Page 30 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 30
العـدد 25 28
يناير ٢٠٢1
وغيرها. يوسف الكاتب ،وابن العميد ،والصاحب بن عباد،
ومن أنواع الرسائل الديوانية نجد« :رسائل الجهاد وعبد العزيز بن يوسف ،وضياء الدين بن الأثير
وغيرهم من الكتاب الذين لم يأفل ويخفت أدبهم،
التي يوجهها الخلفاء إلى قوادهم يكلفونهم فيها فقد كان لا يصل إلى تولي ديوان الرسائل إلا من
بالغزو ويزينون إليهم الجهاد في سبيل الله لإعلاء حسنت سيرته وذاعت شهرته ،وكان فارس بلاغة
كلمته ،واعتمدت هذه الرسائل على المعاني الدينية، وصاحب إتقان وجودة في تدبيج وتطريز الرسائل،
فكان الكاتب يضمنها الآيات التي تتحدث عن وقال عنه جرجي زيدان في «تاريخ آداب اللغة
تكاليف الجهاد باعتباره فريضة شرعها الله لحماية العربية»« :فتحت الرسائل بعبد الحميد وختمت
بابن العميد» .وقد بلغ فن كتابة الرسائل أوجه في
دينه وإعلاء شأنه ،كما كانت تتحدث عما ينتظر
المجاهدين من ثواب ونعيم في الدارين»(.)3 القرنين الثالث والرابع الهجريين.
غير أن هذه الصناعة ما لبثت أن أصابها الكساد في
تطرقت الرسائل الديوانية إلى موضوعات عديدة عصور الضعف الذي انتشر ،حتى كاد فن الترسل
ومتنوعة ،فكان منها رسائل الجهاد ،وكذلك أن يندثر ،لولا بعض الأدباء الذين أبقوا على حياته
بفضل ما سطرته أقلامهم من روائع ،أما في وقتنا
الرسائل التي ذكرت الفتن والاضطرابات الداخلية
التي شهدتها الدولة الإسلامية بعد التشتت الراهن فقد صارت كتابة الرسائل لا تحظر على
بال أحد من الناس ،ذلك أن التكنولوجيا الحديثة
والتمزق الذي أصابها« ،كما كانت مبايعة الخلفاء قد قضت أو كادت تقضي على فن الترسل برسائل
من الموضوعات التي تناولتها الرسائل الديوانية، قصير ج ًّدا تكتب على أجهزة الهاتف النقال ،أو في
وقد مالت كتب المبايعات إلى الإطناب والتطويل، أحسن الظروف على البريد الإلكتروني فتأتي باردة
وكان الكاتب يستهلها بالتحميد ،وكثي ًرا ما يطيل في
تحميده حتى ليشبه خطبة دينية قائمة بذاتها»(.)4 خالية من العواطف والأحاسيس.
في حين نجد الترسل الإخواني هو «الذي يكتبه
الناس بعضهم إلى بعض في موضوعات إخوانية، بين الديواني والإخواني
كالتهنئة ،والتعزية والبشارة والعتاب ،وغير لاغرو أن الرسائل( )1التي تصدر عن ديوان
ذلك من أمور الحياة يعبّر بها كاتبها عن الشوق الرسائل تسمى بالرسائل الديوانية ،وفي هذا يقول
والحنين للأهل والأصحاب .يقول القلقشندي عن
هذا النوع من الترسل :الإخوانيات جمع إخوانية عبد العزيز عتيق( )2عن الرسالة الديوانية وهي
الصادرة عن ديوان الخليفة ،والأمير يوجهها إلى
نسبة إلى الإخوان ،والمراد المكاتبة الدائرة بين ولاته وعماله وقادة جيوشه ،بل إلى أعدائه أحيا ًنا
الأصدقاء»(.)5
منذ ًرا متوع ًدا ،كما ينبئنا الشريف الرضي في
وقد عدد القلقشندي أنواع الرسائل الإخوانية وصف رسائل أبي إسحاق الصابي:
حتى أوصلها إلى سبعة عشر نو ًعا هي« :التهاني، وصحائف فيها الأراقم ُك ّمن
مرهوبة الإصدار والإيراد
التعازي ،والتهادي ،والشفاعات ،والتشوق، ُح ْمر على نظر العدو كأنما
والاستزارة ،واختطاب المودة ،وخطبة النساء، بدم يخط به َّن لا بمداد
والاستعطاف ،والاعتذار ،الشكوى ،واستماحة
الحوائج ،والشكر والعتاب ،والسؤال عن حال وتتنوع هذه الرسائل لتشمل الرسائل المرتبطة
بتولية العهد ،وتولية القضاة ،والولاة ،وما يتصل
المريض ،والأخبار ،والمداعبة»(.)6 بأمور الرعيّة .كما تشمل أيضا الرسائل التي تكتب
وتدور أغلب موضوعات الترسل الإخواني حول
الجانب الإنساني وما يرتبط به من صداقة وأخوة، عن الخليفة أو الملك أو الوزير إلى من هو مثله
من أجل التهنئة أو البشارة أو المعاتبة أو التعزية
وعواطف نبيلة ،كما عبرت عما كان بين بعض
الأصدقاء من تبادل للهدايا على اختلافها ،ومن
الجوانب التي طرقها الترسل الإخواني الرسائل
الاجتماعية التي اتسعت للموضوعات المتصلة