Page 171 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 171

‫الملف الثقـافي ‪1 6 9‬‬

   ‫وهي الأكاديمية أماني فؤاد‬     ‫قنوات‪ :‬الجزيرة وسكاي نيوز‬        ‫تبنيه وقبوله من جانب الدول‬
   ‫من مصر‪ ،‬من خلال مقالة‬          ‫والعربية‪ ،‬وانظروا لعلاقاتهم‬      ‫العربية‪ ،‬كان مؤش ًرا خطي ًرا‬
     ‫نشرتها في هذا اليوم‪ ،‬أي‬      ‫الخارجية مع القوى الدولية‪.‬‬      ‫للغاية‪ ،‬لأنه حتى هذه اللحظة‬
   ‫الأول من سبتمبر بعنوان‪:‬‬         ‫لكن يمكن للدراسة أن تقدم‬         ‫الدول التي وقعت معاهدات‬
     ‫«اللغة التي يعرفها سلام‬                                         ‫سلام مع «إسرائيل» (أي‬
                                     ‫إشارة في المجال الإعلامي‬      ‫مصر والأردن)‪ ،‬لم تزل على‬
                  ‫اليوم»(‪.)10‬‬        ‫واستضافة شبكة سكاي‬              ‫موقفها الشعبي والرسمي‬
  ‫ويمكن القول إن أماني فؤاد‬         ‫نيوز الإماراتية لمراد وهبة‪،‬‬      ‫من اعتبار المعاهدتين بنية‬
 ‫مثلت انتقال خطاب الاستلاب‬           ‫أحد أبرز من تبنوا خطاب‬         ‫سياسية‪ ،‬لا امتداد لها على‬
  ‫من المستوى النخبوي العام‪،‬‬        ‫الاستلاب مؤخ ًرا منذ نهاية‬      ‫المستوى الشعبي أو الثقافي‪،‬‬
                                  ‫عام ‪ ،2019‬مواكبة للاتفاقية‬            ‫خاصة قبل ظهور تيار‬
    ‫إلى مستوى الدعم المباشر‬         ‫«الإبراهيمية»‪ ،‬والدلالة هنا‬       ‫الاستلاب والمقاربة التي‬
  ‫للتوجهات السياسية لبعض‬          ‫واضحة أن خطاب الاستلاب‬           ‫يدشن لها مع صفقة القرن‪.‬‬
  ‫الدول العربية‪ ،‬حيث روجت‬          ‫على مستوى النخبة الثقافية‬         ‫الحقيقة أن دول الفوائض‬
                                  ‫العربية‪ ،‬وعلى مستوى الدول‬
    ‫فيها بشكل مباشر للقرار‬         ‫العربية ذاتها‪ ،‬يجذب بعضه‬       ‫البترولية مثل الإمارات وقطر‬
    ‫المؤسسي لدولة الإمارات‬          ‫بع ًضا‪ ،‬وكنا نشهد محاولة‬     ‫والسعودية‪ ،‬في حاجة لدراسة‬
      ‫بالاتفاق مع «إسرائيل»‪،‬‬     ‫شرسة لتوسعة نطاق الخطاب‬          ‫مهمة في علاقتها بـ»مستودع‬
 ‫ويمكن القول أي ًضا أن أماني‬          ‫في المجال العام‪ ،‬وانتقاله‬  ‫هوية» الذات العربية‪ ،‬كحاضنة‬
     ‫فؤاد اجتمعت فيها معظم‬          ‫من النخب إلى الدول‪ ،‬وإلى‬
     ‫تمثلات خطاب الاستلاب‬           ‫النطاق الشعبي وهو أخطر‬             ‫حضارية تاريخية‪ ،‬دول‬
     ‫للآخر الصهيوني بشقيه‬        ‫المستويات‪ ،‬وإن كان المستوى‬           ‫الخليج كانت على هامش‬
  ‫للانسلاخ عن الذات العربية‬          ‫الشعبي صام ًدا حتى هذه‬        ‫الحاضنة العربية المعاصرة‪،‬‬
‫وروايتها للصراع‪ ،‬وفي الوقت‬        ‫اللحظة‪ ،‬في تمسكه بمستودع‬         ‫وكانت هناك مراكز تاريخية‬
 ‫نفسه الاستلاب لرواية الآخر‬                                         ‫معاصرة لتلك الحاضنة في‬
‫الصهيوني بالرعاية الأمريكية‪.‬‬              ‫هوية الذات العربية‪.‬‬    ‫مصر‪ /‬المركز‪ ،‬والعراق البوابة‬
  ‫حيث عددت فضائل التجربة‬           ‫‪ -3‬تطور خطاب الاستلاب‬           ‫الشرقية‪ ،‬لكن يخرج السؤال‬
   ‫الإماراتية في سياق المزايدة‬      ‫النخبوي مواكبة للاتفاقية‬
‫على الغضب العربي من اتفاقية‬                                                     ‫الآن للوجود‪.‬‬
 ‫«إبراهيم»‪ ،‬مستندة إلى رطانة‬                     ‫الإبراهيمية‬      ‫ويطرح السؤال‪ :‬هل كي تجد‬
    ‫ثقافية عن مفهوم «التعدد‬         ‫في الأول من شهر سبتمبر‬
   ‫الثقافي» بدلالته المعروفة في‬    ‫عام ‪2020‬م‪ ،‬وبعد الإعلان‬            ‫نماذج القوة الجديدة تلك‬
  ‫سياق الترويج الأمريكي له‪،‬‬      ‫في شهر أغسطس عن مشروع‬             ‫‪-‬التي اعتمدت على الفوائض‬
  ‫دون أن توضح لماذا ترفض‬             ‫الاتفاق «الإبراهيمي» بين‬    ‫النقدية‪ -‬مكا ًنا‪ ،‬قامت بالتحرك‬
    ‫«إسرائيل» مهد الحضارة‬          ‫الإمارات و»إسرائيل»‪ ،‬ظهر‬       ‫خارج نطاق الحاضنة العربية‬
     ‫والتسامح (كما تصورها‬
    ‫هي)‪ ،‬وجود الفلسطينيين‬             ‫وجه جديد يضاف لتيار‬            ‫وأمنها القومي! القرائن لا‬
                                      ‫الاستلاب العربي للآخر‬          ‫تكمن في «اتفاقية إبراهيم»‬
       ‫كنوع من «التعدد» على‬      ‫الصهيوني والغربي‪ ،‬ويسعى‬            ‫فقط‪ ،‬بل انظروا للسياسات‬
   ‫أرضهم التاريخية! وتصك‬          ‫لتقديم الظهير الثقافي الجديد‬   ‫الخارجية الإماراتية والخليجية‬
 ‫قانون «يهودية الدولة» القائم‬        ‫لانتقال خطاب الاستلاب‬
   ‫على أحادية فكرية‪ ،‬وتمركز‬      ‫ووقائع الهيمنة والقهر الثقافي‬        ‫في ملف القرن الأفريقي‪،‬‬
  ‫مطلق حول الذات التي تنفي‬          ‫إلى مستوي الدول العربية‪،‬‬       ‫وملف القوة الناعمة المرتبطة‬

                                                                      ‫بتشكيل سياسات الرأي‬
                                                                     ‫العام من خلال الإعلام في‬
   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176