Page 196 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 196

‫العـدد ‪27‬‬         ‫‪194‬‬

                                                            ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬   ‫تربطه علاقات وثيقة بالدوائر‬
                                                                             ‫الإمارتية‪ ،‬مقا ًل افتتاحيًّا‬
  ‫فالصراع مع إسرائيل هو‬               ‫(‪)2‬‬                                     ‫لصحيفة الوطن‪ ،‬يشيد‬
     ‫الماضي الحي‪ ،‬الذي لا‬
    ‫يسكن صفحات التاريخ‬          ‫عبر الشاعر المصري «أمل‬                 ‫بالصفقة‪ ،‬ويشرح الحكمة وراء‬
    ‫فحسب‪ ،‬بل يعيش معنا‬        ‫دنقل» عن طبيعة التطبيع مع‬                  ‫قرار أبو ظبي‪ ،‬في المقابل قال‬
                              ‫العدو الإسرائيلي كما تستقر‬                  ‫«جلال دويدار» إن الصفقة‬
  ‫كمصريين‪ ،‬وحرب أكتوبر‬         ‫في وجدان معظم المصريين‪،‬‬                   ‫لا تعزز الحقوق الفلسطينية‪،‬‬
      ‫ليست ذكرى‪ ،‬ولكنها‬                                                 ‫بل تستخدمها كغطاء للتطبيع‬
                                   ‫وذلك من خلال رائعته‬                  ‫مع إسرائيل‪ ،‬وشكك «صلاح‬
‫الانتصار الحي الدائم‪ ،‬الذي‬    ‫الشعرية «لا تصالح»‪ ،‬ويقول‬                   ‫منتصر» في نوايا إسرائيل‪.‬‬
  ‫نعيش به‪ ،‬والحزن الدفين‬                                                      ‫أعتقد أن هناك عاملين‬
 ‫في قلوب غالبية المصريين‪،‬‬                          ‫فيها‪:‬‬                    ‫يمكن من خلالهما تفسير‬
    ‫فمعظم بيوت أهل مصر‬         ‫لا تصالح ولو ت َّوجوك بتاج‬                ‫الاستجابة المصرية الرسمية‬
    ‫تتجمل بصورة الشهيد‪،‬‬                                                 ‫شبه الصامتة (أو الضعيفة)؛‬
                                                 ‫الإمارة‬                 ‫الأول‪ :‬ربما المفاجأة بالنسبة‬
‫الذي ضحى بروحه من أجل‬             ‫كيف تخطو على جثة ابن‬                  ‫للحكومة المصرية‪ ،‬أو ربما لا‬
   ‫استرداد الأرض‪ ،‬وروى‬                                                  ‫تزال تحاول حساب خطواتها‬
                                                  ‫أبي َك؟‬                  ‫التالية قبل أن تقول المزيد‬
‫بدمائه تراب الوطن‪ ،‬الشهيد‬        ‫وكيف تصير الملي َك‪ ..‬على‬                ‫علانية‪ ،‬وإذا كان الأمر كذلك‬
 ‫الذي كانت تستقبله جموع‬           ‫أوج ِه البهجة المستعارة؟‬                 ‫فقد لا يكون لدى مسؤولي‬
                                                                               ‫الدولة عن الاتصالات‬
     ‫المصريين «بالزغاريد»‬            ‫كيف تنظر في يد من‬                    ‫الإعلامية تعليمات واضحة‬
‫وبالفرح‪ ،‬خاصة بعد أن رد‬        ‫صافحوك‪ .‬فلا تبصر الدم‪..‬‬                      ‫حتى الآن بشأن ما يجب‬
                                                                           ‫قوله عبر وسائل الإعلام‪.‬‬
   ‫للوطن أراضيه وكرامته‪.‬‬                     ‫في كل كف؟‬                  ‫الثاني‪ :‬أن معظم الشخصيات‬
 ‫لقد قدم أهل مصر أبناءهم‬       ‫مع إدراكي التام بأن الدولة‬                 ‫الإعلامية مهما كان ولاؤها‬
                                 ‫المصرية لديها علاقات مع‬                  ‫للحكومة وتوجهاتها‪ ،‬فإنهم‬
   ‫وبناتهم من أجل الحرب‪،‬‬                                                ‫يخشون الرأي العام المصري‬
    ‫بلا خوف ولا تردد‪ ،‬بل‬         ‫إسرائيل‪ ،‬فأنا هنا أتحدث‬                 ‫غير الرسمي‪ ،‬والذي يرفض‬
   ‫بسعادة وأمل في النصر‪،‬‬      ‫كإنسان مصري‪ ،‬عن التطبيع‬                        ‫في غالبيته كل ما يتصل‬
     ‫لذلك فإن ما يستقر في‬                                                 ‫بعمليات التطبيع‪ ،‬ولعل هذا‬
  ‫الوجدان المصري الأصيل‬          ‫خارج السياق السياسي‪،‬‬                   ‫يتأكد من خلال حالة الرفض‬
  ‫هو ذلك الإنسان والجندي‬         ‫أي التطبيع كما يستقر في‬                   ‫والانتقادات الواسعة التي‬
 ‫المصري الذي لم يكن يملك‬        ‫الوجدان المصري الشعبي‪،‬‬                  ‫عبر بها ملايين المصريين عن‬
 ‫إلا روحه ودمه ورغبته في‬      ‫فغالبية المصريين لم ‪-‬ولن‪-‬‬                ‫رأيهم في الاتفاق بين أبو ظبي‬
 ‫تحرير الأرض‪ ،‬وسعيه إلى‬                                                  ‫وتل أبيب‪ ،‬ومن ناحية ثانية‪،‬‬
‫استرداد كرامة أمة بأكملها‪،‬‬          ‫ينسوا تاريخ الحروب‬                   ‫هجومهم على الفنان المصري‬
    ‫الوجدان المصري يتذكر‬         ‫مع إسرائيل‪ ،‬ولذلك تتجه‬                 ‫الذي جمعته صورة مع فنان‬
  ‫المواطن المقاتل الذي أطلق‬      ‫مشاعر هذه الغالبية نحو‬                                  ‫إسرائيلي‪.‬‬
‫عليه «أحمد فؤاد نجم» اسم‬      ‫رفض جميع أشكال التطبيع‪،‬‬
  ‫«عبد الودود» في قصيدته‬       ‫وهذا الرفض المطلق متأصل‬
‫الغنائية «واه يا عبد الودود»‬     ‫بعمق في عقول المصريين‬
                                ‫وقلوبهم‪ ،‬ولا يمكن تجاهل‬
                   ‫قائ ًل‪:‬‬     ‫هذا الرفض من أجل اللحاق‬
    ‫واه يا عبد الودود كيفك‬      ‫بمزاج التطبيع الذي سيطر‬
                                 ‫على بعض الدول العربية‪،‬‬
            ‫وكيف زمايلك‬       ‫فدم شهداء مصر الأحرار في‬
     ‫عسى الله طيبين خالك‬      ‫حروبنا مع العدو الإسرائيلي‪،‬‬
                              ‫يقف بيننا وبين هذا التطبيع‪.‬‬
            ‫زناتي داي لك‬
   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201