Page 177 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 177

‫وصلت التناقضات المرتبطة بخطاب الاستلاب‬                        ‫بنية «دولة ما بعد الاستقلال»‬
‫للتعامل مع صفقة القرن؛ إلى حد يقترب من‬                        ‫بقلبها العسكري مجد ًدا‪ ،‬فمدت‬

   ‫الثوابت التاريخية للأمن القومي المصري‪،‬‬                        ‫لها الجسور من أجل تنفيذ‬
      ‫ويهدد بتآكلها على المستوى الطويل‬                            ‫أهدافها‪ .‬لذا يجب التجاهل‬

   ‫والقريب‪ ،‬لذا يجب مراجعة مقاربة خطاب‬                              ‫التام لمن يروجون لخلق‬
‫الاستلاب للآخر الصهيوني ودعاتها‪ ،‬في ظل‬                             ‫تناقض واستقطاب جديد‬
                                                                 ‫في المشهد المصري‪ ،‬استنا ًدا‬
   ‫طرح مقاربة جديدة تحافظ على الموجود‬                          ‫للإدارة الأمريكية السابقة أو‬
         ‫وعلى الأقل تثبت الوضع استراتيج ًّيا‪،‬‬                   ‫الجديدة‪ ،‬والتأكيد على العمل‬
                                                                  ‫مع أي إدارة أمريكية وفق‬
 ‫وتسعى لاستعادة المساحات الاستراتيجية‬                          ‫أهداف الأمن القومي المصري‬
         ‫والحركة للأمام عندما تحين الفرصة‬                      ‫فقط‪ ،‬والعمل الجاد والطموح‬
                                                               ‫لتعظيم مصادر الأمن القومي‬
   ‫خلاف ما قد يظنه البعض‪،‬‬           ‫وتعظيم الموارد الخاصة‪،‬‬
   ‫بل ما كان يحدث في صفقة‬       ‫وعلى رأسها استعادة مفاهيم‬           ‫المصري المستقل الناعم‬
 ‫القرن يمكن توصيفه بمفهوم‬      ‫«الاقتصاد الإنتاجي»‪ ،‬واعتماد‬                     ‫والخشن‪.‬‬
   ‫ثقافي وسياسي آخر تما ًما‪،‬‬   ‫مبادرة «الثورة كإضافة للأمن‬
                               ‫القومي المصري»‪ ،‬وتفهم دور‬            ‫‪ -‬إذا أردنا أن نختصر‬
      ‫وهو «الاستلاب للآخر»‬       ‫«الدولة الصاعدة»‪ ،‬والإعداد‬    ‫السياسات المقترحة؛ فسنقول‬
   ‫الصهيوني ممث ًل عن الذات‬
‫الغربية‪ /‬الأوروبية في العموم‪،‬‬      ‫لمبادرة مصرية بديلة حال‬           ‫إن أمريكا و»إسرائيل»‬
   ‫والأمريكية في الخصوص‪.‬‬        ‫تخلي السعودية عن «المبادرة‬    ‫تعتمدان الضغط على مصر في‬
                                 ‫العربية»‪ ،‬واعتماد سياسات‬
      ‫الاختلاف الرئيسي بين‬                                       ‫الملفات المفتوحة مثل سيناء‬
‫خطاب التطبيع القديم وخطاب‬           ‫خارجية تقوم على حزمة‬            ‫وعلاقتها بصفقة القرن‬
                                   ‫مدمجة من تنمية مصادر‬
     ‫الاستلاب للآخر الجديد؛‬         ‫«القوة الناعمة» المصرية‬    ‫وأمنها‪ ،‬وليبيا والحروب التي‬
      ‫يكمن في نقطة مفصلية‬      ‫واستعادتها‪ ،‬وربطها بحضور‬        ‫تدور بالوكالة هناك‪ ،‬وأثيوبيا‬
                                    ‫مصادر «القوة الخشنة»‬
     ‫وفاصلة بينهما‪ ،‬وهي أن‬                                         ‫ووضع صنبور على مياة‬
    ‫خطاب التطبيع القديم كان‬          ‫والمادية‪ ،‬وفتح مجالات‬      ‫النيل للتحكم طويل المدى في‬
  ‫يقوم على‪ :‬الاعتراف بالآخر‬      ‫التعاون المشتركة مع الدول‬     ‫مصر‪ ،‬وتغيير موازين القوى‬
    ‫وبوجوده‪ ،‬في حين خطاب‬                                       ‫الجيوسياسية بالمنطقة للأبد‪،‬‬
 ‫الاستلاب للآخر الجديد يقوم‬                    ‫ذات الصلة‪.‬‬        ‫بالإضافة لتفجير التناقض‬
  ‫على‪ :‬الاعتراف برواية الآخر‬
‫الصهيوني والخضوع لها‪ ،‬بما‬             ‫الخاتمة‬                     ‫العربي والدفع بالإمارات‬
   ‫يترتب عليه من آثار ثقافية‬                                      ‫في مناطق النفوذ المصري‬
‫وسياسية وحضارية‪ ،‬وشتان‬           ‫ما كان يحدث في ظل صفقة‬          ‫التقليدي‪ ،‬وربما السعودية‬
  ‫بين الموقفين‪ ،‬بين الاعتراف‬          ‫القرن ليس تطبي ًعا على‬    ‫في مرحلة لاحقة‪ ،‬وإذا أردنا‬

                                                                     ‫الإجمال في السياسات‬
                                                                  ‫المصرية الممكن العمل من‬

                                                                     ‫خلالها لمواجهة صفقة‬
                                                                 ‫القرن والضغوط الأمريكية‬

                                                                   ‫و»الإسرائيلية»‪ ،‬فسنقول‬
                                                                  ‫إن مصر في حاجة لتدعيم‬
                                                                 ‫مواضع الاستقلال القومي‬
   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182