Page 20 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 20

‫العـدد ‪25‬‬    ‫‪18‬‬

                                                       ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

   ‫حكاية نوال وعادل؛ نوال الكيميائية التي تزوجت‬        ‫علاقته بجلاديس التي لم تكن تتطرق لأبعاد صراع‬
   ‫من عادل صاحب الشركة‪ ،‬وبسبب حبّها له تخلّت‬          ‫بين يهود ومسلمين قط‪ .‬بعد الحرب تختفي جلاديس‬
‫عن طموحها في الحصول على الدكتوراه‪ ،‬وتعمل معه‬           ‫وعندما يسأل عنها يعرف أنها سافرت إلى إسرائيل‪،‬‬
 ‫في شركته‪ ،‬إلا أنه يغدر بها فيخونها في فراشها مع‬      ‫ويكتشف أنها ليست الوحيدة التي هربت إلى إسرائيل‬
‫صديقتها‪ ،‬عندئذ ُتقرر الطلاق الذي تحصل عليه بعد‬
  ‫عام‪ ،‬وبعدها تقرر السفر إلى كندا عند أخيها‪ ،‬وعلى‬                             ‫وإنما هي وثلاثة أصدقاء‪.‬‬
                                                          ‫يقول إحسان عبد القدوس ظلت حكاية جلاديس‬
    ‫ظهر المركب تلتقي بمحمود الذي يقتحم عزلتها‪،‬‬           ‫في ذاكرته حتى كتبها في قصة «بعي ًدا عن الأرض»‬
    ‫ويتحدث معها‪ ،‬ويحدث تقارب بينهما‪ ،‬ويفترقان‬          ‫(الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ )1980 ،‬وإن كان غيّر‬
   ‫على أمل اللقاء‪ ،‬وبالفعل يلتقيان ‪-‬مرة ثانية‪ -‬أثناء‬    ‫اسمها في القصة إلى «ماريا هوبر» وجعلها أمريكية‬
‫عودتهما بعد أن تبادلا البرقيات والرسائل‪ ،‬ويعترف‬          ‫يهودية وفي هذه القصة التي يقول إحسان نفسه‪،‬‬
  ‫لها ببعض التفاصيل عن حياته‪ ،‬وأنه متزوج ولديه‬         ‫إنه كتبها فى الخمسينيات‪ ،‬ولها هدف سياسى يثبت‬
 ‫ابنان‪ ،‬وهنا ترفض فكرة الارتباط به‪ ،‬وعند عودتها‬         ‫بها أنه «ليس هناك عداء طبيعى بين الأديان‪ ،‬ولكن‬
  ‫إلى مصر بعد انفصالهما‪ ،‬يعاود عادل الاتصال بها‬          ‫المنظمات السياسية هى التى تستغل تع ُّدد الأديان‬
    ‫من جديد طالبًا العودة إليها‪ ،‬وتبقى في حيرة من‬         ‫لتثير الخلاف‪ ،‬وتصل من وراء إثارته إلى تحقيق‬
‫أمرها هل تستجيب لحب محمود أم تعود لعادل بعد‬
                                                                                            ‫مطامعها»‪.‬‬
                                ‫أن وعد بالتغيير‪.‬‬      ‫وقد و ّضح من خلالها تأثير مراكز القوى الصهيوينة‬
   ‫عبد القدوس نفسه يشير إلى أنه عندما نشرها في‬        ‫داخل أمريكا‪ ،‬وكيف استطاعوا أن يستولوا على ماريا‬
   ‫كتاب نشرها مطوية‪ ،‬ويشير إلى إحدى مجموعاته‬
  ‫المعنونة بـ»شفاه»‪ ،‬وفي المجموعة قصة بعنوان «أنا‬          ‫ويرسلوها إلى فلسطين لتصبح مجندة في جيش‬
 ‫والسماء» تناقش مسألة اختلاف الأديان وكيف أنها‬           ‫الهاجاناه إلى أن تلتقي مع عربي مصري على ظهر‬
    ‫قد تكون عائ ًقا في إتمام الزواج‪ ،‬فكما تقول بطلة‬     ‫المركب‪ ،‬وانجذب كل منهما إلى الآخر‪ ،‬ولكن الحرب‬
 ‫القصة في رسالتها إلى شاكر (القبطي) «إنها «تحبه»‬         ‫َتحول بين الحب‪ ،‬فهي تق ّرر أن تعود إلى فلسطين‬
‫لكنها تفضل أن تتحمل عذاب حرمانها من حبها‪ ،‬عن‬           ‫لتحارب‪ ،‬وهو ق ّرر أن يعود إلى مصر ليحارب‪ ،‬وبعد‬
                                                       ‫انتهاء الحرب التقاها م ّرة ثانية في نيويورك‪ ،‬وعندما‬
     ‫أن نتعرض كلانا لعذاب أكبر»‪( .‬شفاه ص‪)34‬‬             ‫يسألها لماذا تركت إسرائيل تقول «لأنها لا تريد أن‬

            ‫بعبع الإنجليز‬                                                             ‫تقتلك»‪( .‬ص‪)16‬‬
                                                      ‫هكذا نسج إحسان عبد القدوس عبر قصة الح ّب بين‬
‫تدور أحداث رواية أحمد مراد «‪ »1919‬وف ًقا لعنوانها‬
      ‫في غمار أحداث ثورة ‪1919‬؛ إذ ‪-‬وهي تستعيد‬             ‫اليهودية والمصري‪ ،‬نقطة التقاء لنبذ العنف‪ ،‬فهي‬
                                                      ‫هربت لأنها لا تريد أن تقتله‪ .‬في المقالة القصصية (أو‬
   ‫أحداث الثورة‪ -‬تناولت التاريخ المنسي لثورة ‪،19‬‬      ‫السيرية) يحكي أنه بعد مرور الزمن التقي جلاديس‬
  ‫فلم تتحدث عن قادة الثورة المشهورين‪ ،‬وإن كانت‬
 ‫لم تغفلهم‪ ،‬بقدر ما تحدثت عن وقود الثورات‪ .‬فق ّدم‬         ‫في إحدى إجازاته في جزيرة ماديرا‪ ،‬وكانت إجابة‬
                                                      ‫السؤال العكسي بمثابة اعتراف من قبل دجلاس بأن‬
     ‫الراوي عبر محكيه‪ ،‬شخصية حقيقية استعادها‬          ‫اليهود غير مقبولين‪ ،‬فسألها لماذا لا تعودين‪ ،‬فأجابت‬
    ‫من واقع الثورة‪ ،‬وحكايات شهودها‪ ،‬الشخصية‬            ‫بسؤال‪« :‬وهل يقبلونني في مصر؟!»‪ .‬وعندما تمادى‬
‫المستعادة اسمها «أحمد عبد الحي كيرة»‪ ،‬طالب الطب‬
 ‫الذي ترك مستقبله من أجل الانتقام لمقتل والده على‬          ‫في سؤاله كان جوابها القاطع‪« :‬لأنني يهود ّية»‪.‬‬
                                                                                               ‫(ص‪)8‬‬
                                    ‫يد الإنجليز‪.‬‬
      ‫أحمد عبد الحي كيرة‪ ،‬شخصية حقيقية كتب ْت‬              ‫لكن بالرجوع إلى قصة «بعي ًدا عن الأرض» التي‬
   ‫عنه جريدة الوفد بتاريخ ‪ 17‬آب‪ /‬أغسطس‪ ،‬هكذا‬               ‫ذكر في مقدمتها حكاية جلاديس‪ ،‬والمخاوف من‬
                                                          ‫نشر هذه القصة‪ ،‬نكتشف أن القصة المنشورة في‬
                                                       ‫صيغتين الأولى أدبيّة‪ ،‬والثانية سينمائية؛ تدور حول‬
   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25