Page 29 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 29
27 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
أو يوقف سلحفاة الدماغ
العنيدة.
وهذا الجند ُّي إلى يميني
وامرأة تسح ُب نف َسها
وتدخل المرحاض
والب َّصارة ثانية
والخطوط والحلازين
الآن فو ًرا
مع الجثث والقهقهات»(.)9
ليس من الضرور ّي الخو ُض
-تفصي ًل -في الحديث عن
الحرب الأهليّة اللبنانيّة
( )1989 -1975لسببين:
الأول :أ ّن هذا الكتاب
ليس معنيًّا في المقا ِم
الواأل ٌوع ِلسبكالر ِّشيأ،نليكننّهالمسعينا ٌّيس ِّي
فتحي عبد السميع مصطفى سويف وديع سعادة بأثرهما في الشاعر والنصوص.
فيه أ ّن حر َب الإنسان اللبنان ِّي ض ّد الإنسان اللبنان ِّي الثانى :أ ّن موضوع الحرب الأهليّة اللبنانيّة ُقتل
ُيمكن للعقل المتأ ّمل أ ْن يشت َّم ورا َءها روائ َح الخيانة، بحثًا ،ولا يجه ُل أسبا َبه وطبيع َته ونتائ َج ُه أحد.
وبإيجا ٍز شدي ٍد فإ ّن الحر َب التي اندلع ْت منذ عام
روائ َح العملاء. 1975حتى عام 1989هي بالأساس صرا ٌع طائف ٌّي
ها هو قطار الوطن ُمك ّد ٌس بأبنا ِئه الركاب الذين بين طوائف المجتمع اللبناني المعروفة من مسيحيين
هم -في تص ّور سعادة -مج ّرد مشاري َع لجث ٍث رومان ،ومسلمين ُسنّ ٍة ،وشيع ٍة ،والدروز ،ويضاف
كان يشر ُب معها القهوة من ُذ قلي ٍل ،فهو يتو ّق ُع بين إلى هذا الصراع الطائف ّي ،صرا ٌع آخر طبق ٌّي
لحظ ٍة وأخرى أ ْن ينفج َر هذا القطار /الوطن المُف َّخ ُخ
بك ِّل قبح الطائفيّة والطبقيّة ،هذا الانفجار سيودي معرو ٌف أي ًضا نتج عن عدم عدالة توزيع الثروات.
فأين كان وديع من تلك الحرب؟ وماذا كان موق ُفه؟
بعجلات القطار! من يتتب ْع تجربة سعادة جيّ ًدا ،يدر ْك أ ّن الطائفيّ َة لم
تتر ْك آثا َرها البغيض َة عليه ،رغم تو ّفر أسبابها ،ولن
قد تكون تلك العبارة (انفجار يودى بالعجلات) في وع َيه كشاع ٍر، نواعتن َيسابَاعلقرطؤيعتِأه ّن،هولرمحياكبتَةرفْثكإِرلهيهاو،نفل ِكس ّنه
ووجدا ِنه
تص ّور البعض زائدة لا قيمة لها ،لكن هذه العبارة أشيا ُء جعل ْت انحيازا ِته إنسانيّ ًة ،لا يكتر ُث إلى لو ٍن
في الواقع تعك ُس ما يعتم ُل في ذات الشاعر ،التي أو دين.
الطف ُل الذي لعب مع عناصر الطبيعة ،لم يفص ْل
ترى أ ّن تلك الحرو َب الوقح َة أوقف ْت سير عجلات ذا َته عن أي آخر يو ًما ،فلم ير في اختلاف المعت َقد
الوطن ،ولع ّل هذا الانفجار أي ًضا يوق ُف الأفكا َر بين الناس أ ّي سب ٍب لتمايز أو تعارض ،أو تناز ٍع،
البطيئ َة التقليد ّي َة في الأدمغة المتكلّسة. فاقتتال.
ثم يتّسع وديع بالمشهد ليض َّم جند ًّيا بريئًا ،وامرأ ًة في الن ّص السابق «البحث عن عميل»؛ هذا العنوان
بسيط ًة ،وأه َل البصيرة والدراية (كالمثقفين مث ًل)، وح َده يحي ُل القار َئ إلى أ ّن وع َي سعادة قد استق ّر
وأهل الح ِّظ الذين يركبون أ َّي موج ٍة وينتفعون،
و(الحلازين) ،وهى أشياء ُتلقى على الأرض في
لبنان تشبه الأزلام أو ضاربي الودع كما أخبرني
الشاعر نفسه بمعناها المحليّ عبر الهاتف.