Page 182 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 182

‫العـدد ‪27‬‬         ‫‪180‬‬

                                                          ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬         ‫مع إسرائيل يعزز من‬
                                                                         ‫ق ّوتها‪ ،‬وشرعية مبررات‬
  ‫تؤمن بإسرائيل بشكلها‬      ‫أخرى للمركز الاستعماري‪،‬‬
    ‫الكولونيالي‪ ،‬أو تش ّكل‬      ‫ويمكن أن ينسحب عند‬                          ‫وجودها الكولونيالي‪،‬‬
   ‫جز ًءا من هذا المشروع‪،‬‬                                             ‫ويدعم مشروعها بطريقة أو‬
                            ‫مواجهة مقاومة جادة‪ ،‬فإن‬                  ‫بأخرى‪ ،‬في تنازل عن المبادئ‬
‫بغية إقامة علاقات طبيعية‬        ‫الاستعمار الاستيطاني‬                 ‫السياسية والأخلاقية العادلة‬
 ‫معها في تنازل عن المبادئ‬
                              ‫يقوم بإحلال المستوطنين‬                               ‫للفلسطينيين‪.‬‬
     ‫السياسية والأخلاقية‬       ‫محل السكان الأصليين‪،‬‬                    ‫فالكولونياليّة تعنى الهيمنة‬
 ‫العادلة للفلسطينيين‪ .‬لكن‬       ‫والتخلص من أصحاب‬
                                                                              ‫وال ّسيطرة لدول ٍة ما‬
   ‫من ناحية أخرى‪ ،‬يجب‬              ‫الأرض بالتهجير أو‬                      ‫على أراضي دو ٍل أخرى‬
 ‫أن تكون هذه الحساسية‬                       ‫الإبادة(‪.)4‬‬              ‫وال ّسيطرة على شعوبها‪ ،‬وقد‬
                                                                         ‫درج ْت التّرجمات العربيّة‬
    ‫المفرطة في التعامل مع‬   ‫ثان ًيا‪ :‬أهداف التطبيع‬                     ‫على توصيفها (بالاستعمار‬
  ‫أي تواصل أو علاقة مع‬
 ‫إسرائيل مو ّجهة للأنظمة‬     ‫والتطبيع ليس مجرد أداة؛‬                             ‫والاستعمار ّية)‪.‬‬
                                 ‫لكنه وسيلة يمكن من‬                               ‫الاستعمارية أو‬
      ‫العربية والمؤسسات‬                                                ‫الكولونيالية‪Colonialism ‬‬
 ‫الرسمية التي لا يجوز أن‬       ‫خلالها بناء علاقات بين‬                   ‫ويطلق اللفظ على السيطرة‬
‫تنخرط بأي نشاط تطبيعي‬          ‫الدول‪ ،‬في إطار المصالح‬                ‫والتأثير الذي تفرضه الدولة‬
                            ‫المشتركة فيما يري البعض‪،‬‬                  ‫المستعمرة على الكيان التابع‬
   ‫مع الكيان الاستعماري‬      ‫ويمكن أن يساهم في نهاية‬                     ‫لها‪ ،‬والنظام أو السياسة‬
           ‫الاستيطاني(‪.)5‬‬       ‫المطاف في فرص توقيع‬                      ‫التي تنهجها للحفاظ على‬

   ‫ويقاوم رافضو التطبيع‬              ‫اتفاقيات السلام‪.‬‬                                ‫السيطرة(‪.)3‬‬
   ‫بشكل دائم‪ ،‬فمن وجهة‬      ‫والتطبيع هو جهود اتصال‪،‬‬                            ‫والكولونيالية‪ ،‬هي‬
  ‫نظرهم يعدونه حالة من‬                                               ‫مشروعات معادية للإنسانية‪،‬‬
   ‫فقدان الوعي المقصودة‬       ‫وتواصل‪ ،‬وبناء‪ ،‬وتطوير‬                      ‫قوامها إخضاع الآخرين‪،‬‬
‫بأهمية الانتماء‪ ،‬ويرون أن‬    ‫علاقات بين دولة وأخرى‪،‬‬                        ‫والسيطرة على بلادهم‬
‫أخطر أنواع التطبيع ضر ًرا‬                                             ‫ومواردهم‪ ،‬وسلب حرياتهم‬
                                  ‫كانتا في حالة قطيعة‪،‬‬                ‫ومصادرة حقهم في الحرية‪،‬‬
     ‫هو ذلك التطبيع الذي‬         ‫بشك ٍل وا ٍع ومقصود‪،‬‬                     ‫كما تحاول الكولونيالية‬
 ‫تمارسه النخب الإعلامية‬        ‫بغي َة الوصول إلى علاقة‬                 ‫الثقافية والفكرية‪ ،‬أن تدمج‬
                              ‫طبيعية لا يشوبها التو ّتر‪،‬‬               ‫المستع ِمر في رؤى الشعوب‬
       ‫والثقافية والفكرية‬      ‫أو التو ّتر المفرط‪ .‬وتنتج‬             ‫المستع َمرة‪ ،‬وكثي ًرا ما تسلبهم‬
      ‫والعلمية والسياسية‬      ‫سيرورة التطبيع هذه على‬                   ‫أرواحهم نفسها‪ .‬لك َّن هناك‬
‫وغيرها‪ ،‬لما تمثله من تأثير‬    ‫الأرجح من خلال وصول‬                        ‫شك ًل متطر ًفا في الفظاعة‬
  ‫على الرأي العام الشعبي‬    ‫كل الأطراف إلى حالة قبول‬                  ‫من الكولونيالية‪ :‬الاستعمار‬
  ‫والقومي والدولي أي ًضا‪.‬‬        ‫للنظام الآخر بصيغته‬                    ‫الاستيطاني‪ ،‬ففي حين أن‬
‫والبعض من النخب المؤيدة‬          ‫وأيديولوجيته وشكله‬                    ‫الاستعمار غير الاستيطاني‬
  ‫للتطبيع لا يرى في الأمر‬                                            ‫يهدف إلى نهب موارد المناطق‬
 ‫مسألة لها خطورتها التي‬            ‫وسلوكياته الراهنة‪.‬‬                   ‫المستع َمرة وخدمة مصالح‬
 ‫ترقى إلى مستوى الخيانة‬       ‫ومن الواضح أن التطبيع‬
                                ‫عملية واعية ومقصودة‬                                        ‫اتفاق التطبيع الإماراتي‬
                ‫العظمى‪.‬‬     ‫طويلة المدى‪ ،‬مع مؤسسات‬
     ‫لكن التطبيع بالنسبة‬     ‫أو أفراد أو جهات رسمية‪،‬‬                                       ‫الإسرائيلي برعاية أمريكية‬
   ‫للمستعمر تحدي ًدا يعني‬     ‫أو غير رسمية إسرائيلية‪،‬‬

       ‫بطريقة أو بأخرى‬
 ‫الاستسلام للأمر الواقع‪،‬‬
   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187