Page 215 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 215

‫‪213‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫للتفهم والاقتناع بالنقطة‬      ‫كان مقتن ًعا بالاحتباس‬      ‫تالي‬
 ‫التي يعارضها‪ .‬هذا المثال‬     ‫الحراري ازداد اقتنا ًعا به‪،‬‬  ‫شالوت‬
‫يوضح كيف أننا ننتقي ما‬      ‫بينما غير المقتنعين ما زالوا‬
 ‫يخدم قناعتنا لنثبت به ما‬
                               ‫يشككون في هذا الطرح‪،‬‬
       ‫لدينا من معلومات‪.‬‬          ‫معتبرين أن الظواهر‬
   ‫لكن يبقى السؤال‪ :‬لماذا‬
‫نفعل ذلك؟ وما الذي يؤثر‬         ‫الطبيعية هي السبب في‬
  ‫على تكوين هذه القناعات‬        ‫هذا الارتفاع الحراري‪.‬‬
                                  ‫هذه التجربة تؤكد أن‬
              ‫من البداية؟‬      ‫المعلومات التي أعطيناها‬
       ‫الحقيقة أن منهجية‬        ‫للناس محل الدراسة لم‬
     ‫الاقتناع الأول وعمله‬    ‫تؤد إلى توحدهم على فكرة‬
     ‫في العقل البشري هي‬     ‫بخصوص الظاهرة‪ ،‬بل إنها‬
   ‫عملية غامضة ومعقدة‪.‬‬          ‫أدت إلى استقطاب أكبر‪،‬‬
  ‫فلو سألتك مث ًل عن نوع‬    ‫حيث رسخت لدى كل فريق‬
 ‫الآيس كريم الذي تفضله‪،‬‬
       ‫وعما إذا كنت تؤثر‬            ‫وجهة نظره الأولى‪.‬‬
  ‫الفراولة أم الشوكولاتة‪،‬‬      ‫في تحربة معملية أي ًضا‬
   ‫قد ترد عليَّ بأنك تفضل‬
    ‫الشوكولاتة‪ .‬وستكون‬            ‫للباحثة والكاتبة‬
  ‫إجابتك سريعة وبسيطة‬             ‫الشهيرة ‪Tali‬‬
       ‫وعفوية‪ .‬ولكن لماذا‬   ‫‪ Sharot‬التي قامت‬
     ‫تحب الشوكلاتة أكثر‬        ‫بمراقبة نشاط‬
   ‫من الفراولة؟ هنا تكون‬       ‫المخ لشخصين‬
‫الإجابة أصعب لأنها نتيجة‬          ‫أثناء جدال‬
   ‫امتزاج واختلاط عوامل‬      ‫بينهما‪ ،‬ووجدت‬
      ‫متعددة تجعلك تميل‬         ‫أنهما عندما‬
   ‫للون أو لطعم‪ ،‬أو حتى‬      ‫كانا يتفقان في‬
  ‫لأيديولوجية معينة دو ًنا‬     ‫نقطة معينة‬
    ‫عن غيرها‪ .‬ولأن عيني‬          ‫يبدو المخ‬
     ‫الإنسان تنظران نحو‬       ‫وكأنه يقوم‬
 ‫الخارج ‪-‬أي نحو الآخر‪-‬‬          ‫بما يشبه‬
‫ولا تنظر داخل الذات‪ ،‬فمن‬      ‫فك شفرات‬
  ‫السهل أن نحكم على هذا‬     ‫المتحدث الآخر‬
    ‫الآخر ونحدد توجهاته‬          ‫وفهمها‪،‬‬
  ‫ودوافعه بحسب تقييمنا‬          ‫أما عندما‬
‫لأفعاله وتصرفاته وأفكاره‬     ‫يختلفان فالمخ‬
  ‫وكلامه‪ .‬أما عندما نحكم‬        ‫يتوقف عن‬
    ‫على أنفسنا‪ ،‬فنظن أننا‬   ‫ذلك تما ًما وكأنه‬
 ‫نعرفها أكثر من الآخرين‪.‬‬      ‫يرفض الاستماع‬
   ‫عندما يذهب أحدهم إلى‬      ‫والتحليل‪ .‬وجدوا أي ًضا أن‬
     ‫طبيب للقلب لا تجده‬     ‫الشخص الأكثر ذكا ًء يكون‬
                             ‫أقدر على تحوير المعلومات‬
                              ‫لتوائم قناعاته المسبقة‪ ،‬لا‬
   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220