Page 185 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 185

‫الملف الثقـافي ‪1 8 3‬‬

‫المشروع الصهيوني‪ ،‬وتتمكن‬           ‫الماضية‪ ،‬حيث إن إسرائيل‪،‬‬       ‫وتقول كل المؤشرات إنه لا‬
   ‫من إقامة جسور قوية مع‬              ‫ورغم ما تمتلك من قوة‬         ‫تغيير في سياسة الولايات‬
                                                                    ‫المتحدة الأمريكية‪ ،‬في ظل‬
‫الشعوب العربية‪ ،‬فسيواصل‬          ‫ونفوذ واتفاقات سلام‪ ،‬بقيت‬        ‫الإدارة الجديدة‪ ،‬فقد أعلنت‬
  ‫النظام العربي تفككه إلى أن‬       ‫وستبقى تعيش بعدم الثقة‬
                                                                     ‫إدارة بايدن أنها ملتزمة‬
      ‫ينهار ويندثر تما ًما(‪.)11‬‬   ‫في المستقبل‪ ،‬لذلك تبحث عن‬        ‫بأمن اسرائيل‪ ،‬فلا تراجع‬
‫ولا يمكن تسمية ما حدث من‬                   ‫أمنها عبر التطبيع‪.‬‬      ‫عن التطبيع مع كل الدول‬
                                                                  ‫العربية‪ ،‬ولا نية للتغيير في‬
   ‫تقارب ‪-‬أو تقارب البعض‬         ‫دخل النظام العربي الرسمي‪،‬‬      ‫سياسة النظام العربي المطبع‪.‬‬
     ‫العربي تجاه إسرائيل‪-‬‬        ‫في ظل موجة التطبيع الثالثة‪،‬‬
                                                                     ‫وحركة التطبيع الجارية‬
   ‫باتفاقيات سلام‪ ،‬فالسلام‬          ‫مرحلة غير مسبوقة تهدد‬        ‫اليوم ليست حركة تاريخية‬
 ‫هو نهاية للحرب حتى تكون‬            ‫بنهاية القضية الفلسطينية‬      ‫استراتيجية‪ ،‬بل هي حركة‬
                                                                ‫اعتراضية قوية تمنع التاريخ‬
    ‫المدافع قد سكتت وعادت‬             ‫وبتفكك وانهيار التوحد‬
‫الطائرات إلى مرابضها‪ ،‬ولكن‬           ‫العربي‪ ،‬وتدفع في اتجاه‬          ‫من أن يسير باتجاهاته‬
                                    ‫تحوله من نظام قومي إلى‬            ‫الطبيعية التي سطرتها‬
  ‫الدول التي وقعت اتفاقيات‬          ‫مجرد نظام إقليمي يتكون‬            ‫صفحاته خلال العقود‬
      ‫التطبيع‪ ،‬وهي التسمية‬            ‫من دول متجاورة وغير‬
                                 ‫متجانسة دينيًّا‪ .‬لذا‪ ،‬فسيكون‬
 ‫الأقرب للواقع السياسي مع‬        ‫باستطاعة إسرائيل إن استمر‬
    ‫إسرائيل‪ ،‬هي دول بعيدة‬          ‫هذا المنحى أن تلعب في هذا‬
                                 ‫النظام الإقليمي‪ ،‬الذي يتحول‬
  ‫ولا تدخل في مجال التهديد‬       ‫إلى نظام شرق أوسطي‪ ،‬دور‬
   ‫الإسرائيلي‪ ،‬ولم يكن بينها‬      ‫القائد أو ضابط الإيقاع بعد‬
  ‫وبين إسرائيل حروب‪ ،‬لكن‬           ‫أن يفقد تما ًما آخر ما تبقى‬
   ‫يمكن القول إن بعض هذه‬             ‫من معالم هويته العربية‬
   ‫الدول أو كلها كانت تقيم‪،‬‬         ‫أو القومية‪ .‬فبعد أن فشل‬
   ‫حسب اعتراف الكثير من‬          ‫النظام العربي في العثور على‬
‫قادة إسرائيل‪ ،‬علاقات سرية‬           ‫صيغة وحدوية أو تكاملية‬
                                  ‫تمكنه من النهوض وتجاوز‬
            ‫مع إسرائيل(‪.)12‬‬           ‫واقع التخلف والتجزئة‪،‬‬
    ‫وشاءت في لحظة ما هذه‬             ‫ها هو يتخلى عن القضية‬
 ‫الدول رأوا فيها أنها مناسبة‬        ‫من النهوض وتجاوز هذا‬
   ‫أن تعلن عن هذه العلاقات‬           ‫الواقع‪ ،‬ها هو يتخلى عن‬
   ‫بكل فخر‪ ،‬في أوقات جعل‬             ‫القضية الفلسطينية التي‬
                                     ‫ش َّكلت على الدوام محور‬
       ‫فيها ترامب بعض من‬          ‫َتفاعلاته وإحدى أهم سمات‬
 ‫الدول العربية تحت الضغط‬         ‫هويته العربية‪ .‬وما لم يتمكن‬
                                       ‫الشعب الفلسطيني من‬
    ‫والتهديد تارة والترغيب‬         ‫إنهاء الانقسام وبناء حركة‬
                      ‫تارة‪.‬‬        ‫وطنية موحدة تتبنى رؤية‬
                                   ‫استراتيجية موحدة لمقاومة‬
       ‫خاتمة‬

‫لهذه العملية التطبيعية ملامح‬
     ‫أساسية أهمها أنها تمت‬
    ‫بعي ًدا عن الموقف العربي‬

 ‫الموحد وبما يخالف قرارات‬
   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190