Page 217 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 217

‫كل هذه الجدليات قد تم طرحها‪ ،‬ومع‬                                               ‫تجاه معاهدة كامب ديفيد‬
‫ذلك فما زالت الأطراف تتمسك بالحقائق‬                                             ‫نفسها‪ ،‬بل إنه كان يمارس‬
‫المعرفية التي تؤكد وجهة نظرها‪ ،‬فيما‬                                            ‫أنشطة سرية محظورة كأن‬
‫يعرف بالتأكيد المحابي أو ‪confirmation‬‬                                           ‫يه ِّرب المنشورات المناهضة‬
                                                                              ‫للمعاهدة إلى الصعيد‪ ،‬وكانت‬
    ‫‪ ،bias‬إ ًذا يجب أن نغير من آلية النظر‬
‫ومنهجية التفكير نفسها‪ ،‬بأن نعتبرها‬                                                 ‫قوات الأمن تهاجم بيتنا‬
                                                                              ‫بشكل دوري للتفتيش‪ .‬كانت‬
   ‫قضية أمن وسلام وازدهار تحت مظلة‬                                             ‫تلك هي الأجواء التي نشأ ُت‬
‫دولية تضمن التزام جميع الأطراف‪ .‬وهذا‬                                           ‫فيها‪ ،‬ومن المؤكد أن موقفي‬
                                                                               ‫الفكري متأثر بهذه التنشئة‬
  ‫لن يتحقق إلا بسحب الغطاء الإسلامي‬
                      ‫والعروبي عن القضية‬                                           ‫وتلك البيئة تأث ًرا كبي ًرا‪.‬‬
                                                                                  ‫أعرف أن القضية معقدة‪،‬‬
‫والأمر الواقع‪ .‬ليكن سلام‬    ‫يرفض الاستماع‪ ،‬ولكن لو‬                            ‫فهناك أرض مسلوبة بالفعل‪،‬‬
‫مقابل سلام وأرض مقابل‬        ‫نظرنا لكم المعلومات التي‬                             ‫وهناك مستوطنات تبنى‬
                                                                                 ‫سنو ًّيا بغير حق‪ ،‬وأراض‬
   ‫أرض‪ ،‬لا الأرض مقابل‬         ‫يمكن أن تسوقها لتثبت‬                               ‫تبتلع‪ ،‬وحدود غير معلنة‬
‫السلام بحسب كلمة عمرو‬         ‫صحة موقفك سواء كنت‬
                            ‫مع التطبيع أو ضده‪ ،‬فكلها‬                                ‫لدولة متجنية منتهكة‪،‬‬
        ‫موسى الشهيرة‪.‬‬      ‫أفكار تم تداولها وكل فكرة‬                              ‫وفروق معيشية مجفحة‬
‫هناك صراع وتاريخ ودم‪،‬‬      ‫مردود عليها‪ ،‬بد ًءا من فكرة‬                              ‫للشعب الفلسطيني‪ ،‬بل‬
‫ولكن هناك ‪-‬أي ًضا‪ -‬أزمة‬       ‫كونها حق تاريخي‪ ،‬لأن‬
                            ‫إسرائيل كذلك تستطيع أن‬                                  ‫وانقسام وفساد داخل‬
    ‫وقضية إنسانية عادلة‬     ‫ت َّدعي أن لها ح ًّقا تاريخيًّا‪،‬‬                    ‫القيادة الفلسطينية نفسها‪،‬‬
    ‫وشعب يقاسي بالفعل‬        ‫كما أن الحق التاريخي لا‬
  ‫ويحرم من أبسط حقوق‬         ‫يعني بالضرورة الحق في‬                                    ‫ناهيك عن انقسامات‬
    ‫المواطنة كحرية السفر‬    ‫العودة‪ .‬كم من دولة كانت‬                                ‫وفساد الأنظمة العربية‬
    ‫والتنقل والعمل‪ .‬هناك‬     ‫محتلة وتابعة لبلد آخر أو‬                            ‫التي ‪-‬بالإضافة إلى كونها‬
                              ‫امبراطورية أخرى‪ ،‬فهل‬                               ‫غير مؤهلة وغير راغبة في‬
     ‫أي ًضا قضية مصالح‬         ‫يعني ذلك إعادة تسكين‬                           ‫المساعدة على التوصل إلى حل‬
 ‫واستفادة وتفاعل تجاري‬      ‫واستيطان لكل تلك الدول؟‬                            ‫عادل للمشكلة الفلسطينية‪-‬‬
                                                                                 ‫فهي أي ًضا استغلت معاناة‬
     ‫وازدهار لكل أطراف‬           ‫إذا ادعينا أن لهم ح ًّقا‬                         ‫الشعب الفلسطيني نفسه‬
  ‫الخصومة‪ .‬فليكن تعاو ًنا‬       ‫مقد ًسا فإن لكل طرف‬                             ‫لتبرير استبدادها وفسادها‬
                           ‫اند َّعصيهناوأتنرالثههمالمقحدًّقاس‪.‬سياوإذساياًّ‪..‬‬  ‫وحرمان شعوبها من التنمية‬
   ‫بد ًل من حرب وسلام‪،‬‬        ‫فالسياسة ‪-‬عامة‪ -‬تعني‬
         ‫بد ًل من كراهية‪.‬‬    ‫التعامل مع موازين القوة‬                                        ‫والديمقراطية‪.‬‬
                                                                                ‫هذا على المستوى الرسمي‪،‬‬
‫يسألون‪ :‬كيف ننسى بحر‬
   ‫البقر ومذابح الصهاينة‬                                                            ‫أما على المستوى الفعلى‬
        ‫وابتلاع الأراضي‬                                                           ‫فبوسعنا جمي ًعا أن نرى‬
    ‫والتهجير؟ وكيف نثق‬                                                          ‫كيف أن تلك الأنظمة دائمة‬
  ‫بمن لا عهد لهم؟ ويأتي‬
                                                                                     ‫التنسيق والتعامل مع‬
                                                                                ‫إسرائيل في الخفاء وبعض‬

                                                                                     ‫العلن‪ .‬وأ ًّيا كان رأيي‬
                                                                              ‫الشخصي في مسألة التطبيع‪،‬‬

                                                                                ‫فهو بكل تأكيد لن يقنع من‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222