Page 175 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 175

‫الملف الثقـافي ‪1 7 3‬‬

    ‫الموازنة والذي وضعها في‬       ‫القرن؛ هو إعلان ترامب عن‬          ‫واحد للقيام بتعبئة بحيرة‬
    ‫نقطة ضعف‪ ،‬مع الإشارة‬        ‫اتفاقية «إبراهيم» بين الإمارات‬       ‫السد‪ ،‬ورفع مصر الأمر‬
    ‫لتضييق الخناق الأمريكي‬
 ‫على مصر بشدة‪ ،‬لكن الأمور‬           ‫و»إسرائيل»‪ ،‬والتي حملت‬               ‫لمجلس الأمن الدولي‪.‬‬
‫وصلت لمرحلة تهدد «الصورة‬            ‫دلالة مهمة لانتقال خطاب‬     ‫‪ -‬تصعيد التدخلات الأمريكية‬
     ‫الذهنية» التاريخية لمصر‬    ‫الاستلاب من مستوى الأفراد‬
‫ومكانتها ورأسمالها السياسي‬       ‫والنخب الثقافية والسياسية‪،‬‬        ‫والخارجية عمو ًما في الملف‬
  ‫والثقافي والاستراتيجي‪ ،‬بما‬     ‫إلى مستوى الدول‪ ،‬لكن الأثر‬            ‫الليبي في عام ‪،2020‬‬
   ‫يستوجب ضرورة تحركها‬           ‫الأكبر الذي حمله هذا المتغير‬
                                ‫هو تجاوزه لـ»مبادرة السلام‬      ‫بالتزامن مع التصعيد الأثيوبي‬
      ‫لوقف خطاب الاستلاب‬           ‫العربية» التي تبناها العرب‬     ‫وحجز الماء من طرف واحد‪،‬‬
    ‫والخضوع لصفقة القرن‪،‬‬             ‫رسميًّا في السعودية عام‬       ‫دفع مصر لممارسة سياسة‬
    ‫واستعادة بعض التوازن‪.‬‬         ‫‪ ،2002‬بالإضافة إلى تفعيل‬          ‫«حافة الهاوية» إزاء تهديد‬
    ‫‪ -‬وأخي ًرا تولى جو بايدن‬     ‫أمريكا للمزيد من التناقضات‬           ‫الأمن القومي من الجهة‬
    ‫وإدارته الديمقراطية زمام‬         ‫العربية وتضييق الخناق‬          ‫الغربية‪ ،‬والتهديد بالتدخل‬
   ‫الأمور في الولايات المتحدة‪،‬‬    ‫على مصر عبر الإمارات‪ ،‬من‬       ‫العسكري المباشر‪ ،‬إنما كانت‬
                                 ‫خلال عدة مقترحات للتعاون‬
      ‫بعد نجاحه ضد ترامب‪،‬‬            ‫الإقليمي مع إسرائيل قد‬     ‫الإدارة الأمريكية للملف عمو ًما‬
         ‫والعودة المحتملة مع‬     ‫تؤثر استراتيجيًّا على مصالح‬      ‫اختبار قوة القاهرة وقدرتها‬
                                   ‫القاهرة‪ ،‬بالإضافة إلى تمدد‬       ‫على استعادة آليات العمل‬
    ‫بايدن لسياسات الانتصار‬         ‫الحضور الإماراتي في دول‬        ‫السياسي‪ ،‬والمزج بين القوة‬
  ‫للصهيونية وإسرائيل‪ ،‬ولكن‬      ‫حوض النيل في تجاوز للنفوذ‬          ‫الدبلوماسية الناعمة والقوة‬
   ‫دون مسار المواجهة وخلق‬          ‫المصري التقليدي‪ ،‬حتى أن‬                         ‫الخشنة‪.‬‬
  ‫التناقضات وإدارتها بطريقة‬         ‫الإعلان عن توقيع السلام‬               ‫‪ -‬تصاعد الضغوط‬
                                 ‫في غوبا الذي تم منذ مؤخ ًرا‪،‬‬       ‫الاقتصادية على المصريين‬
     ‫فجة‪ ،‬وتفجير «مستودع‬            ‫شهد واقعة دالة للغاية في‬         ‫في ظل فترة كورونا‪ ،‬مع‬
  ‫الهوية» العربي بشكل علني‬        ‫كلمة جنوب السودان‪ ،‬حيث‬            ‫ظهور حزمة من القرارات‬
  ‫ومباشر كما كان مع ترامب‬         ‫تم تجاهل الحضور المصري‬          ‫شملت تصغير حجم رغيف‬
   ‫وصفقة القرن والاتفاقيات‬           ‫الممثل في رئيس الوزراء‪،‬‬      ‫العيش‪ ،‬وانتهت بحملة إزالة‬
‫الإبراهيمية وخطاب الاستلاب‬      ‫وتوجيه الشكر لمعظم الأطراف‬        ‫للشقق والمباني في سياق ما‬
   ‫عربيًّا‪ .‬وأهمية ترقب ما قد‬       ‫الموجودة باستثناء مصر‪،‬‬          ‫ُعرف بقانون التصالح‪ ،‬في‬
‫ينجم عن إدارته من سياسات‬         ‫مع خص دول الخليج عمو ًما‬          ‫ظل دعوات بالتظاهر جاءت‬
 ‫جديدة تتعلق بالمنطقة العربية‬      ‫والإمارات بالاسم في كلمة‬          ‫من خارج البلاد وبعض‬
‫والشرق الأوسط والصهيونية‪.‬‬                                            ‫القنوات الإعلامية الموالية‬
    ‫‪ -3‬بدائل مقترحة لخطاب‬                   ‫جنوب السودان‪.‬‬             ‫للإخوان‪ ،‬وكذلك زيادة‬
                                     ‫‪ -‬يمكن القول إن مجمل‬          ‫مساحة سفور الوجه الذي‬
        ‫الاستلاب وسياسات‬            ‫المتغيرات التي حدثت منذ‬     ‫يمارسه تيار الاستلاب للآخر‬
          ‫لـ»استعادة الذات»‬         ‫عام ‪ 2015‬شملت تصاعد‬            ‫الصهيوني‪ ،‬والمنضمون له‬
                                    ‫النفوذ الخليجي في المنطقة‬    ‫حديثًا‪ ،‬بما يجعل من الأهمية‬
   ‫وصلت التناقضات المرتبطة‬         ‫عمو ًما‪ ،‬وربما اعتماد مصر‬          ‫بمكان محاولة استعادة‬
     ‫بخطاب الاستلاب للآخر‬           ‫على التمويل المباشر لعجز‬      ‫التوازن المصري في القضية‬
                                                                                ‫الفلسطينية‪.‬‬
 ‫الصهيوني للتعامل مع صفقة‬
     ‫القرن؛ إلى حد يقترب من‬                                     ‫‪ -‬كان المتغير الأكبر في صفقة‬
     ‫الثوابت التاريخية للأمن‬
      ‫القومي المصري‪ ،‬ويهدد‬
   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180