Page 12 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 12
العـدد 25 10
يناير ٢٠٢1
آخر ،على مستوى قسماته وأي ًضا رغبته الداخلية مسرف في الشرب ،وش ّرير يسخر من ك ّل شي ٍء
في الانتقام ممن كان [أو كانوا] السبب في دخوله نبيل .وينخرط في أعمال غير ملائمة في ك ّل فرصة،
السجن. لوأح َّنيعاهنتدهنماالسمَُينكاهحمنَلّ،ةأ.بونَناوبِؤسهه َذيارو ََّسضجَل ًعوَابدأإههمممكلابنهيمسةب اغلبيتارعنا ُمطشتغعافِّمل ٍده،مفعبيهلا
أول شيء فعله بيكو بعد خروجه من السجن ،أن رغم بشاعة الجريمة التي ارتكبها الابن .هل معنى
توجه إلى ميلانو وحصل على كنز الخوري ،وصار في هذا أن الأصل بقي كما هو داخل المحكى الجديد؟
غاية الثراء ،ثم عاد إلى باريس فتصنع المرض ،ودخل الجواب على العكس تما ًما ،فالصياغة التي صاغ بها
مستشفى تحت اسم مستعار هو «جوزيف لوشر»، دوستويفسكي مرويته جعلت من الحكاية القديمة
ثم أخذ يفتش عن السبب الذي جعل شرطة باريس
تعتقله ،وما إن وصل إلى المقهى القديم ،حتى أتت حكاية جديدة ،قد تكون منبتة الصلة عن أصلها
إليه الأخبار بأن القهوجي جيل لوبيان حظي بزواج البعيد ،لولا إشارة دوستويفسكي نفسه.
جيد ،كما انتقل -بفضل هذا الزواج -للإقامة في أحد
الشوارع الكبيرة ،ثمة تغيرات كثيرة حدثت له ،بما ومن الأدب العالمي هناك رواية «الكونت دي مونت
فيها أنه تزوج من الفتاة التي كان سيتزوج بها في كريستو» ( )1846 -1844لإلكسندر ديما ،وأوجست
الماضي قبل دخوله السجن .ومن هذا المكان بدأت
خيوط اللغز تنحل ،فتأكد أن الذين دبروا له الحادثة ماكيه ،وهي مقتبسة عن حكاية حقيقية ،بعنوان
هم أصدقاؤه ،فراح ينتقم منهم واح ًدا تلو الآخر ،لكن «الألماس والانتقام» ضمتها مذكرات جاك بوشيه
المأخوذة عن وثائق شرطة باريس المنشورة عام
الانتقام أي ًضا كان سببًا في مقتله. .1844تدور القصة في عام ،1807وكانت باريس
هذه هي المادة الخام التي اعتمدها إلكسندر ديما
لروايته ،وقد احتفظ ببعض الروابط التي تش ّد ن ّصه وقتذاك يوم احتفال كرنفالي ،وقد عزم الشاب
المتخيّل إلى مرجعه [مادته الأصلية] ،منها جوهر الإسكافي فرانسوا بيكو على اتمام زواجه من الفتاة
القصة الماثل في الطمع ،ث ّم الانتقام ،وأي ًضا خيانة الجميلة مارغريت ،وأعلن خبر قرانه على أصدقائه،
وما إن حكى خبر زواجه والمهر الذي سيحصل عليه،
الأصدقاء ،ومع هذه الخيوط التي تصل النص حتى دبت الغيرة في صديقه لوبيان ،الذي كان يشعر
المتخيل بالحكاية المرجعية ،إلا أن الواقع يقول إنه
صاغ مروية [جديدة] ،فجعل بطله قبطا ًنا على سفينة، بالعوز المادي ،إضافة إلى عشقه الصامت للجميلة
كما جعل بطل الرواية الذي أسماه إدموند يهرب من مارغريت ،وعلى الفور أعلن لأصدقائه عن فكرة
السجن بأن ا ّدعى أنه آبي الميت ،واستطاع أن يصل خطرت بباله ،هي أشبه بمزحة ،من شأنها أن تعطل
إلى البحر وأبحر على متن سفينة إلى أن وصل لبر زواج بيكو .يستعرض فكرته أو خطته أمام صديقيه،
الأمان .ومثلما ساق القدر لبيكو في السجن الخوري بأن يتوجه إلى مفتش الشرطة ،ويقول له إنه يشتبه
في الأصل ،ساق للبحار الأب فاريا ،وهو عالم ُمتفتح
واسع الذكاء ،يخبره أي ًضا بكنزه في جزيرة مونت ببيكو في أنه متورط مع الإنجليز.
كريستو ،وهناك عثر على كنوز تتجاوز أحلامه، كان الغرض هو تعطيل الزواج فقط ،حتى لا يشعر
وبوجود الكنز منح إدموند نفسه شخصية جديدة
باسم كونت دي مونت كريستو ،وسافر حول العالم بيكو بالغرور بزواجه من الجميلة وحصوله على
المال ،لكن الأمر تح ّول من مزحة إلى سجن لمدة
واشترى أجمل الأشياء ،وبدأ يدبر للانتقام من طويلة في سجن قلعة «فينيسترل» .وفي فترة بقائه
دانجلرز وفرناند والسيد فيلفورت. في السجن كان للقدر كلمة أخرى ،فقد تعرف في
السجن على خوري من مدينة ميلانو وهو سليل
ال ّسفاح ونجيب عائلة إيطالية ،وكان معار ًضا لنابليون فت ّم توقيفه
وسجنه س ًّرا ،نشأت بينه وبين الإسكافي صداقة
أتوقف -هنا -عند بعض الأعمال من المدونة الروائية متينة في داخل السجن ،وعندما شعر الخوري بدنو
أجله كتب وصية لصالحه ،وفي عام 1814ت ّم إطلاق
سراح بيكو ،لكن الذي خرج من السجن كان شخ ًصا