Page 189 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 189

‫الملف الثقـافي ‪1 8 7‬‬

‫الجاهزة‪ :‬إنني لا أحب عمل‬            ‫منز ًل لعائلة «إرهابي»‬            ‫الواقع‪ ،‬ليس على أساس أن‬        ‫مد الدرة‬
    ‫ذلك‪ ،‬ولكن واجبي هو‬          ‫مشتبه به‪ ،‬فعل ذلك بلطف‬                  ‫الإسرائيليين معصومون‬         ‫سرائيلي‬
      ‫الذي َيف ِرضه عليِّ(‪!)2‬‬
           ‫من هنا تسعى‬              ‫شديد‪ ،‬حتى أنه ساعد‬               ‫من الخطأ‪ ،‬وإنما على أساس‬
     ‫الأيديولوجيا المحركة‬           ‫أفراد الأسرة على نقل‬               ‫أنهم بش ٌر يخطئون أحيا ًنا‬
          ‫لوسائل الإعلام‬          ‫أثاثها قبل تدمير المنزل‪.‬‬
     ‫الإسرائيلية إلى تقنيع‬      ‫والصورة نفسها تتكرر في‬                ‫و ُيصيبون في أحيان أخرى‪.‬‬
         ‫ممارسات الكيان‬          ‫حادثة مشابهة عندما كان‬                ‫وانطلا ًقا من هذا العنصر‪،‬‬
     ‫الصهيوني وتهذيبها‪،‬‬          ‫أحد الجنود الإسرائيليين‬               ‫يمكننا تحليل الأيديولوجيا‬
      ‫وخاصة أُ ُفقها الذي‬         ‫يبحث في أحد المنازل عن‬
    ‫قد يبدو في الظاهر أنه‬         ‫فلسطينيين ُمشت َبه بهم‪،‬‬                ‫المحركة لوسائل الإعلام‬
      ‫(متسامح) والذي لا‬            ‫فنادت َر َّب ُة البي ٍت ابن َتها‬       ‫الإسرائيلية‪ ،‬التي تبدو‬
    ‫تستطيع إلا أن ُتجاهر‬          ‫باسمها حتى لا ُيصيبها‬                    ‫للعالم وكأنها تقدم لنا‬
                               ‫الهلع‪ .‬وعندما سمع الجندي‬                ‫إسرائيل كدولة متسامحة‪،‬‬
  ‫به‪ .‬ولهذا فهي تستهدف‬          ‫نداء الأم‪ ،‬اكتشف أن اسم‬               ‫حيث يسته ِويها التطرق إلى‬
    ‫تشويه طريقة إدراكنا‬         ‫الابنة هو نفس اسم ابنته‪،‬‬             ‫عيوب الجنود الإسرائيليين‪،‬‬
      ‫لحقيقة ما يجري في‬             ‫فما كان منه سوى أن‬                     ‫وحالتهم النفسية‪ ،‬ولا‬
                               ‫أخرج صورة ابنته وأعطاها‬                ‫ُتظهرهم بأنهم قتلة أو آلات‬
   ‫الواقع‪ ،‬وذلك عن طريق‬         ‫للأم الفلسطينية في مشهد‬              ‫صماء ُتنفذ أوامر القادة‪ ،‬كما‬
‫الزيادة في جرعة الإحسان‪.‬‬         ‫عاطفي‪ ،‬وكأن لسان حاله‬                 ‫لا ُتق ِّدمهم على أنهم أبطال‬
                                 ‫يقول‪« :‬لا يجب أن ُتعمينا‬              ‫خارقين‪ ،‬وإنما كأشخاص‬
  ‫ولذلك فإن الطريقة التي‬         ‫الاختلافات السياسية عن‬                ‫عاديين يحاربون من أجل‬
     ‫يتم بها تقديم صورة‬          ‫أننا جمي ًعا بش ٌر َنح ِمل‬             ‫أُمتهم‪ ،‬ومن َث َّم فإنهم قد‬
    ‫الجندي الإسرائيلي في‬         ‫مشاعر ال ُو ّد والمحبة‪،‬‬             ‫ُيخطئون أحيا ًنا‪ .‬وعلى سبيل‬
                               ‫ونتقاسم سو ًيا الهموم‬                    ‫المثال‪ ،‬عندما هدم الجيش‬
 ‫الإعلام أمر بالغ الأهمية؛‬       ‫والأحزان»‪ .‬لكن ليس‬                   ‫الإسرائيلي في يناير ‪2003‬‬
 ‫لأنها ُتق ِّدمه على أنه يقوم‬   ‫من الصعب فضح نظرة‬
  ‫بواجبه الوطني‪ ،‬ومن َث َّم‬        ‫التعاطف هذه؛ فإِ َّن مثل‬
  ‫فإنها في حقيقتها ُتج ِّسد‬      ‫هذا الرد ُيخفي وراءه‬
‫أيديولوجية القهر والهيمنة‬        ‫ِقنا ًعا زائ ًفا؛ حتى‬
                               ‫إذا ما سألته الأم‪:‬‬
       ‫في أنقى صورها(‪.)3‬‬          ‫إذا كن َت ح ًّقا‬
       ‫مثال آخر يتمثل في‬        ‫إنسا ًنا‪ ،‬فلماذا‬
       ‫التركيز على الخبرة‬           ‫تفعل ما‬
  ‫المؤلمة لليهود خلال حكم‬      ‫تفعله الآن؟‬
 ‫النازية‪ ،‬ذلك التركيز الذي‬        ‫جاءت‬
   ‫من شأنه أن يعمل ‪-‬في‬         ‫الإجابة‬
   ‫كثير من الأحيان‪ -‬على‬
 ‫طمس الخلفية الأخلاقية‪-‬‬
 ‫السياسية للصراع الدائر‬
   ‫حاليًا بين الإسرائيليين‬
    ‫والفلسطينيين‪ ،‬بما في‬
   ‫ذلك المجازر التي فعلها‬
‫الجيش الإسرائيلي‬
   184   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194