Page 218 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 218

‫العـدد ‪27‬‬         ‫‪216‬‬

                                                           ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬     ‫الرد بأن ضحايا الحروب‬
                                                                       ‫العربية‪ /‬العربية كانوا أكثر‬
   ‫سبيل المثال‪ -‬أن تقاطع‬         ‫يتشارك معها في الثقافة‬                 ‫بكثير من ضحايا الحروب‬
    ‫إسرائيل مقابل تعاون‬           ‫اليهودية المسيحية التي‬
                                                                                     ‫مع إسرائيل‪.‬‬
      ‫مع إيران وكان هذا‬             ‫أسست لمدنية الغرب‬                        ‫بكل أسف لقد تحولت‬
  ‫التطبيع اقتصاد ًّيا أفضل‬     ‫بحسب ادعائهم! لو تحللنا‬                 ‫القضية إلى صراخ وادعاءات‬
  ‫لمصر‪ ..‬إ ًذا فلا تطبيع مع‬                                               ‫قومية ودينية‪ ،‬واستدعاء‬
  ‫إسرائيل‪ ،‬بالرغم من أن‬            ‫من كل هذه الرواسب‪،‬‬                        ‫لما ٍض وفخريات زائفة‬
  ‫مصر رسميًّا مطبعة مع‬         ‫ومن أعباء تعميم القضية‪،‬‬                 ‫وحنجوريات لم تعد مقبولة‬
                                                                      ‫كلغة للعصر‪ .‬الحل ‪-‬إ ًذا‪ -‬أن‬
                ‫إسرائيل!‬             ‫وخصصناها وقمنا‬                       ‫نطرح الحوار من منطلق‬
‫التحدي الأكبر ‪-‬في رأيي‪-‬‬         ‫باختزالها في صراع ديني‬                ‫إنساني‪ ،‬ليس دينيًّا ولا قوميًّا‬
 ‫ليس معضلة التطبيع من‬                                                 ‫عروبيًّا‪ ،‬بل إنسانيًّا قائ ًما على‬
                                   ‫قومي فستكون قضية‬                     ‫الرغبة الحقيقية في السلام‬
  ‫عدمه‪ ،‬إنما هي في التخلي‬        ‫خاسرة أو على الأقل لن‬                ‫وتحقيق المزيد من المكتسبات‬
   ‫عن الميراث الأسود من‬        ‫تحل‪ ..‬أما إذا ركز الطرفان‬
    ‫الاستثمار في الصراع‬          ‫على المكتسبات المشتركة‬                             ‫لكلا الطرفين‪.‬‬
     ‫لصالح حكام وأنظمة‬           ‫تحت أي بند أو مسمى‪،‬‬                    ‫ما أريد أن أقوله هو أن كل‬
   ‫ابتزت القضية لصرف‬           ‫مع التركيز على المكتسبات‬               ‫هذه الجدليات قد تم طرحها‪،‬‬
                                                                       ‫ومع ذلك فما زالت الأطراف‬
 ‫نظر شعوبها عن خطوات‬               ‫البسيطة السريعة غير‬                   ‫تتمسك بالحقائق المعرفية‬
   ‫حقيقية في سبل التنمية‬         ‫الشائكة مثل حق العودة‬
   ‫والديمقراطية‪ .‬ولو نظر‬        ‫واستبدالها بحق مواطني‬                     ‫التي تؤكد وجهة نظرها‪،‬‬
 ‫العرب للتاريخ سيجدون‬            ‫البلدين في الحصول على‬                 ‫فيما يعرف بالتأكيد المحابي‬
  ‫أن أم ًما كثيرة استطاعت‬         ‫هوية واحدة أو فدرالية‬                ‫أو ‪ ،confirmation bias‬إ ًذا‬
  ‫ان تتخطى تاري ًخا دمو ًّيا‬                                           ‫يجب أن نغير من آلية النظر‬
    ‫أكثر سوا ًدا‪ .‬قد يكون‬          ‫تعاونية تساعدهم على‬
  ‫هذا تبسيط مخل لقضية‬               ‫حقوق السفر والعمل‬                     ‫ومنهجية التفكير نفسها‪،‬‬
     ‫معقدة‪ ،‬ولكني هنا لا‬       ‫والقضاء‪ ،‬يمكننا ‪-‬عندئ ٍذ‪-‬‬                   ‫بأن نعتبرها قضية أمن‬
                              ‫أن نتوصل إلى وضع مرض‬                     ‫وسلام وازدهار تحت مظلة‬
 ‫أتناول بنود الحل وآلياته‬       ‫أو على الأقل أفضل بعض‬                    ‫دولية تضمن التزام جميع‬
  ‫بقدر ما أفند أيديولوجية‬      ‫الشيء من الوضع الحالي‪.‬‬                    ‫الأطراف‪ .‬وهذا لن يتحقق‬
                                    ‫تستطيع إسرائيل أن‬                  ‫إلا بسحب الغطاء الإسلامي‬
     ‫التعاطي مع القضية‪.‬‬           ‫تخدم العرب في قضايا‬                 ‫والعروبي عن القضية‪ ،‬اللذان‬
  ‫هذا التعاطى الذي أضاع‬          ‫التعليم والزراعة والطب‬                  ‫يفتحان الباب على المزايدة‬
 ‫عهو ًدا طويلة في الخسائر‬            ‫بسبب قرب المسافة‬                 ‫والمتاجرة بشعارات في قضية‬
 ‫تلو الخسائر‪ .‬ليكن تطبيع‬       ‫وتشابه الثقافات‪ ،‬والعرب‬
                                  ‫يستطيعون أن يخدموا‬                         ‫لا تعني غير طرفيها‪.‬‬
     ‫أو لتكن ممانعة طالما‬     ‫بالعمالة والثروات الطبيعية‬                ‫فلو تعاملنا معها باعتبارها‬
  ‫يتم البحث والمعالجة على‬      ‫والتبادل المعرفي‪ .‬لو ركزنا‬               ‫قضية دينية فكيف تتلاقى‬
 ‫أساس المصالح والحقوق‬            ‫على ذلك لتقاربت الأفكار‬              ‫مصلحة السعودية مع إيران؟‬
 ‫الإنسانية‪ ..‬القضية ‪-‬إ ًذا‪-‬‬    ‫وقلت الخلافات‪ .‬أما الواقع‬
 ‫تكمن في منهجية التعاطي‬         ‫الحالي فبائس وغير مفيد‬                    ‫ولماذا يتعاطف الغرب مع‬
                               ‫لكلا الطرفين‪ .‬أنا لا أنادي‬               ‫قضية أساسها ديني؟ فإن‬
     ‫معها وبنقاط البداية‪..‬‬      ‫بالتطبيع ولا أنادي كذلك‬                 ‫المنطق يقتضي أن يتعاطف‬
‫سأذهب الآن لتناول بع ًضا‬         ‫بالحرب‪ ،‬بل أقول دعونا‬
                                ‫نلتمس المصلحة‪ .‬فلو كان‬                     ‫الغرب مع إسرائيل التي‬
    ‫من الآيس كريم بطعم‬             ‫في صالح مصر ‪-‬على‬
             ‫الشوكولاتة‬
   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223