Page 46 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 46
العـدد 25 44
يناير ٢٠٢1
الثقافة مخترقة لجسد المرأة ،وتشكل وعي المتلقي حول مركزية الجسد« :إن هناك علاقة جدلية
فقط ،لكنها شكلت تصو ًرا عن عقلها ،من خلال بين اللغة والوعي لا تتوقف ،وتمارس دورها
طوال حياة اللغة والناس» ،بمعنى أنه إذا كانت
العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة ،وتصوير المرأة الدراسات السابقة ،والكتب التراثية تحدثت عن
ذات عقل ،بيد أن هذا العقل هو «الفرج» مما أثر الجسد والجنس وتعامل الرجل مع المرأة ،والعلاقة
في الحياة النفسية لها ،ينطلق ابن كمال من رؤية بما فيها من متعة جسدية وصور متعددة للتقارب
ذكورية تظهر المرأة أكثر شب ًقا من الرجل بحيث الجسدي في كتب شتَّى ،مثل «رجوع الشيخ إلى
يكاد يجعل عقلها في فر ِجها ،من َث َّم يحتفظ بالقيم صباه» و»طوق الحمامة» لابن حزم الأندلسي
الخلقية والنفسية العليا للرجل» ،إذا كانت النظرة و»الحيوان» للجاحظ و»الأغاني» للأصفهاني؛ فإن
الثقافية القائمة على جدار الثقافة العربية أساسها اللغة هي الوسيط في هذا الوصف الدقيق من خلال
مركزية الجسد في الثقافة ،إذ كان في بداية الأمر
الرغبة في المرأة ،وفيما يخص الرغبة في جسد المرأة؛ الوصف تقليد ًّيا من خلال الصفات البشرية من
حيث إن تاريخ الأدب العربي حافل بالكتابة عن الجسم والوجه ورحم المرأة الذي ُي َع ُّد أر ًضا خصب ًة
للقضيب ،لكن وصف الجسد تجاوز تلك المناطق
الشهوة المختصة بالنساء ،ومن َث َّم يجدر التوضيح التقليدية ،جعل الجسد حجا ًبا حاميًا للروح ،ففي
أن الجسد في تمثيله متفاوت من مبدع إلى مبدع الكتابات الصوفية يختلف الجسد عنه في الكتابات
التراثية عنه في الكتابات الإبداعية الحديثة؛ لأن
آخر بما فيه إبداع المرأة ،وهذا مبلغ الهدف ،تناول الجسد الاستراتيجي في الخطاب الصوفي يمر
الأعمال الإبداعية التي ناقشت قضايا الجنس بمراحل متعددة ،أولها بوصفه حجا ًبا مرحليًّا
وانطلا ًقا للإحساس «وقد تشكل الوعي العربي
والجسد في أدب المرأة ،ومن هنا نستند إلى الأفكار بالجسد الأنثوي على نحو خاص ،يتعلق بالظروف
الأيديولوجية ،ثم إلى لغة التوصيل إلى المتلقي الذي الحضارية حيث قارن العربي بين تصور المرأة،
وتصوره للحيوانات التي عايشها وخصو ًصا الناقة
يشكل وعيه بالجسد ،وكيفية تصوره ،ما ذكرناه
ُي َع ّد المستوى الأول لمستويات الجسد في التراث. والفرس»(.)3
لعل الاقتراب من الذاكرة الجماعية العربية له دور
أ -الجسد ذو معا ٍن متعددة (رواية
ملامح لزينب حفني) نموذ ًجا فعلي في تف ُّجر روح ثورة النقد النسوي ،ويصل
بنا ذلك إلى
إن كل هذه المحاور والتوثيق ،المتعلقة بالجسد في موضوع
التجليات الصوفية أو فيما يتعلق بالتراث والجنس،
إشكالية المرأة
في الحياة
العربية ،وهو
موضوع في
الثقافة التي
كونت فيما بعد
ركا ًما عري ًضا
من التصورات
والتأويلات في
وعي المتلقي؛
فلم تكن هذه