Page 172 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 172

‫العـدد ‪27‬‬                                ‫‪170‬‬

                               ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬                                              ‫الآخر!‬
                                                                    ‫المنطق الحجاجي الأساسي‬
 ‫وتعظيمه كذات عليا ونموذج‬           ‫توجه السادات للمعسكر‬
     ‫فوقي تتطلع له‪ ،‬نجد أن‬     ‫الغربي وسياسات «الانفتاح»‪،‬‬              ‫الذي قدمته أماني فؤاد‬
                                                                  ‫لترويجها لاتفاقية «إبراهيم»‬
 ‫الانسلاخ عن الذات والقطيعة‬       ‫لكن الدراسات الاجتماعية‬
    ‫مع روايتها تتحقق عندها‬           ‫العلمية الموثقة تقول إن‬        ‫بين الإمارات و»إسرائيل»‪،‬‬
                                                                  ‫وانتقال خطاب الاستلاب إلى‬
  ‫بشدة‪ ،‬لدرجة شيطنة الذات‬          ‫المجتمع المصري لم يشهد‬         ‫الدول؛ كان هو الفوائد والمنح‬
‫العربية والرواية الخاصة بها!‬         ‫التفكك الأعظم‪ ،‬وتشوه‬         ‫والعطايا أو منطق «الجزرة»‪،‬‬

      ‫فلقد قدمت أماني فؤاد‪،‬‬      ‫تراتبه الاجتماعي وانحراف‬            ‫والازدهار والاستثمار إلى‬
‫الفلسطيني في سياق «الصورة‬         ‫منظومة قيمه‪ ،‬سوى بداية‬          ‫آخر خطاب «الجنة الموعودة»‬
                               ‫من عصر السادات وسياساته‬
      ‫النمطية» للإرهابي التي‬       ‫الاقتصادية والاجتماعية‪،‬‬         ‫التي سيأتي بها لنا الآخر‪/‬‬
 ‫تروج لها ماكينة البروباجندا‬       ‫وتوجهاته السياسية نحو‬                ‫الصهيوني‪ /‬الأمريكي‬
                                ‫الأمريكان والصهاينة‪ ،‬وشق‬
   ‫الصهيونية والأمريكية‪ ،‬بل‬                                          ‫و»الاستلاب له» ولروايته‬
 ‫وزايدت على الصورة النمطية‬                  ‫الصف العربي‪.‬‬           ‫الثقافية العامة والخاصة في‬
 ‫تلك بأن ألبست الفلسطينيين‬     ‫بالمثل أيضا ُو ِع َد الفلسطينيون‬
                                                                                    ‫الصراع!‬
     ‫ثو ًبا أكثر شيطنة‪ ،‬حينما‬    ‫بالجنة ونعيمها‪ ،‬والازدهار‬            ‫ذلك حين قالت في المقال‪:‬‬
‫قدمتهم على أنهم عناصر قابلة‬      ‫والرقي عند توقيع «اتفاقية‬
                                ‫أوسلو» مع الصهاينة برعاية‬               ‫«لقد تدارس سياسيو‬
  ‫للانفجار في الوطن العربي‪.‬‬       ‫أمريكا أي ًضا في تسعينيات‬            ‫الإمارات التاريخ البعيد‬
    ‫ذلك حين قالت في مقالها‪:‬‬                                           ‫والقريب للصراعات بين‬
   ‫«منذ أيام اجتمع بعض من‬            ‫القرن الماضي‪ ،‬وانتهت‬           ‫الفرقاء التاريخيين وقدروا‬
    ‫قادة الفصائل الفلسطينية‬      ‫«أوسلو» ومشروع الأرض‬                ‫إمكانية تغيير هذه العلاقة‬
                                   ‫مقابل السلام‪ ،‬إلى تصفية‬           ‫العدائية بين الفلسطينيين‬
 ‫بقيادة محمود عباس‪ ،‬ودعوا‬                                               ‫والإسرائيليين لصالح‬
   ‫لتجييش أدواتهم لتقويض‬            ‫«عرفات»‪ ،‬وضم الضفة‬               ‫أنفسهم وشعوب المنطقة‪،‬‬
                                    ‫الغربية الآن في مشروع‬            ‫ذلك حين تتزاوج رؤوس‬
 ‫القرار الإماراتي بالسلام مع‬    ‫«صفقة القرن»‪ ،‬أو الازدهار‬        ‫الأموال العربية وقدرات ريادة‬
   ‫إسرائيل‪ ،‬ملوحين بالضغط‬      ‫والاستثمار كما تسميه أماني‬         ‫الأعمال‪ ،‬مع القدرات العلمية‬
                                                                      ‫والعسكرية الإسرائيلية‪،‬‬
      ‫على الإمارات من خلال‬                           ‫فؤاد!‬             ‫فترتفع معدلات التنمية‬
   ‫التنسيق مع أكثر من ‪400‬‬           ‫كذلك إذا قلنا إن «خطاب‬            ‫وتزداد فرص الاستثمار‬
                                ‫الاستلاب» للآخر الصهيوني‬
     ‫ألف فلسطيني مقيم فيها‬      ‫يقوم على متلازمة مزدوجة‪،‬‬                         ‫ازدها ًرا»(‪.)11‬‬
    ‫من أجل التأثير بشكل أو‬          ‫وهي «الاستلاب للآخر»‬           ‫الحقيقة أن منطق «الجزرة»‬
    ‫آخر على تقويض المبادرة‬          ‫‪Other’s impersona-‬‬              ‫الذي تنادي به أماني فؤاد‬
  ‫بشكل عدائي يلوح بتدخلهم‬      ‫‪ ))tion‬والانتصار لروايته من‬        ‫متهافت وتم اختباره مسب ًقا‪،‬‬
  ‫في قرار الإمارات السيادي‪..‬‬    ‫جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى يقوم‬             ‫ولم تنجح في إعادة تسويقه‬
  ‫لقد شعروا بخطورة مبادرة‬         ‫على «الانسلاخ عن الذات»‬          ‫لمجرد أن خطابها تم حشوه‬
      ‫الإمارات وريادتها التي‬   ‫((‪ Self-stripping‬والقطيعة‬
                               ‫مع روايتها‪ ،‬لوجدنا المتلازمة‬          ‫بحمولة ثقافية ما ورطانة‬
       ‫ستشجع دول الخليج‬           ‫متحققة بكامل شقيها عند‬            ‫معرفية تبدو مكتنزة‪ ،‬فلقد‬
    ‫الأخرى‪ ،‬مثل‪ :‬السعودية‪،‬‬         ‫أماني فؤاد‪ ،‬فبعد أن بيَّنا‬       ‫ُو ِع َد المصريون بالجنة مع‬
   ‫والبحرين‪ ،‬وسلطنة عمان‪،‬‬       ‫موقفها من الاستلاب للآخر‬
  ‫والكويت لنهج نفس الطريق‬
  ‫والتطبيع مع إسرائيل‪ ،‬ولذا‬
    ‫هددوا بالمقاومة المسلحة‪،‬‬
   ‫وما تشيعه من خوف لدى‬
   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177