Page 24 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 24
العـدد 25 22
يناير ٢٠٢1
محمد علاء الدين عبد المولى
(سورية /ألمانيا)
بع ُض ملامح جمالية
في ديوان «عيد النساج»
للشاعر محمد عيد إبراهيم
لا يمكن ولا يجوز إدراج النصوص في خانة السريالية ،فذلك أمر لم يعد
وار ًدا حتى في الأدبيات النقدية المعاصرة .ولكن السريالية كطاقة فنية
غنية لا يمكن أن تك ّف عن التأثير والحضور في مدونات الشعر والسرد
أي ًضا .وهذا يتطلب مرتك ًزا ثقاف ًّيا معق ًدا يس ّهل على المبدع الاستفادة من
سحر السريالية دون أن يغرق فيها في عملية نكوص إلى الوراء .ثم إن
طبيعة الصور الفنية في القصيدة تحاذي الفعل السريالي في العمق حين
تكون صورة غرائبية ومغرقة في التناقض.
عبارته هذه ظ ًّل من السخرية الهادئة ممن ي ّدعي «لا أري ُد أن َأ ْك ِس َر رومانسيّ َة أح ٍد ،أو أرف َع َجوهر َة
أن رومانسيته سوف تخدش .ولكن ل َم تخدش هذه
التا ِج ل َأق ِضي طا َع ًة»
الرومانسية؟ تخدش لأن الشاعر يكتب عن حركة استهدا ًء بفكرة أن بعض العبارات الواردة في ن ّص
امرأة: شعري ،يمكن أن تشكل مفتا ًحا من عدة مفاتيح
« َت َت َخ َّط ُر في َش ِفي ٍف ،لكن ُه غي ُر كا ِش ٍف ،ك ِم ْش َي ِة لقراءة العمل كله ،فيمكننا القبض على العبارة
َشهوانيّ ٍة َعزبا َء .في ي ِدها « َم ُّج» ِنسكافي َه ،وتر ُش ُف
من ُه على َتوا ُت ٍر ،ك ُّل ُخطو َتين وأُخ َرى ،في َله ٍو بري ٍء. الواردة أعلاه من ديوان عيد الن ّساج للشاعر محمد
لو َر َسمناها بال َفح ِم لبا َن َهيكلُها ِمعطا ًء ،كمنحوت ٍة عيد إبراهيم ،لنحاول من خلال تفكيك معانيهما أن
تقيِ ُس الزم َن ولا تق َب ُل ال َفنا َء .ولو ف َتحنا با َلها،
ل َت َك َّش َف عن ِضح َك ٍة َحمرا َء تلوي َقسما ِتها قب َل نحيط ببعض خصوصية شعره في هذا الكتاب.
صحيح أننا أخذنا العبارة من سياق ،لكننا سنعيدها
الأوا ِن». إلى سياقات مختلفة في النصوص ،وليس في النص
وهذا بح ّد ذاته منا ٍف للرومانسية ،خادش له،
خاصة إذا أكملنا ماذا سوف يرتكب الشاعر الواردة فيه.
من حش ِد اللغة بمعانيها المخربة والمشاكسة، إن هد َم مبنى الرومانسية كان من الأهداف الكامنة
المضادة .فيستعيد دلالتي (زيوس) الذي استأثر في أداء قصيدة النثر منذ نشوئها .أي كان ذلك
داخ ًل في الأرضية الفلسفية لمشروع قصيدة
بعالم السماء ،و(هاديس) التي كانت حصتها أن
النثر .لهذا علينا هنا ألا نصدق الشاعر في أنه (لا
يريد كسر رومانسية أحد) .بل سنذهب لنرى في