Page 170 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 170

‫العـدد ‪27‬‬                             ‫‪168‬‬

                                ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬                             ‫متخصصة لها بوزارة‬
                                                                        ‫الخارجية الأمريكية‪.‬‬
   ‫وخطورة «اتفاقية إبراهيم»‬       ‫في بعده الديني الصهيوني‪.‬‬
  ‫والمرحلة الجديدة من خطاب‬      ‫بالنسبة للعرب المسلمين النبي‬   ‫وهو ما يعززه تطور مجريات‬
                                 ‫إبراهيم (ص) هو أبو الأنبياء‬   ‫الأحداث؛ حينما ‪-‬مث ًل‪« -‬و ّجه‬
    ‫الاستلاب‪ ،‬أو المقاربة التي‬                                 ‫السفير سام براون باك [سفير‬
 ‫قدمها يوسف زيدان للتعامل‬         ‫وأبو إسماعيل (جد العرب)‬
 ‫مع صفقة القرن‪ ،‬أنه الآن يتم‬    ‫وإسحاق (جد اليهود) عليهما‬          ‫الحريات الدينية في وزارة‬
 ‫تبنيها من قبل الدول العربية‪،‬‬    ‫السلام‪ ،‬لكن بالنسبة للرواية‬     ‫الخارجية الأمريكية] الدعوة‬
                                                                ‫إلى الشيخ عبد الله بن بيّه [في‬
   ‫بعدما كان الغرض منها في‬         ‫والسردية الدينية اليهودية‬   ‫الإمارات] للمشاركة في مؤتمر‪:‬‬
   ‫بداية الأمر صدم الناس في‬        ‫الأمر مختلف تما ًما‪ ،‬ينسب‬     ‫مبادرة الديانات الإبراهيمية‪،‬‬
‫معتقداتهم التاريخية المستقرة‪،‬‬                                    ‫التي تنظمه وزارة الخارجية‬
   ‫لكي يتم تمرير بنود صفقة‬           ‫اليهود أنفسهم لنبي الله‬   ‫الأمريكية الشهر المقبل‪ ،‬وطلب‬
  ‫القرن في ظل وضع مصري‬             ‫إبراهيم (ص)‪ ،‬ولكن الفقه‬      ‫من الشيخ بن بيه تقديم كلمة‬
                                ‫اليهودي أقر بأن النسب لا بد‬    ‫افتتاحية تؤطر لأعمال المؤتمر‪،‬‬
     ‫سياسي غير مستقر بعد‬         ‫أن يكون من جهة الأم وليس‬        ‫وثمن الشيخ عبد الله بن بيه‬
 ‫ثورة ‪ 25‬يناير وإزاحة نظام‬          ‫الأب فقط‪ ،‬وفق هذا الفقه‬
                                   ‫اليهودي فإن نسب اليهود‬           ‫الدعوة للحديث حول هذا‬
                   ‫الإخوان‪.‬‬     ‫دينيًّا وما يترتب عليه من وعد‬     ‫الموضوع الهام وأعرب عن‬
‫كان يوسف زيدان من الخبرة‬           ‫بالأرض المقدسة (فلسطين‬
                                 ‫أو على شمول الوعد من نهر‬              ‫سعادته بالمشاركة(‪.)9‬‬
     ‫العلمية والفهم السياسي‬          ‫النيل إلى نهر الفرات وما‬   ‫حيث ُدشن الإعلان عن إبرام‬
  ‫لأطروحة ترامب التي تنتمي‬         ‫بينهما)‪ ،‬يخص أبناء سارة‬       ‫ما عرف بـ»اتفاقية إبراهيم»‬
                                   ‫(زوجة نبي الله العبرانية)‬
   ‫لليمين المسيحي الأمريكي‪،‬‬     ‫ولا يخص أبناء هاجر (زوجة‬             ‫بين الإمارات والبحرين‬
 ‫الذي يعبر عن تيار «المسيحية‬      ‫نبي الله المصرية‪ ،‬أي يخص‬           ‫و»إسرائيل»‪ ،‬ليعلن عن‬
                                     ‫إسحاق (ص) ومن بعده‬           ‫مرحلة جديدة من العلاقات‬
     ‫الصهيونية» ذي الجذور‬          ‫يعقوب (ص) الذس سمي‬             ‫العربية بالآخر الصهيوني‪،‬‬
‫البريطانية التي ترجع للمذهب‬     ‫بـ»إسرائيل» وإليه ينسب بني‬     ‫وفق مشروع «صفقة القرن»‪،‬‬
                                ‫إسرائيل الذين عرفوا فيما بعد‬        ‫وانتقال صفقة القرن من‬
       ‫البروتستناتي وبالذات‬                                           ‫مرحلة التهيئة الشعبية‬
   ‫فيما عرف بالبيوريتانية أو‬                       ‫باليهود‪.‬‬        ‫عن طريق النخبة وخطاب‬
 ‫التطهرية‪ ،‬من ثم أدرك زيدان‬       ‫أي أن اتفاقية «إبراهيم» هي‬     ‫الاستلاب‪ ،‬إلى مرحلة الدول‬
                                                               ‫وفرض الخطاب وجعله واقعيًّا‬
     ‫فلسفة ترامب وجذورها‬            ‫انتصار واستلاب للرواية‬
   ‫الدينية‪ ،‬وحرص في خطابه‬              ‫الدينية اليهودية‪ ،‬حول‬                      ‫ورسميًّا‪.‬‬
   ‫للاستلاب على تقديم كل ما‬                                     ‫وهنا لا بد من الإشارة لدلالة‬
     ‫يريده ترامب من انتصار‬        ‫أحقيتهم وانفرادهم بالنسب‬
‫للرواية الصهيونية‪ ،‬التي يؤمن‬          ‫لنبي الله إبراهيم (ص)‬       ‫الاسم‪ ،‬حيث كانت «اتفاقية‬
  ‫بها اليمين الديني في أمريكا‪.‬‬                                      ‫إبراهيم» نموذ ًجا تطبيقيًّا‬
    ‫لكن انتقال الوعي بفلسفة‬        ‫وبالتالي انفرادهم بالأرض‬         ‫لخطاب الاستلاب‪ ،‬فكان‬
‫صفقة القرن وروايتها الدينية‪،‬‬         ‫الموعودة دون العرب؛ في‬
‫من يوسف زيدان ومراد وهبة‬                                        ‫لاختيار اسم «إبراهيم» دلالة‬
    ‫وسعد الدين إبراهيم ومن‬        ‫انتقال من خطاب الاستلاب‬           ‫شديدة الوضوح بالنسبة‬
   ‫تبعهم داخل وخارج مصر‪،‬‬                ‫وتبني روايته الدينية‬       ‫لنا كمختصين في الصراع‬
‫من النخب الثقافية التي تنتمي‬
                                    ‫الصهيونية اليهودية‪ ،‬من‬     ‫العربي‪ /‬الصهيوني‪ ،‬وتحدي ًدا‬
     ‫لمختلف التيارات الفكرية‬       ‫النخب الثقافية العربية إلى‬
‫العلمانية والدينية والسلطوية‪،‬‬
                                      ‫مستوى الدول العربية‪.‬‬
     ‫وتحول هذا الخطاب ليتم‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175