Page 190 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 190

‫والظهور على مسرح‬                                     ‫العـدد ‪27‬‬                            ‫‪188‬‬
        ‫الأحداث من وراء‬
               ‫حجاب(‪.)5‬‬                                                       ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬      ‫في لبنان؛ كمذبحة صبرا‬
          ‫وهكذا تستهدف‬                                                                   ‫وشاتيلا وغيرها‪ .‬ولذلك فإن‬
                                ‫والمبادئ الأخلاقية‪ ،‬أو‬
     ‫الأيديولوجيا المحركة‬     ‫تنافى مع طبيعته وفطرته‬                                        ‫هذه الأنسنة الأيديولوجية‬
          ‫لوسائل الإعلام‬       ‫الإنسانية‪ ،‬حيث نجد أن‬                                     ‫تستهدف التعتيم على القضية‬
                             ‫الجندي الإسرائيلي‪ ،‬ورغم‬                                     ‫الرئيسية المتمثلة في ضرورة‬
 ‫الإسرائيلية تهذيب الطابع‬    ‫اعترافه بضعفه الإنساني‪،‬‬
    ‫الوحشي في ممارسات‬         ‫فإنه لا يخاف على فقدان‬                                       ‫التحليل السياسي الصارم‬
       ‫الكيان الصهيوني‪،‬‬      ‫حياته بقدر ما يخشى من‬                                         ‫لما يجري‪ ،‬في ضوء النشاط‬
   ‫والكامن في جوهر بنيته‬     ‫زوال دولة إسرائيل ذاتها‪.‬‬
        ‫الأيديولوجية؛ إنها‬                                                                      ‫العسكري الذي فعلته‬
    ‫تستهدف إضفاء سمة‬             ‫الثانية‪ :‬إضفاء علاقة‬                                         ‫إسرائيل ولا تزال حتى‬
      ‫إنسانية على «الفعل»‬         ‫«روحية» حميمة على‬
                                ‫الممارسات اللاإنسانية‪.‬‬                                                       ‫الآن(‪.)4‬‬
‫و»الفاعل» في الوقت نفسه‪،‬‬         ‫وفي المثالين السابقين‬                                      ‫وبالنظر إلى هذه الصورة‬
 ‫عن طريق إظهار نوع من‬         ‫نجد أن الخبرات القاسية‬                                      ‫(الإنسانية) المتسامحة التي‬
    ‫التضامن مع الآخرين‪.‬‬       ‫التي م ّر بها اليهود (حالة‬
      ‫وهنا يكمن الغموض‬       ‫الطوارئ الدائمة التي ظلوا‬                                        ‫يتم تقديمها عن الجنود‬
 ‫الأيديولوجي المتمثل ‪-‬على‬       ‫لفترات طويلة يعيشون‬                                       ‫الإسرائيليين‪ ،‬والتي يحاول‬
  ‫سبيل المثال‪ -‬في تجسيد‬        ‫فيها‪ ،‬والتهديد بالإبادة‪،‬‬                                   ‫ال ِكيان ال َصهيوني توصيلها‬
‫الإعلام الإسرائيلي للجنود‬      ‫وغير ذلك)‪ ،‬عادة ما يتم‬                                     ‫من حين لآخر للعالم أجمع‪،‬‬
  ‫وكأنهم يقومون بدورهم‬            ‫استحضارها لإخفاء‬                                       ‫تتكشف لنا الأهداف الحقيقية‬
   ‫«كبشر عاديين»‪ ،‬لكنهم‬         ‫الوجه البشع للسياسة‬                                        ‫التي ترمي إليها‪ ،‬وذلك من‬
                                  ‫الإسرائيلية‪ ،‬وإقصاء‬
‫ُيج ِّسدون أقنعة استعمارية‬                                                                       ‫جانبين أو زاويتين‪:‬‬
    ‫عنصرية لإضفاء طابع‬              ‫الطرف الفلسطيني‬                                         ‫الأولى‪ :‬تأكيد الفجوة بين‬
   ‫أخلاقي على الممارسات‬           ‫وتجريده من أرضه‪،‬‬                                       ‫الواقع المع ّقد الذي يعيش فيه‬
   ‫الإسرائيلية اللاإنسانية‪.‬‬                                                               ‫الجندي الإسرائيلي‪ ،‬والدور‬
   ‫وهذا النوع من التعمية‬                                                                   ‫الذي يتعيَّن عليه القيام به‪،‬‬
                                                                                         ‫حتى لو تعارض مع القوانين‬
‫يظهر عند ُذروته الساخرة‪،‬‬
  ‫ويتك ّشف لنا في صورته‬
  ‫الوقحة ج ًدا‪ ،‬عندما يظهر‬
     ‫«شارون» في الإعلام‬
 ‫الإسرائيلي كإنسان وديع‬
  ‫في صورة مزارع مسالم‬
         ‫داخل مزرعته(‪!)6‬‬
     ‫لكن ليس من الصعب‬

                                                                                         ‫شارون في مزرعته‬
   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195