار الذكورية‪.‬‬

  ‫الذات لا يكون إلا من خلال ذات غيرها‪ ،‬ومن هنا‬         ‫ُت َع ُّد العلاقة هنا بين المرأة والكتابة علاقة إنقاذ؛‬
 ‫نستكشف مصطلح «كتابة الذات»‪ ،‬وهي كتابة ُت َع ُّد‬
                                                           ‫لأن المرأة تدافع عن نفسها من خلال كتاباتها‬
   ‫طوق نجاة المرأة الوحيد‪ ،‬الذى يعبر عن سحرها‬         ‫الإبداعية‪ ،‬وتحقق حوا ًرا تبادليًّا بين المرأة والمجتمع‪،‬‬
   ‫الكامن في القلم‪ ،‬ويساعدها على تحقيق ذاتها من‬
‫خلال جماليات الإبداع؛ لأنها ترسم المفارقة الثقافية‬          ‫ولا نعني بالنظرة الذكورية التحقير من شأن‬
                                                         ‫الرجل؛ لأننا بذلك لا نكون في موقف دفاع ٍّي عن‬
       ‫الكبرى بين الذات الأنثوية والعالم الخارجي‬          ‫المرأة‪ ،‬ولا في موقف يبحث عن حرية ومساواة‪،‬‬
                                     ‫ومعتقداته‪.‬‬          ‫لكننا سنكون في موقف ازدواجي‪ ،‬أي ازدواجية‬

     ‫إن المرأة تحاول جاهدة النبش في قضايا ظلت‬              ‫تجاه شأن المرأة قبل شأن الرجل؛ لأن الحرية‬
  ‫مدفونة داخل مقابر الفكر الذكوري‪ ،‬حتى في عالم‬        ‫والمساواة حق للجميع دون تمييز فرد على آخر‪ ،‬ولا‬
 ‫السحاق واللواط (الجنس)‪ ،‬هناك أي ًضا العديد من‬
‫الروايات التي ُكت َبت بأقلام الرجل تناولت اللواط أو‬     ‫دين على آخر؛ ومن َث َّم يكون الدفاع عن المرأة على‬
 ‫المثلية لكنها لم تأخذ السحاق قضي ًة لها‪ ،‬بل ذكرت‬                                        ‫أرض صلبة‪.‬‬
  ‫الدور الثانوي للمرأة بوصفها زوج ًة وأ ًّما رافضة‬
                                                         ‫يجدر بنا أن نرصد في هذه المقالة أن هدف المرأة‬
      ‫لتلك الثقافة التي تتنافى مع ثقافتنا المجتمعية‪،‬‬   ‫من اختيار هذا الجنس الأدبي كان تدوين جسدها‬
‫بالأخص الدينية‪ ،‬على سبيل المثال‪ :‬رواية محمد عبد‬
 ‫النبي «في غرفة العنكبوت» حيث إن الرواية حدثت‬             ‫وشي ٍء من جسد الذاكرة التاريخية والمجتمعية‪،‬‬
‫بالفعل عام ‪2001‬م‪ ،‬سميّت بحادثة «الكويت بوت»‪،‬‬            ‫ذاكرة واقع جعل من جسد المرأة سلعة أو شهوة‪،‬‬
 ‫هي حادثة لمجموعة من الشباب أخذهم أمن الدولة‬
                                                           ‫لكن هناك العديد من التغيرات التي طرأت على‬
     ‫في حادثة عبادة الشيطان أو الشذوذ الجنسي‪،‬‬              ‫فكرها ونظرتها لهذا الجسد‪ ،‬ث َّمة مجموعة من‬
                                                            ‫الكتابات الوجودية‪ ،‬التي تختص بالنظرة إلى‬
                                                         ‫معرفة الذات من خلال ذات أخرى؛ لأن إحساس‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49