Page 22 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 22

‫العـدد ‪26‬‬                   ‫‪20‬‬

                                                                      ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬

                             ‫ِل‪ِ ،‬ف ال َف َضا ِء‪َ :‬ب ْي ٌت‬                                        ‫هذا النحو‪:‬‬
                                      ‫ِبل َا ج َدار‪.‬‬                       ‫السجن‪ُ :‬ج ْد َرا ٌن‪َ ،‬و َم َزالِي ٌج‪َ ،‬و َس ْق ٌف َوا ِط ٌئ‪..‬‬
                                                                             ‫الشيخوخة‪َ :‬ش ْي ُخو َخ ٌة َت ْس َعى َع َل َو َج ٍل‪،‬‬
                         ‫َو ِل‪ِ ،‬ف ُك ِّل ُظ ْل َم ٍة‪َ :‬ن َهار‪.‬‬
                                 ‫ِل‪َ :‬ما َل ْي َس ِل‪.‬‬                 ‫الموت‪َ :‬و َم ْو َتى ِبل َا َس َماء‪َ ..،‬عن َك ُبو ٌت َي ُموت‪َ ،‬ن ْح َل ٌة‬
                                                                                                 ‫َت ِر ُّف َر َّف ًة‪َ ،‬و َت ْه ِوي‪.‬‬
                  ‫َو ِل‪َ :‬ح ْش ٌد ِم َن الأ ْش َيا ِء ُي ْش ِعلُنِي‪،‬‬
                                   ‫ُي َت ِّو ُجنِي إ َل ًها‪،‬‬                  ‫الظلام‪ِ :‬ف ُظ ْل َم ِة ال َّز َوا َيا‪َ ،‬و َف َضا ٌء َع َماء‪.‬‬
                                      ‫أو َخ ِري َفا‪.‬‬                          ‫التلاشي‪َ :‬ص ْر َخ ٌة َفالِ َت ٌة َت ْذ ِوي‪َ .‬وان ِط َفاء‬
                                                                      ‫تنقل هذه الأوصاف المتنوعة انطبا ًعا حا ًّدا بالموت‬
                                   ‫و ِف ال َّص َباح‪:‬‬                  ‫والانزواء والتلاشي‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬إنها تفرغ المعنى‬
                            ‫أ ْب َتنِي َب ْي َت ال َف َرار(‪.)26‬‬
  ‫من اليسير على القارئ الآن إدراك التوتر الدرامي‬                      ‫الدلالي الكامن الدال على الملكية (لي) فتحوله من‬
   ‫في قيامه على صيغة التحول الزمني‪ ،‬اعتما ًدا على‬
  ‫حركة التضاد البارزة في إيقاع الترجيع التركيبي‬                       ‫المعنى الحسي إلى المعنى المعنوي الشعوري‪ ،‬وتفرغ‬
    ‫بين الافتتاح والختام‪( ،‬في المساء‪ ..‬في الصباح)‪،‬‬
‫ومن السهل أي ًضا إدراك التعاقب الزمني في الإحالة‬                      ‫هذا المعنى الأخير لتكون (لي) دالة على تجسيد‬
   ‫إلى الوقت هنا‪ ،‬لكن هذا البعد الزمني يف ّرغ دلاليًّا‬
‫اعتما ًدا على التضاد الداخلي الدال على ال ّسلب (لي‪ :‬ما‬                ‫معاني اليأس والألم والفوضى والتدمير‪ ،‬ويأتي‬
 ‫ليس لي)‪ ،‬مقابل (ولي‪ :‬حشد من الأشياء‪ ..‬يتوجني‬
  ‫إل ًها)‪ ،‬حيث السلب الكامل في مقابل الخلق الكامل‪،‬‬                    ‫القسم الآخر‪ ،‬ليحمل معه الإسناد الإيجابي‪ ،‬إذ‬
   ‫ونستطيع رؤية التوتر ذاته في تكافؤ الأضداد في‬
‫شظايا الجمل المتعاقبة (جناح من غبار‪ /‬في الفضاء‬                        ‫نلمح صور التحرر والانطلاق والانعتاق (عصفو ًرا‬
‫بيت‪ /‬بيت بلا جدار‪ /‬في كل ظلمة نهار‪ /‬ابتني بيت‬                             ‫طلي ًقا) وصورة الصوت المستعاد‪ ،‬ففي مضاد‬
                                                                      ‫صرخة آفة هناك ( َما َي ْم َن ُح ال ُع ْص ُفو َر َو ْر َد َة ال ِغ َناء)‪.‬‬
                                        ‫الفرار)‪.‬‬                       ‫هذا التوتر الدلالي منذ البدء حتى الانتهاء مصنوع‬
 ‫مهما يكن من أمر‪ ،‬فإن هذا الديوان يجسد بصورة‬
                                                                      ‫من توتر درامي في القسمين حيث التضاد بين‬
      ‫ظاهرة عكوف سلام على الإشراقات الشعرية‬
  ‫المفردة‪ ،‬والعناية بمكونها الدلالي وبنيتها التركيبة‬                                              ‫معادلتين هما‪:‬‬
  ‫التي تأتي في صور متنوعة‪ ،‬وتأخذ مظاهر شتى‪،‬‬
                                                                                                  ‫لي= الموت‪،‬‬
     ‫لكنها جمي ًعا تبرهن على تكسير قصدي لأبنية‬
     ‫الزمان والمكان‪ ،‬وتقليص الغنائية عبر إسباغها‬                                                  ‫ولي= الحياة‪،‬‬
 ‫بلحن شجي حزين‪ ،‬وبروزها في صرخة أو شهقة‬
    ‫الومضة المضيئة‪ ،‬سواء أكانت حل ًما أم كابو ًسا‪،‬‬                    ‫وبينهما تصنع القصيدة قدرتها على تحويل السلبي‬
 ‫فهي تجسيد لأحد أهم أعراف قصيدة النثر في تلك‬                          ‫في الواقع إلى صرخة وغناء دا ًّل على المواصلة‬
‫الفترة في احتفائها بالغموض‪ ،‬وامعانها في التجريب‪،‬‬
  ‫وتكريسها لعقد نوعي للقراءة بين المتلقي والنص‬                                     ‫والقدرة على الحلم والأمل‪.‬‬
‫يحثه على الانفتاح وتجريب وسائل جديدة في الفهم‬                         ‫ويمكننا رؤية التوتر الدرامي آخ ًذا صورة التداخل‬
  ‫تعلي من تنافس التفسيرات في ضوء سنن مبتكرة‬
                                                                      ‫بين تكافؤ الأضداد والتضاد البنائي في نموذج‬
                              ‫في الإبداع والتلقي‬
                                                                      ‫آخر‪ ،‬ولتكن قصيدة عنوانها أي ًضا (لي)‪ ،‬وكأن هذه‬

                                                                      ‫القصيدة‪ /‬النص معطوف عليها القصيدة السابقة‬

                                                                      ‫(ولي) التي تقع في الديوان بعد هذه القصيدة‪،‬‬

                                                                      ‫وكأنه بمعاودة نفس التسمية يمحو فرادة التسمية‬

                                                                      ‫من جانب‪ ،‬ويلح على التفريغ الدلالي للمعاني عبر‬

                                                                                   ‫تكرارها‪ ،‬تقول قصيدة (لي)‪:‬‬
                                                                                                       ‫ِف اللَّ ْي ِل‪:‬‬
                                                                                   ‫ُغ َبار‪.‬‬  ‫ِمن‬  ‫َين ُب ُت ِل َج َنا ٌح‬
                                                                                                  ‫أ َوأْسن ِق َيس ِه ُّل ُز َ ْخر َِفقيتِ َفاي‪،.‬‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27