Page 191 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 191

‫الملف الثقـافي ‪1 8 9‬‬

‫لوحة جرنيكا لبيكاسو‬                                                 ‫الكشف عن مدى زيف‬
                                                                  ‫الصورة الإعلامية لتقديم‬
   ‫بيكاسو في استوديو له‬          ‫في الحقيقة غطاء للتعمية‬
  ‫في باريس خلال سنوات‬               ‫عن المشكلة الحقيقية‪،‬‬            ‫إسرائيل وكأنها ُتج ِّسد‬
                                   ‫المتمثلة في عنف ال ِكيان‬    ‫الدولة الليبرالية‪ ،‬المتسامحة‪،‬‬
    ‫الحرب العالمية الثانية‪.‬‬                                     ‫أو الدولة التي تحارب ضد‬
     ‫وفي الأستوديو شاهد‬        ‫ال َصهيوني‪ ،‬وبنائها للحائط‬
      ‫الضاب ُط لوحة لمدينة‬          ‫العازل‪ ،‬وهي سياسة‬             ‫الفاشيات الدينية‪ ،‬ذلك أن‬
   ‫“غرنيكا” )‪(Guernica‬‬                                           ‫إسرائيل قامت أسا ًسا عن‬
    ‫الإسبانية وقد قصفتها‬         ‫للتطهير العرقي في أنقى‬
‫القوات الألمانية‪ ،‬وقد ُص ِدم‬   ‫صورها‪ .‬والصورة نفسها‬                ‫طريق «العنف المُؤ ِّسس»‬
    ‫الضاب ُط عندما رأى ما‬                                         ‫لأصولها «غير الشرعية»‪،‬‬
  ‫فيها من فوضى َحداثية‪،‬‬             ‫نجدها عندما ُيحاصر‬            ‫وهي الأصول التي قامت‬
     ‫فسأل بيكاسو‪“ :‬أأنت‬            ‫الفلسطينيون تدريجيًّا‬       ‫بترسيخها في الماضي البعيد‬
    ‫فعلت هذا؟”‪ ،‬فرد عليه‬      ‫و ُتستقطع مناطقهم‪ ،‬و ُتهدم‬
‫بيكاسو‪“ :‬لا‪ ،‬بل أنتم الذين‬         ‫بيوتهم‪ ،‬و ُيجردون من‬              ‫الذي طمسته وحرفته‬
                              ‫حقهم في الإقامة في القدس‪،‬‬             ‫من أجل تدعيم العقيدة‬
              ‫فعلتموه!”‪.‬‬         ‫و ُيضايقون في الحصول‬                ‫ال َصهيونية عن طريق‬
     ‫من خلال هذه القصة‬        ‫على أرزاقهم‪ ،‬فتظهر المحكمة‬          ‫مجموعة من الأكاذيب(‪.)7‬‬
   ‫يمكن الكشف عن البنية‬          ‫العليا بوجهين مختلفين؛‬             ‫كذلك فإنه من السهولة‬
 ‫الأيديولوجية للعنف الذي‬                                        ‫فضح الصورة التي ُتق ِّدمها‬
‫ينتهجه الكيان الصهيوني‪،‬‬               ‫حيث َتح ُكم لصالح‬         ‫إسرائيل عن نفسها‪ ،‬خاصة‬
  ‫كما يمكننا مقاربة نزوع‬          ‫فلسطيني واحد‪ ،‬ولكنها‬            ‫وأنها ُتخفي حقيقة بنائها‬
    ‫القادة الإسرائيليين إلى‬      ‫تحكم أي ًضا بطرد عدد لا‬       ‫للمستوطنات‪ ،‬ووقوفها ضد‬
   ‫التعمية عن عنف الكيان‬      ‫يحصى من الفلسطينيين(‪!)9‬‬          ‫قيام دولة فلسطينية موحدة‪،‬‬
 ‫الصهيوني‪ .‬فالفكرة ذاتها‬        ‫في هذا الصدد ثمة حكاية‬           ‫واستيلائها التدريجي على‬
   ‫‪-‬التي تتضمنها القصة‬             ‫معروفة يجب الإشارة‬                ‫الأرض من خلال بناء‬
 ‫أو الحكاية السابقة‪ُ -‬تعيد‬    ‫إليها‪ ،‬وهي تدور بين ضابط‬         ‫مستوطنات جديدة في الضفة‬
      ‫طرح نفسها كل يوم‬            ‫ألماني والرسام الشهير‬           ‫الغربية‪ ،‬وخنق الاقتصاد‬
   ‫عندما تقع حوادث عنف‬          ‫“بيكاسو”‪ ،‬وتحمل دلالة‬             ‫الفلسطيني‪ ،‬والضغط على‬
                                ‫سياسة واقتصادية بالغة‬            ‫المزارعين لترك أرضهم(‪.)8‬‬
                                                                   ‫وإذا كان الإعلام الغربي‬
                                    ‫العمق‪ .‬تقول الحكاية‪:‬‬        ‫بدوره يحاول إغفال الطابع‬
                                     ‫إن ضاب ًطا ألمانيًّا زار‬
                                                                      ‫العنيف الذي تنتهجه‬
                                                                    ‫إسرائيل‪ ،‬والتركيز على‬
                                                                ‫ممارسات العنف من جانب‬
                                                                   ‫بعض الفلسطينيين‪ ،‬فإن‬
                                                                   ‫إدانة إسرائيل لما تسميه‬
                                                                 ‫العنف الفلسطيني إنما هو‬

                              ‫مذبحة صبرا وشاتيلا‬
   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196