Page 22 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 22

‫العـدد ‪25‬‬    ‫‪20‬‬

                                                             ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

 ‫حقيقيون‪ ،‬واستندت الرواية إلى عدة مصادر»‪ ،‬وع ّدد‬             ‫رجال البوليس إلى بيت آخر‪ ،‬ومنه هرب إلى سورية‬
                              ‫الكثير من المصادر‪.‬‬             ‫بمساعدة جماعة الإخوان المسلمين؛ لينضم هناك إلى‬
                                                              ‫حركة «القوميين العرب»‪ ،‬وفيها حاول اغتيال نائب‬
‫ومع اتفاق الكاتبين (إحسان عبد القدوس‪ ،‬ومصطفى‬
    ‫عبيد) في التناول إلا أن ث ّمة تباينًا في تعاملهما مع‬       ‫رئيس الأركان العقيد أديب الشيشكلي عام ‪.1950‬‬
       ‫الشخصية المرجعية‪ .‬فهي في نظر إحسان عبد‬                 ‫هذه هي الحكاية الأصلية التي استفاد منها إحسان‬
                                                              ‫عبد القدوس‪ ،‬وإن كان غيّر النهاية التي انتهى إليها‬
‫القدوس تع ُّد نموذ ًجا للبطل الفدائي‪ ،‬أما عند مصطفى‬           ‫بطله إبراهيم حمدي‪ ،‬بل نسج له حياة بطولية منذ‬
      ‫عبيد فهي تدخل في إطار الشخصيات المجرمة‪،‬‬                ‫أن كان طالبًا ُيشارك في المظاهرات ويخطط لها‪ .‬كما‬

    ‫فيصفه بأنه قاتل وإرهابي‪ .‬الاختلاف الجوهري‬                    ‫أنه فدائي‪ ،‬يسعى لإنقاذ أصدقائه من القتل‪ .‬مع‬
   ‫بينهما‪ ،‬يتمثل في أن إحسان عبد القدوس استقطع‬                ‫استشهاد صديقه محمود في إحدى المظاهرات‪ ،‬يبدأ‬
‫ُج ْز ًءا من حياة الشخصية‪ ،‬أي لحظة هروبه واختفائه‬             ‫طو ٌر جدي ٌد في حياته‪ ،‬فيقرر الانتقام باغتيال رئيس‬
                                                             ‫الوزراء لأنه خائن وعميل‪ ،‬وعندما يت ّم القبض عليه‪،‬‬
      ‫في منزل صديقه محيى زاهر‪ ،‬وانتهاء بالنهاية‬
    ‫الدراميّة التي صنعها له وف ًقا لخياله الروائي‪ ،‬أما‬           ‫يت ّم تعذيبه ونقله إلى المستشفى‪ ،‬وفي المستشفى‬
  ‫عبيد فيجعل للشخصية عائلة وأجواء كاشفة لحالة‬                ‫يتعاطف معه الممرض فيهربه‪ ،‬ويختفي عند صديقه‬

      ‫العنف التي ترسبت في ذاته‪ ،‬ثم يتابع تطورات‬                ‫محي زاهر‪ .‬يق ّدم إحسان عبد القدوس الرواية في‬
 ‫الشخصية وتنقلاتها والمآلات التي انتهى إليها‪ ،‬ليس‬           ‫حبكة بوليسية حيث يجعل من عبد الحميد زاهر‪ ،‬ابن‬
‫هو فقط بل كل أصدقائه الذين اشتركوا معه في عملية‬             ‫عم محيي يتردد على البيت ويكتشف وجود إبراهيم‪.‬‬
                                                             ‫ث ّمة تغييرات بين الحكاية الأصلية لشخصية حسين‬
                                ‫قتل أمين عثمان‪.‬‬
  ‫منذ بداية الرواية ومصطفى عبيد ُيهيئ القارئ أنه‬                 ‫توفيق‪ ،‬والشخصية الروائية إبراهيم حمدي‪ ،‬لا‬
‫أمام شخصية إرهابية متمردة متشبعة بأفكار نيتشه‬                 ‫تتوقف عند زمن الرواية المحدود والذي لا يتجاوز‬
‫عن كسر المعقول ومخالفة الواقع‪ ،‬عبر وسائل عدة لا‬                ‫أيا ًما معدودة‪ .‬أو حتى في خيط الحب الذي سربه‬
‫تقف عند العنوان الفرعي‪ ،‬أو الاستهلال (مقتطف من‬              ‫الروائي داخل الحكاية‪ ،‬أو حتى في النهاية التي انتهت‬
 ‫عماد أبو صالح)‪ ،‬أو حتى المقدمة التي بمثابة إضاءة‬            ‫إليها الرواية خلا ًفا للواقع‪ .‬لكن المشترك أن الروائي‬
   ‫للنص‪ ،‬الكاشفة لقصة الرواية التي هي عبارة عن‬
   ‫مذكرات تركها القاتل وعثر عليها أحد الأشخاص‪.‬‬                   ‫استطاع أن ينسج من شخصية واقعية مرويته‪.‬‬
    ‫فيأتي العنوان الفرعي هكذا‪« :‬أن تقت َل ل ُت ْقتل»‪ ،‬ث ّم‬     ‫يتخذ الكاتب مصطفى عبيد من شخصية «حسين‬
 ‫يستهل النص بمقتطف من عماد أبو صالح يأتي فيه‬
                                                                     ‫توفيق» التي سبق وأن تناولها إحسان عبد‬
                                                                ‫القدوس «في بيتنا رجل» محو ًرا رئيسيًّا لروايته‬

                                                                                            ‫«نيتروجلسرين»‬
                                                                                                ‫‪ ،2018‬وإن‬

                                                                                              ‫جاءت في إطار‬
                                                                                                ‫سيرة غيرية‬

                                                                                             ‫لحسين توفيق‪،‬‬
                                                                                           ‫على نحو ما سجل‬

                                                                                             ‫المؤلف في نهاية‬
                                                                                               ‫الرواية حيث‬

                                                                                              ‫قال‪« :‬استمدت‬
                                                                                           ‫الرواية من وقائع‬
                                                                                             ‫حقيقية‪ ،‬لذا فإن‬

                                                                                               ‫معظم أبطالها‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27