Page 15 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 15
13 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
( ،)3192وهي الإشارة التي ذكرها الدكتور محمد الغيطاني أن هذا ال ّرجل هو حمزة البسيوني الذي
مندور ،عندما قال لمحفوظ« :نقلت فكرة تقليدية عن كان مدي ًرا للسجن الحربي» .يكمل محفوظ حكايته
«جلس ُت أتا ّمل في ملامحه التي لا تظه ُر عليها علامات
الله دون تعرض لله ذاته».
وبناء على هذه المعلومات ،وما تراءى له من أفكار الخشونة والجفاء بما يتفق مع ما كان مشهو ًرا
محفوظ الخا ّصة بثقته في العلم ،وحلم البشرية في عنه من غلظة في التعا ُّمل ..كان وقتذاك قد خرج من
حياة ممتدة ،يتساءل محمد شعير« :هل استلهم الخدمة ويحاول الرجوع إليها» .ت ّم القبض على حمزة
محفوظ شخصية الجبلاوي من متوشولح في العهد البسيوني عقب نكسة 1967بته ّمة تعذيب ال ُّسجناء
القديم؟ وهل ألهمته مسرحية برنارد شو أفكاره التي وقضى عقوبة السجن لعامين قبل أن يتعرض لحادث
سيارة ويتوفى عام ( .»1971رجاء النقاش :صفحات
عبر عنها في «أولاد حارتنا»؟
لا ُيق ِّد ُم محمد شعير جوا ًبا مباش ًرا لتساؤلاته ،وفي من مذكرات نجيب محفوظ ،ص)261
نفس الوقت لا ينتظر إجابات سريعة ،وإنما يشير في حوار للكاتب سعيد الكفراوي ()2020 -1939
إلى تقاطعات متعددة ،جميعها تعود إلى الأصل البعيد مع جريدة الشرق الأوسط السعودية ُنشر فى 25
فبراير ،2004حكي كيف تع َّرف على نجيب محفوظ،
لرواية أولاد حارتنا؛ فيتلمس هذا الأصل -أو ًل- وبالمثل نشرت مجلة الشباب في عدد 480تحقي ًقا
في توجهات نجيب محفوظ الفكرية ،وتنازع عقله لوليد فاروق محمد بعنوان« :البطل الحقيقي لقصة
بين الفلسفة والأدب ،إلى أن حسم أمره بالتفرغ
للأدب وحده ،مع التأكيد على أن أثر هذه الفترة فيلم الكرنك يظهر بعد 46عا ًما ليروي أسرار
كان من الصعوبة بمكان أن ينمحي بسهولة ،فقد حياته» ،وقد أعيد نشره على موقع بوابة الشباب
نشر في مجلة المجلة الجديدة عد ًدا من المقالات التي بتاريخ 18يوليو .2016الحوار والتحقيق يؤكدان
تكشف اهتماماته الفلسفية في تلك الفترة ،ومن بنيها رواية محفوظ السابقة عن مصدر حكايته .وحكي
-كما يذكر محمد شعير -مقالان بعنوان« :الله في الكفراوي في الحوار أن قصته القصيرة «المهرة»
التي نشرها في مجلة «سنابل» التي كان يشرف
الفلسفة». على تحريرها الشاعر محمد عفيفي مطر ،تسببت
كما تعود الأصول الأولى للعمل إلى التراث الديني في اعتقاله ،وأي ًضا كانت السبب ليصير بطل رواية
على نحو ما ذكر محمد مندور والباحث البريطاني
«الكرنك» لنجيب محفوظ.
«فيليب ستورات»؛ حيث شخصية «متوشولح»
إحدى شخصيات العهد القديم ج ّد النبي نوح (عليه العودة إلى متوشولح
السلام) ،وقد امتد به العمر حتى عاش 969عا ًما،
أشاد نجيب محفوظ -وف ًقا لما ذكره محمد شعير،
وهو التأثر الذي كان واض ًحا منذ بداية نجيب في كتابه« :أولاد حارتنا :سيرة الرواية المح ّرمة»
محفوظ ،فأولى روايات محفوظ -من الثلاثية (دار العين -)2019بالملاحظة التي ذكرها الطالب
التاريخيّة« -عبث الأقدار» ،1939تتج ّل فيها روح الإنجليزي «فيليب ستيوارت» الذي كان يترجم رواية
التراث الديني الإسلامي؛ حيث قصة نبى الله موسى، «أولاد حارتنا» ليق ّدمها كأطروحة للحصول على
الذي ما إن حملت به أمه ،حتى أخفت حملها ،خشية الدكتوراه ،بأن العمل الفني الوحيد الذي يمكن أن
أن يقتله فرعون ،إلخ القصة ،إلى جانب المادة الخام يقيم علاقة معه هو «العودة إلى متوشولح» لبرنارد
التي وجدها في التراث الفرعوني في قصة «ميلاد شو ،وهو عمل مسرحي يضم خمس مسرحيات
الملوك الثلاثة» ،وقد نشرها جيمس بيكي في كتابه مترابطة هي على التوالي :في البدء ،عام 4004ق.م
«مصر القديمة» ،وهو الكتاب الذي ترجمه محفوظ (في جنة عدن) ،إنجيل الأخوين بارناباس (الوقت
عام ،1932إلى آخر هذه الأصول التي تتصل الحاضر) ،شيء يحدث ( ،)2170مأساة السيد كهل
بسلامة موسى وأفكاره التي كان تأثيرها واض ًحا (عام ،)3000أقصى ما يمكن أن يصل إليه العقل»
على نجيب محفوظ ،خاصة في إيمانه بالعلم الحديث،
وهو ما ش ّدد عليه نجيب محفوظ في الثلاثية ،وفي