Page 213 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 213

‫‪211‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫الجرائم ضد الشعوب‬               ‫‪ ،1979‬والأردن ‪،1994‬‬                   ‫إزاء إسرائيل وازاء العلاقات‬
‫العربية في القرن العشرين‪،‬‬        ‫وقد أثار هذا التطبيع سخط‬                    ‫معها‪ .‬فالشعب المصري لم‬

    ‫وهي جرائم تستند في‬             ‫الشعوب العربية المجاورة‬                ‫ينس جروحه العربية التي لا‬
‫الأساس إلى مرجعية دينية‬             ‫للمغرب‪ ،‬وأغضب الكثير‬                        ‫تزال تنزف حتى الآن‪.‬‬
 ‫متشددة‪ .‬ومن الوضع في‬               ‫من مواطني المملكة‪ ،‬فقد‬                     ‫وكذلك هو الحال عندما‬
                                 ‫قال ‪ 88‬في المئة من المغاربة‬
  ‫الاعتبار ضرورة التفرقة‬             ‫الذين شملهم استطلاع‬                      ‫أعلنت المغرب التطبيع مع‬
‫بين اليهودية والصهيونية‪،‬‬                                                   ‫إسرائيل في مقابل الاعتراف‬
                                      ‫الرأي أنهم يعارضون‬                    ‫بسيادة المغرب على أراضي‬
    ‫بمراعاة أن الأولى دين‬             ‫الاعتراف الدبلوماسي‬
  ‫سماوي مقدس‪ ،‬والثانية‬            ‫بإسرائيل‪ ،‬كما رأى ‪ 70‬في‬                     ‫الصحراء الغربية المتنازع‬
 ‫مذهب سياسي عنصري‪،‬‬                ‫المئة أن القضية الفلسطينية‬              ‫عليها‪ ،‬في حين رأى المواطنون‬
  ‫لأن الدين يدخل في إطار‬           ‫قضية تهم العرب برمتهم‬
                                      ‫(بحسب تقرير مؤشر‬                         ‫أن حق المغرب كدولة في‬
     ‫حق الاعتقاد وبالتالي‬           ‫الرأي العام العربي لعام‬                   ‫الصحراء الغربية هو حق‬
    ‫يجب احترام معتنقيه‪،‬‬
    ‫أما الصهيونية‪ ،‬فلأنها‬                 ‫‪.)2020 -2019‬‬                         ‫مشروع وليست المملكة‬
   ‫تستهدف الاستيلاء على‬              ‫وفيما قد لا يتبلور عدم‬                    ‫بحاجة إلى الاعتراف من‬
                                    ‫القبول هذا إلى الاعتراف‬                ‫الولايات المتحدة‪ ،‬وبالتالي لا‬
      ‫أوطان الغير‪ ،‬فيجب‬              ‫الفوري‪ ،‬سوف يضعف‬                      ‫تحتاج التطبيع مع إسرائيل‪.‬‬
  ‫مقاومتها‪ .‬وهنا علينا أن‬         ‫نظرة المواطنين إلى النظام‪،‬‬                 ‫فالمغرب كان ضمن أربعة‬
   ‫نقول إنه إذا كان اليهود‬           ‫وقد يغير العلاقات بين‬                ‫دول عربية دخلت في التطبيع‬
   ‫قد تجوعوا الذل على يد‬                                                       ‫مع إسرائيل (الإمارات‪،‬‬
‫النازية‪ ،‬فإنهم أعادوا إنتاج‬             ‫المجتمع والدولة على‬
‫الذل ومارسوه على غيرهم‪،‬‬              ‫المدى البعيد‪ .‬ولهذا نجد‬                       ‫السودان‪ ،‬البحرين)‬
   ‫فهم كانوا محتقرين في‬                                                            ‫بالإضافة إلى مصر‬
  ‫أرض مصر «وفق رواية‬                     ‫أن الإعلام الرسمي‬
                                   ‫يسلّط الضوء على مكسب‬                                    ‫في السابق‬
      ‫التوراة» نفسها‪ ،‬وقد‬
  ‫تحولوا إلى غزاة محتلين‬              ‫الصحراء الغربية‪ ،‬ولا‬      ‫معركة‬
 ‫لأرض فلسطين (كنعان)‪،‬‬               ‫يذكر الكثير عن الا ّتفاقية‬  ‫القدس‬
   ‫بعد فترة «التيه»‪ ،‬ولعل‬          ‫مع إسرائيل‪ .‬وفي الواقع‪،‬‬
                                 ‫يموضع النظام الملكي نفسه‬
      ‫هذا يفسر لنا إلى حد‬          ‫كوسيط بين الفلسطينيين‬
     ‫ما ميول إسرائيل إلى‬
   ‫استخدام العنف والقتل‬              ‫والإسرائيليين‪ .‬ويش ّدد‬
  ‫بد ًل من الحوار والسعي‬             ‫الإعلام الرسمي على أن‬
 ‫إلى السلام الحقيقي‪ .‬وهنا‬          ‫المملكة تستأنف الرحلات‬
     ‫‪-‬أي ًضا‪ -‬نستطيع أن‬          ‫ومكاتب الا ّتصال والعلاقات‬
  ‫نتفهم لماذا ترفض بعض‬             ‫الدبلوماسية لا أكثر‪ ،‬لأنه‬
‫الشعوب العربية الاعتراف‬
‫بإسرائيل كدولة‪ ،‬وترفض‬                  ‫يعرف موقف الشعب‬
                                     ‫الرافض لتلك الاتفاقية‪.‬‬
       ‫كذلك التطبيع معها‬             ‫ويرجع رفض الشعوب‬
                                 ‫العربية للتطبيع مع إسرائيل‬
    ‫* باحثة دكتوره في الفلسفة‬        ‫إلى كونها ارتكبت أبشع‬
                      ‫السياسية‪.‬‬
   208   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218